
انطلقت،(الأربعاء)، الماضي أولى جلسات عمل “ندوة البركة” للاقتصاد الإسلامي، وحملت الدورة 43 عنوان “الاقتصاد الإسلامي وأصالة الاستدامة”، بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز في المدينة المنورة، بمشاركة مختصين وخبراء عالميين تثري نقاشاتهم ستة مباحث رئيسة وأكثر من 20 محوراً فرعياً، على مدى ثلاثة أيام (15-17) مارس الجاري.
وبدأت الجلسة الأولى تحت عنوان “مفهوم الاستدامة في الاقتصاد الإسلامي” بمشاركة عدد من الخبراء في الاقتصاد والشريعة الإسلامية، حيث ترأس الجلسة مدير إدارة الافتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بإمارة دبي أحمد الحداد، وقال إن الاستدامة التي جاءت عنواناً للندوة، دعا لها الإسلام في كل مطالبه ومقاصده وهي مصلحة اجتماعية، مبيناً أن ندوة البركة التي أسسها الشيخ صالح كامل -رحمه الله- مستدامة حيث يقوم أبناؤه بحمل الراية من بعده، مضيفاً أن مفهوم الاستدامة في الاقتصاد الإسلامي يقوم على التعمير وخدمة المجتمع وتتأصل فيه أخلاقيات المعاملات الإنسانية والإيمانية.
وقدم أستاذ فقه المعاملات المالية في كلية الشريعة بالمغرب الدكتور محمد قراط، ورقة علمية تناولت محور “مفهوم الاستدامة وعلاقتها بمقاصد الشريعة الإسلامية الخمسة”، وطرح من خلالها أسئلة عدة تمحورت حول التنمية المستدامة والإجابة عليها بالدلائل الشرعية.
وأشار إلى أن عمارة الأرض والاستخلاف لا يتعلقان بالحاضر فقط، ولكن بالمستقبل أيضاً، حيث يقوم الفرد بتحصيل معاشه ولغيره وكل من تعلق به مصلحة مما يرتبط بالتنمية المستدامة، لأنه أيضاً حفظ لحقوق الأجيال القادمة، مما يؤكد على أهمية الحفاظ على البيئة ومواردها.
في حين أكد رئيس هيئة الفتوى والرقابة الشرعية لمصرف السلام بدولة الجزائر الدكتور عز الدين بن زغيبة بالورقة العلمية التي عنونها بـ “منطومة الأخلاق الحاكمة وبعد الإحسان في العلاقات والتعاقدات” أن صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان هو محل اتفاق، مستدلاً على ذلك بالربط بين منظومة الأخلاق ومنظومة التشريع بالدين الإسلامي وفق الأدلة والتطبيقات الفقهية، كما أن الإحسان إلى الناس وإقامته في التصرفات الاقتصادية تترتب عليه علاقات مستدامة تحقق المعارف العليا للشريعة.
وتناول رئيس قسم الشريعة والقانون بجامعة الزيتونة بدولة تونس الدكتور إلياس دردور بورقته العلمية “قواعد المفاضلة بين الأعمال والسعي نحو الأكمل في الاقتصاد الإسلامي، مبيناً خلالها دور قواعد المفاضلة بالاقتصاد الإسلامي وفق عناصر الإنتاج والتبادل والاستهلاك والتوزيع، وأن الاقتصاد الإسلامي لا تتأسّس نظريته ولا تبنى عناصره إلا على ما أراد الشارع الحكيم.
كما أوضح وكيل جامعة المجمعة الدكتور مسلم الدوسري في ورقة علمية بعنوان “تحقيق الاستدامة من خلال قاعدة دفع الضرر وتطبيقاتها” أن التعاملات المندرجة في الجانب الاقتصادي تأخذ المكانة العليا في مقصد الاستدامة؛ بها تتحقق استقامة أحوال الناس في الدنيا وصلاح شأنهم فيها، وبذا يتحقق المقصد الأعظم من ورود الشريعة والمتمثل في تحقيق مصالح الناس الدنيوية والأخروية، وإذا كان دفع الضرر معززاً للحفاظ على مقصد الاستدامة من جانب العدم، فلا شك أنه المؤثر في استقامة شأن التعاملات الاقتصادية، وضمان استمرارها.
واختتمت الجلسة الأولى بورقة علمية للدكتور عمر حسين، الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية الدولية لإدارة السيولة بعنوان “المقارنة بين مفهومي الاستدامة في الاقتصاد الإسلامي والفكر المعاصر”، حيث أفاد أنه على الرغم من أن التنمية المستدامة لم يناقشها الفقهاء المسلمون الأوائل كمفهوم، ولكن تم ممارستها على نطاق واسع وموثق في المصادر الإسلامية.
وأكد على أنه تماشياً مع المبدأ الإسلامي المتمثل في عدم إلحاق الأذى بجميع الشؤون المدنية والتعاقدية، يجب أن يكون هناك تحول نموذجي بين صانعي السياسات من استراتيجيات تحقق صفر مخلفات وانبعاثات ضارة بالبيئة والإنسان.
الجلسة الثانية لـ “ندوة البركة”: الزكاة تؤمِّن ربع الناتج المحلي في بعض الدول
أكدت الجلسة الثانية لندوة البركة 43 للاقتصاد الإسلامي التي احتضنت أعمالها جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز بالمدينة المنورة، أهمية “القطاع غير الربحي ودوره في تحقيق الاستدامة”، وأشارت إحدى الأوراق العلمية إلى أن الزكاة التي جمعت في إحدى الدول الإسلامية بلغت نسبتها ربع الناتج المحلي، وهي أكبر من المبالغ المخصصة للأعمال الإنسانية الأخرى.
جاء ذلك خلال أعمال الجلسة التي ترأسها وزير المالية المصري الأسبق د. فياض عبدالمنعم، وتناولت الورقة الأولى التي قدمها د. أزمان محمد نور، و د. أشرف شرف الدين “من معهد التمويل الإسلامي، الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا” وعنوانها “إسهامات الزكاة والصدقات في التنمية المستدامة” الفرص التي تحققها الزكاة والصدقات، وذكر د. أزمان أن الزكاة تحقق كثيراً من الفرص، مشيراً إلى أن الزكاة التي جمعت في ماليزيا بلغت نسبتها 24٪ من الناتج المحلي، وهي أكبر من المبالغ المخصصة للأعمال الإنسانية الأخرى، لافتاً إلى أن أبرز المشروعات المطروحة خلق إطار لجمع وتوزيع الزكاة وذلك من خلال الذكاء الاصطناعي.
وأشار إلى أن الوقف يقدم ما لا يقل عن 3 مليارات دولار سنويا، وأن التنمية تهدف لتلبية حاجة الجيل الحاضر دون المساس بحاجات أجيال المستقبل، ومفهومها شامل ومتوازن وعادل، مضيفاً “الصدقة إنفاق طوعي أما الزكاة فإنفاق إلزامي، وهناك للأسف من لا يعرف أنها إلزامية، وأنها تطهر من الطمع والشح وتعالج الأنفس من ذلك، ودافع الزكاة موعود بالنعم لأنه شكر نعمة الله، وكسر الفجوة بين الأغنياء والفقراء”، مشيراً إلى أن الاحتكار ينشأ عنه ربح محرم، وعلة عدم مشروعيته إلحاقه الضرر بالغير.
كما ناقش مستشار المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة د. إبراهيم البيومي غانم، في ورقته “الوقف نموذج الاستدامة الفريد: بين الماضي والإمكانات المستقبلية”، مفهوم الاستدامة، واصفاً إياها بصرخة شكوى ضد الدمار بسبب توحش النظام الرأسمالي واعتدائه على البيئات والمجتمعات، وقال “نحن ضحايا لهذا الدمار، الذي يسبب اختلالاً بالعدالة، نحن نصطنع حواراً مع من لا يحاورنا، ويجب أن نصنع نماذج لمعرفة جديدة نافعة ومفيدة لا ترسخ تبعية المسلمين لأحد”، مشيراً إلى أن الممارسة الاقتصادية الإسلامية لها أنساق، منها السعي لتحقيق السبق والربح وأساسه العمل، وهناك ما يعرف بالمصلحة المرسلة التي تتحدد بالمناسب، والمناسب هو الذي لو عرض على العقول لتلقته بالقبول، ونسق العقلانية العامة لديها أداتان الزكاة والضرائب ولا يغني أحدهما عن الآخر.
وقدم سيد سعيد باشا “مدير تطوير الأعمال بالغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة في باكستان” ورقة علمية بعنوان “الوقف: نماذج من إمكاناته الحضارية: الوقف الأخضر نموذجا” عرض فيها لبعض المشروعات المستدامة؛ ومنها الاستفادة من أراضي الوقف في المشروعات الخضراء المفيدة مما يوقف التعدي على الأراضي، مشيراً إلى أن الوقف الزراعي ضارب في التاريخ الإسلامي وهو يهدف للعمل على استصلاح الأراضي الخصبة، من خلال الشراكة وتمويل المشروعات الخضراء، مستعرضاً بعض مشروعات الغرفة التي قامت على دراسات جدوى وأطر محددة، داعيا القطاع الخاص والبنوك التنموية للمساهمة في المشروعات المستدامة لأن الأثر سيكون خلاقاً، وذلك من خلال تحويل النقد الوقفي إلى دعم الأراضي، وإنشاء مؤسسات لإدارة الوقف تقوم بدراسة السوق “العرض والطلب” ورصد الأثر وقياسه، والوصول إلى الاندماج في جميع المشروعات المستدامة من خلال نماذج تمويلية مبتكرة.
واختتمت أعمال الجلسة الثانية بورقة بعنوان “القرض الحسن ودوره في الاستدامة الشخصية والمجتمعية” قدمها كبير الاقتصاديين في بنك شريعة إندونيسيا د. نجاران سوريا الذي ذكر أن القرض الحسن يؤمِّن التكافل والاستدامة، فمفهوم الإحسان في الإسلام يمتد لكل شيء، وطموحنا عال، فدورنا دور الخليفة على الأرض، لذلك يجب أن تكون اتجاهاتنا متنوعة ومتعددة.
من جهته، تحدث المعقب د. بشير ألايو عمر “عضو مجلس الخبراء الاستشاري في البنك المركزي النيجيري” عن الاستدامة وسعيها لتحقيق الفائدة للجميع عبر الأجيال، مبيناً أن الزكاة والوقف والقرض الحسن، ترمي لتحقيق المنفعة “والله يربي الصدقة ويمحق الربا، فالإنفاق خلف والإمساك تلف”، ومسألة العطاء هي التي تدفع الاستدامة، والإنفاق يزيد المال والبركة والخلف من الله عز وجل، منوهاً بأدوار الوقف الخيري الذي يحمل عنصر الاستدامة، ومستعرضاً التحديات التنظيمية والقانونية.
أما د. برهان الطريقي “أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والإدارة في جامعة صفاقس” فأكد أن الاقتصاد الإسلامي يمكنه معالجة المشكلات الاقتصادية في البلدان الإسلامية، ويجب الاستعانة بالعلماء والمرجعيات الاقتصادية لتحقيق ذلك.
وناقش خبراء ومختصين في مجالات الاقتصاد خلال جلسات اليوم الثاني لندوة البركة للاقتصاد الإسلامي في دورتها الـ 43 ،التي تُنظم تحت عنوان “الاقتصاد الإسلامي وأصالة الاستدامة”، وترأس الجلسة الرابعة عضو مجلس الحوكمة في أيوفي الدكتور وليد حجازي التي تناولت محور “المصارف الإسلامية وأثرها في التمكين للاستدامة، وأشار إلى أن مفهوم الاستدامة مستغرقة في مقاصد الشريعة وأولى بالرعاية والتطبيق وأننا علينا أن ننتج من الأدوات واللوائح والقوانين التي تعزز هذه الأهداف والمصارف الإسلامية عليها أن ترعى تلك المقاصد.
وانطلقت الجلسة الرابعة بورقة علمية بعنوان مؤشر مقاصدي لقياس استدامة المصارف الإسلامية” قدمها كل من أستاذ الاقتصاد والمالية، جامعة درهام، المملكة المتحدة الدكتور محمد أسوتاي، وأستاذ المالية والاقتصاد من جامعة دندي بالمملكة المتحدة الدكتور عليجا أفدوفيكش، وتناولت الورقة البحثية أن هناك ضرورة لدمج الاعتبارات غير المالية ، مثل الأثر البيئي والاجتماعي ، في أنشطة التمويل والاستثمار جنبًا إلى جنب مع الاعتبارات الاقتصادية المشتركة.
وأوصت الورقة أنه لتطبيق مبدأ المقاصد يجب على المصارف، الإبلاغ عن ممارسات الاستدامة الخاصة بها وكيفية استهداف مجموعات محددة من أصحاب المصلحة في تقارير الاستدامة الخاصة بها، والمراقبة والمراجعة والإبلاغ عن الامتثال لهذه المبادئ على أساس منتظم.
كما نوهت الورقة إلى ضرورة تطوير معايير الاستدامة بالمصارف وتقييم الأثر لأنشطتها التمويلية على أن يشمل قياس الأثر كلاً من المقاييس الكمية والنوعية مع مراعاة خصائص القطاع.
في حين قدم أستاذ الاقتصاد بجامعة الإسكندرية الدكتور عبدالرحمن يسري ورقة علمية بعنوان “نحو تحقيق أهداف المصرفية الإسلامية المستدامة” أوضح خلالها أهمية التفريق بين البنوك الإسلامية والمصرفية الإسلامية ، حيث طرح أن الطريق إلى استدامة “حقيقية” للمصرفية الإسلامية له أركان محددة ومنها استمرار نمو التمويل المصرفي الإسلامي المنضبط بضوابط الشريعة والأخلاق الإسلامية دون لجوء إلى أبواب الحيل الشرعية، وأن يكون هذا النمو قائما على الكفاءة والتنافسية في أسواق المال والأعمال، مضيفًا أن السبيل لتحقيق مثل هذه الكفاءة في السنوات المقبلة لن يتم إلا عن طريق الدخول الفعلي والجاد في مجال التمويل المباشر للأعمال في كافة القطاعات طريق المشاركات والمضاربات والمزارعة والمغارسة والمساقاة.
كما تحدث الدكتور ذو الكفل من جامعة العلوم الإسلامية الماليزية بورقة علمية بعنوان “الحوكمة المؤسسية والشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية ركن من أركان ضمان ممارسات مستدامة” وأشار فيها إلى أنه من المهم تعزيز الاستدامة في صناعة التمويل الإسلامي من خلال دمج الاستدامة في أعمالهم وعملياتهم، وتظهر الدراسة البحثية أن التمويل الإسلامي لديه إمكانات كبيرة لدعم أجندة الاستدامة بطرق مختلفة، وذلك من خلال النظر في الاتجاه والتطور الأخير للاستدامة في المؤسسات المالية الدولية. كما أضاف أنه يمكن أن تكون حوكمة الشريعة محركًا فعالاً لأجندة الاستدامة في التمويل الإسلامي.
واختتمت الجلسة الرابعة بورقة علمية فدمها عضو الأمانة العامة لمجلس الخدمات المالية الإسلامية الدكتور أحمد مختار بعنوان “السلطات الرقابية والهيئات الاشرافية ومؤسسات إصدار المعايير ودورها في تمكين الاستدامة” أكد فيها أنه لا يمكن إنكار أن قضايا الاستدامة والمخاطر المناخية قد أصبحت موضوعًا رئيسيًا للاهتمام في وضع المعايير المالية والقواعد التنظيمية، وزيادة الوعي بالتهديدات التي يشكلها تغير المناخ على الحضارة البشرية بأكملها.
وأضاف أن هناك جهدًا إضافيًا يجب أن تقوم به الصناعة لتكون على قدم المساواة مع نظيرها التقليدي.
ندوة البركة” تبرز نماذج عالمية لمشروعات الاستدامة في الاقتصاد الإسلامي.
استعرضت الجلسة الخامسة لمنتدى البركة 43 للاقتصاد الإسلامي الذي انطلقت أعماله في جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز بالمدينة المنورة “مشروعات ومبادرات الاستدامة: نماذج عالمية”، وترأس الجلسة د. سيد ناظم علي “مدير مركز الاقتصاد والتمويل الإسلامي في جامعة حمد بن خليفة”، حيث تناولت أربع أوراق عمل، شارك فيها الأستاذ شارجيل أحمد “مؤسس مشارك cykube,UK” من خلال ورقته “الاستدامة في الخدمات، نموذج B.Corporation” أبرز خلالها أهمية تلبية متطلبات المسؤولية المجتمعية والبيئية، واحترام معايير الحوكمة والشفافية تجاه المجتمع.
كما نوه أستاذ التمويل بجامعة كاردييف متروبوليتان د. عاصف زمان في ورقته “الاستدامة في القطاع الزراعي نموذج Fair-Trade” بصدارة المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي وأخذهم بزمام مبادرات الاستدامة من خلال تبني التنكولوجيا وتقليل الاعتماد على الاستيراد الزراعي من خلال التقليل التدريجي لاستيراد الحبوب.
وفي الورقة العلمية الثالثة: “التمويل الصغير والمتناهي الصغر من أهم مرتكزات الاستدامة” ذكر الأستاذ باسل رحمي، الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر في مصر، أن هذا النوع من المشروعات تبلغ نسبته العالمية 95٪ كونه المكافح الأول للبطالة والأكثر صموداً مع التقلبات الاقتصادية المتعددة، مشيراً إلى أنها في مصر لا تمثل أكثر 43٪ من الناتج المحلي، وهي نسبة ضئيلة أمام دول أخرى كإيطاليا التي وصلت 95٪، هذه المشروعات كفيلة بتقليل الأعباء الاقتصادية المتعددة والمساهمة، منوهاً بالتقدم التقني المذهل للمملكة العربية السعودية، خصوصاً في مجالات التطبيقات الخدمية وهو ذات الاتجاه الذي تسعى مصر للحاق به، مستعرضاً جانباً من جهود دولته في تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر حيث تم وضع تعريفات موحدة وأسس مبسطة للمعاملة الضريبية وتيسير الإجراءات، وكذلك تسهيل إتاحة التمويلات وتوفيق أوضاع المشروعات العاملة، ووضع حوافز للمشروعات المتميزة، مستعرضاً أمثلة لأنواع التمويل للمشروعات الصغيرة وآلياتها.
في حين ناقش عضو مجلس الإدارة لصندوق طابونج حاجي الماليزي د. أشرف هاشم في الورقة العملية الرابعة “صندوق طابونج حاجي الماليزي ودوره في تحقيق الاستدامة”، متناولاً التحديات والمخاطر وكيفية التخفيف من حدتها ورحلة النجاح، مشيراً إلى أن الصندوق من أوائل المؤسسات الإسلامية التي كانت تتلقى الإيداعات وتعطي عوائد محدودة، وذلك في الستينيات من القرن الماضي، متحدثاً عن طريقة إدارة الأموال ونجاحاتهم، وكذلك مهام الصندوق والاهتمام بجودة الاستثمار، لعدم وجود حملة أسهم له فإدارته موكلة عن جميع المودعين، مضيفاً “لا نأخذ إلا كلفة الاستثمار وهي لا تتجاوز 1٪ من قيمة الوديعة وهي نسبة معقولة، وكل مبالغ ربح تضاف تلقائياً للمودع، بل يستطيع المودع أن يودع أمواله ويستعيدها بعد ساعة لو أراد وهذا غير متحقق في بقية البنوك والمؤسسات الاستثمارية”.
ولفت إلى أن عدم التوافق بين التوقعات العالية للمودعين والأرباح المتوقعة هي أبرز العقبات والتي تم تذليلها من خلال منح حافز للمودعين، ولكن كلفته العالية بعد سنوات عدة دفعتهم لاجتزاء المبلغ من الأرباح، كما استعرض جملة من المشاركات الاستثمارية للصندوق، وذلك في قطاعات العقارات والخدمات المالية وتكنولوجيا المعلومات وكذلك المشروعات البحرية، مؤكداً أن أهم أطر العمل قائمة على النزاهة كون المؤسسة غير ربحية وتسعى لتطبق الاستدامة تعتمد كل مبانيها ومنشآتها على الطاقة النظيفة من طاقة شمسية وغيرها، فصحة البيئة والحوكمة الاجتماعية في مقدمة الاهتمامات.
ختام جلسات “ندوة البركة” باقتراح إطلاق مؤشر المدينة لاستدامة الاقتصاد الإسلامي
اختتمت، أمس الخميس، جلسات ندوة البركة الـ 43 للاقتصاد الإسلامي؛ التي احتضنتها جامعة الأمير مقرن بالمدينة المنورة بجلسة حوارية حول “الاقتصاد الإسلامي والاستدامة بين الواقع والمأمول” ترأسها الرئيس التنفيذي للمركز السعودي للتحكيم التجاري د. حامد ميرة، وضمت الأمين العام لمنتدى البركة للاقتصاد الإسلامي يوسف بن حسن خلاوي، ورئيس الهيئة الشرعية المركزية بالبنك المركزي الماليزي د. أشرف هاشم، والرئيس العالمي للقطاع الشرعي لمجموعة مصرف أبوظبي الإسلامي د. أسيد الكيلاني، ومؤسس “سبيد فينشرز” في المملكة المتحدة فراز خان.
وتضمنت الجلسة اقتراحاً من المشاركين بإطلاق مؤشر المدينة المنورة للاستدامة في الاقتصاد الإسلامي “لعرض بضاعتنا للعالم وإسماعهم صوتنا وحماية أنفسنا من فرض ما يخالف قيمنا ومبادئنا”، حيث شدد د. ميرة على أن العالم يتداعى لمواجهة التحديات؛ ومنها التنمية المستدامة التي تقاس كل عام من خلال مجموعة من المبادرات، متسائلاً عن موقف الاقتصاد الإسلامي من المبادرات الأممية وتأصيلها من خلال المقاصد والفروع الفقهية، مشيراً إلى أن الشريعة تتسع لما هو أشمل من تلك المبادرات، وتلتقي مع الاستدامة في معالجة الفقر والبطالة والصحة والتعليم، ومحاولة قراءة واقع اقتصادنا الإسلامي والطيف الواسع لمؤسساته من مبادرات التنمية المستدامة.
في حين أجاب يوسف خلاوي عن تساؤل حول مدى تحفظ الاقتصاد الإسلامي على الجهد الأممي، مشيراً إلى وجود منظومتين للاقتصاد إسلامية وأخرى تقليدية أو وضعية، داعياً إلى تقليص أثر الإفساد الرأسمالي المتوحش الذي لا ينظر إلا للربح على حساب المزيد من الأزمات البيئية والاجتماعية، مضيفاً “القرض الحسن ليس موجوداً إلا في الكتب فهو نظري، أما على الجانب العملي فنحن نحتاج لتقارب بين الجانبين حتى لا يكون هناك تراجع، وكذلك الاستدامة غير موجودة سوى على شكل نظري مبعثر، والتطبيق العملي مطلوب”، مؤكدا” أن منتدى البركة منفتح على جميع التجارب العالمية ويركز على المفاهيم، فنحن بحاجة لأن نتحرك ونسهم في الحراك العالمي.
وقال د. أشرف هاشم “عندما نجتهد في شرعية أي منتج يجب أن نفهم خمسة مبادئ: المسألة، الواقع، النصوص، المقاصد، المآلات، نحن بحاجة لمعلومات كافية لنوازن بين المصالح العامة والخاصة، وأحكام سد الذريعة، هذه المسؤولية تستدعي تضافر الجهود بشكل جماعي لنرسم المسار الواضح للمؤسسات الإسلامية، كان تركيزنا السابق على الخروج من المعاملات الربوية، والآن يجب أن نطمئن للحلال الطيب”.
من جهته، تساءل د. أسيد الكيلاني “هل قدمت الاستدامة للمشتغلين بالعمل الشرعي بصورة تؤسس لتصور واضح في أذهانهم لتكون فتواهم متوافقة مع ذلك؟”، مضيفاً أن الاستدامة على اتساعها من اليسير الوصول للمحمود منها من خلال مقاصد الشريعة، لكنها اليوم تقدم بتصورات عقلية مصلحية انطلقت من نظرة الغرب للحياة والحفاظ على مصالحهم، وبسبب مدنيتهم جاءت المفاسد التي أقضت مضاجعهم للالتفات لهذه المعاني، ولا نبرئهم من أهداف الوصول لأغراضهم الخاصة، فيجب ألا نكون مجرد متلقين فقط منشغلين بتأصيل ما ينظرون، علينا أن نبادر من عندنا بأن نضع تصورنا الأصيل بصورته المشركة بعد أن نحدد كل قسماته، حتى لا نفاجأ بما لا يحمد باندفاعنا نحو ما يلحق الضرر بنا، فمصرفيتنا الإسلامية قائمة على البعد عن الربا وهو ماحق لكل استدامة، فإن لم نرفعه لن نضع قدمنا في أول طريق الاستدامة، شاهدنا كيف فنيت وتبخرت تلال من الأموال خلال الأزمات العالمية.
وأضاف: الاستدامة تسعى لديمومة مادة الحياة لخدمة الإنسان، مشيرا إلى أهمية الإقناع العقلي للمنتج أو النظام الإسلامي من خلال تجويده ليسهل نشره، مقترحاً إيجاد مؤشر المدينة للاستدامة في الاقتصاد الإسلامي، وعرض بضاعتنا للعالم وإسماعهم صوتنا وحماية أنفسنا من فرض ما لا نريد.
وذكر الأستاذ فزار خان أن النظام الأخلاقي الإسلامي يحول العالم لمكان أفضل، هناك تناقضات قائمة بين ما نؤمن به وما نطبقه، فنحن نعيش ردود أفعال لأزمات عالمية، يجب أن نتخذ موضعاً لنا وأن يكون حوارنا فعالاً وليس منفرداً، وهذه فرصة ذهبية لاقتصادنا، مقترحاً وجود مؤشر لاستدامة الاقتصاد الإسلامي ليتعلم الغرب مما نعمله، في البداية من خلال بورصة مالية واحدة.
وتلى الجلسة الختامية ورشة بعنوان “تطور أفكار ونماذج الاستدامة في الاقتصاد المعاصر” قدمها الدكتور عاصف زمان، أستاذ التمويل بجامعة كاردييف، بالمملكة المتحدة.
ندوة البركة تختتم أعمالها بورشة “أخلاقيات المهنة” وتعلن عنوان ندوة العام القادم.
اختتمت ندوة البركة” للاقتصاد الإسلامي أعمالها حيث حملت الدورة 43 عنوان “الاقتصاد الإسلامي وأصالة الاستدامة”، بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز في المدينة المنورة، وشارك فيها مختصين وخبراء عالميين أثرت نقاشاتهم ستة مباحث رئيسة وأكثر من 20 محوراً فرعياً، استمرت على مدى ثلاثة أيام (15 – 17) مارس الجاري.
ووجه الأمين العام لمنتدى البركة للاقتصاد الإسلامي الأستاذ يوسف خلاوي في كلمته الختامية لأعمال جلسات الندوة جزيل الشكر للمشاركين من الخبراء والمهنيين والأكاديميين، مشيدًا بالأوراق البحثية التي طرحت خلال فعاليات الندوة، ومثمنًا للتوصيات التي قدموها التي من شأنها ستساهم في أن تكون لنا مبادرة إيجابية لتجميعها وصياغتها وطباعتها.
وأكد الأمين العام عن احتضان منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي ما لا يقل عن 10 باحثين من حول العالم في كل عام سيتكلف بحضورهم لندوة البركة، داعيًا الأكاديميين بأن يساعدوا في وضع معايير التقديم والاختيار على أن تطبق بدءا من الندوة 44.
كما أعلن الأستاذ يوسف خلاوي عن موضوع ندوة البركة 44 خلال العام القادم وهو “مقاصد الشريعة: الإطار الناظم للاقتصاد الإسلامي” وذلك بحيث يكون تطبيقا وولوجًا في المقاصد الجزئية وليس تنظيرًا.
وقدم نائب رئيس مجلس الحوكمة والأخلاقيات بأيوفي الدكتور وليد حجازي في ختام الندوة يوم أمس الجمعة ورشة عمل بعنوان “مدونة الأخلاقيات للمهنيين في مجال التمويل الإسلامي الصادر عن أيوفي”، وقدم خلال الورشة شرحًا عن معايير أخلاقيات المهنة والمعايير الشرعية لمنسوبي المؤسسات المالية الإسلامية والجهات المتصلة بها.
حيث تهدف الورشة إلى الوقوف على رأي نخبة من العاملين بمجال المصرفية الإسلامية، وتشجيع المختصين في التمويل الإسلامي على الالتزام بمعايير الأخلاقيات.