
بقلم – عبدالرحيم أحمد الشاعري – المدينة المنورة
قال أحد الزوار إنني لا أشعر بالغربة في طيبة الطيبة. قلت له يا صديقي إنها المدينة التي احتضنت خير الأنام – صلى الله عليه وسلم – أليست مهاجره وفيها مسجده وقبره ؟ لقد تنفس ثراها أثره ، وسار أهلها على منهجه ، و تنافس القوم من مهاجرين وأنصار فيه حبه ورضاه ، لقد فداه القوم بأرواحهم وأموالهم وناصروه، أليست المدينة يأرز إليها الإيمان أليست أحب البقاع إلى الله ؟ إنها كذلك بل وأكبر من ذلك. كم تبدو الدنيا ضئيلة عندما كنت أتأمل قبل سنوات حين أخرج من باب جبريل في الحرم النبوي الشريف فيكون أمامي البقيع ومستشفى الولادة والأطفال ( سابقًا ) إن هذين الموقعين يختصران مشهد الحياة الدنيا ، فمستشفى الولادة يمثل صالة قدوم إلى الحياة الدنيا والبقيع يمثل صالة مغادرة إلى الآخرة. يا لهذه الدار الفانية قد يخسر الإنسان كل أقربائه وأصدقائه في سبيل الحصول على شيء ظلمًا وعدوانًا، وربما طغى وبغى ونال الشهوات المحرمة فخرج خاسرًا دنياه وآخرته .
أي دنيا تستحق كل هذه الخسائر الفادحة ؟ العاقل من اتعظ وعمل لما بعد الموت (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) .