بقلم – أحمد صالح حلبي – مكة المكرمة
خلال زيارة قصيرة لأحد الشخصيات جذبتني مكتبته العامرة والتي وضعها بمكتبه الخاص داخل منزله ، ليظهر محبته للقراءة وحرصه على اقتناء الكتب المميزة ، وكقارئ عاشق للتاريخ والأدب ، وقفت أمام كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي ، والذي قرأته قبل سنوات ، فوجدت فيه جملة من الأخبار والأمثال والحكم والمواعظ والأشعار وغيرها ، فأعجبني اقتناء هذه الشخصية لهذا الكتاب الأدبي المميز ، ووجدت أن الطريق ممهد للحديث معه عن قرأته ، وأي من المجالات يهوى ، ولمن يقرأ من ادباء عصرنا الحاضر ، وكانت الصدمة المؤلمة التي لم أكن أتوقعها ، فمن ظننت أنه قارئ جيد اتضح أنه ( مسقف ) بالسين ، لا ( مثقف ) بالثاء ، وحينما سألته عن كتاب العقد الفريد ومؤلفه ، أجاب بأن الكتاب يتحدث عن عقد لولو اشتراه تاجر بسعر عال ليقدمه هدية يوم زفاف ابنته ، واتضح من إجابته أنه شخص يهوى شراء الكتب ووضعها داخل دولاب فخم ليظهر للآخرين أنه شخصية مثقفة !
فهل أصبح المال يصنع المثقف ؟
“ يبين ابن منظور في لسان العرب أن معنى ثَقَفَ: جدّد وسوّى، ويربط بين التثقيف والحذق وسرعة التعليم. ويعرف المعجم الوسيط الثقافة بأنها (العلوم والمعارف والفنون التي يطلب فيها الحذق) “ .
ويعرف تايلور: “ الثقافة هي ذلك المركب الكلي الذي يشتمل على المعرفة والمعتقد والفن والأدب والأخلاق والقانون والعرف والقدرات والعادات الأخرى، التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضواً في المجتمع
ويعريف كوينسي رابت الثقافة بأنها “ النمو التراكمي للتقنيات والعادات والمعتقدات لشعب من الشعوب، يعيش في حالة الاتصال المستمر بين أفراده، وينتقل هذا النمو التراكمي إلى الجيل الناشئ عن طريق الآباء وعبر العمليات التربوية “
فيما يعرف مالينوفسكي الثقافة بأنها “ جهاز فعال ينتقل بالإنسان إلى وضع أفضل، وضع يواكب المشاكل والطروح الخاصة التي تواجه الإنسان في هذا المجتمع أو ذاك في بيئته وفي سياق تلبيته لحاجاته الأساسية “ .
وهناك تعريفات أخرى مثل “ أن الثقافة هي الجهد المبذول لتقديم مجموعة متماسكة من الإجابات على المآزق المحيرة التي تواجه المجتمعات البشرية في مجرى حياتها، أي هي المواجهة المتكررة مع تلك القضايا الجذرية والأساسية التي تتم الإجابة عنها عبر مجموعة من الرموز، فتشكل بذلك مركباً كلياً متكامل المعنى، متماسك الوجود، قابلاً للحياة “ .
فمتى نفرق بين مكتبة الثقافة ، ومكتبة المفاخرة ، وندرك أن هناك فرق بينهما لأن الأولى أقرب إلى الثقافة والمعرفة ، والثانية حضرت للمباهاة ومسايرة الموضة .
للتواصل مع الكتاب ahmad.s.a@hotmail.com