في حوار رمضاني – لـ الكفاح نيوز – الدكتور عثمان قزاز – رمضان في مكة المكرمة طابع روحاني مميز حيث المسجد الحرام.
اكد الدكتور – عثمان قزاز عضو هيئة التدريس بجامعة ام القرى بمكة المكرمة ان ذكريات رمضان الماضي ذكربات جميلة لا تنسى خاصة في مكة المكرمة حيث المسجد الحرام التي تتجلى فيه الروحانية وعبقها الا يماني بأجمل صورها وان كانت اجواء مكة المعظمة وبشكل عام تشعر فيها بروحانية هذا الشهر الكريم وبشكل فريد عن بقية بقاع الارض وقال انه صام مبكرا منذ طفولته فقد تربى في كنف اسرة مكية تربي ابنائها على تحمل المسؤولية مبكرا ومن ضمنها التعود على الصوم منذ الصغر بدعم وتشجيع افراد الا سرة حيث كان يسمع والده وهو يتحدث عن اهمية الصيام وفضائله مما جعله يقرر الصيام قبل سن البلوغ بسنوات بطريفة التدرج حتى استطاع ان يكمل اليوم كاملا وهو في بواكير طفولته.
وتطرق الدكتور – قزاز لذكريات رمضان قديما في ام القرى وتكاتف وتعاون الجيران في الحارة وتبادل مختلف الاطباق الرمضانية الشعبية اللذيذة وسط حارة تشكل مع بعضها بيت واحد تسوده المحبة والا لفة الكل يعرف الاخر بعكس اليوم حيث تباعد الناس عن بعضهم في المخططات واطراف المدينة وافتقدوا نكهة الحارة الشعبية المكية وترا بط سكانها مع بعضهم البعض كجيران وفال لا زلت اتذكر ليالي رمضان قبل عقود طويلة وكانت ليال جميله نحييها كأطفال وفتيان وشباب بمختلف الا لعاب المسلية مثل الفرفيرة والضومنة والمداريه وكانت الحارات تضاء بالفوانيس وكنا نسمع ونستمتع بأصوات مفرقعات الطراطيع لتبدو وكأنها ليلة عرس وكانت المأكولات الشعبية تنتشر وسط الحا رات مثل الكبدة والبطاطس واليغمش والبليلة والسوبيا وغيرها من المأكولات والمشروبات الحجازية المعروفة التي نفتقد في رمضان اليوم جميع صورها وطابعها الجمي.
وقال الدكتور – عثمان انه عاش رمضان خارج المملكة سنوات الدراسة العليا مبتعثا لبريطانيا لمدة عشر سنوات الامر الذي جعلة يفتقد روحانية وطابع الصيام في المملكة وخاصة مكة المكرمة ففي الوطن يشعر الانسان بشهر الصوم وعظمته فكل ماهوا حوله يشعره بذلك انه فعلا يعيش ايام وليال هذا الشهر الكريم – وفيما يلي نترككم مع ما قاله ضيفنا دكتور عثمان قزاز.
*تظل ذكريات رمضان عالقة في الاذهان هل ثمة ذكريات ما زالت تعاودكم كل ما هل الشهر الفضيل؟
**ذهبت بي بعيداً الى ذكريات قديمة قبل عقود في مكة المكرمة، هذه المدينة الفاضلة التي تشهد اجواء مختلفة عن بقية مدن العالم في شهر رمضان المبارك كونها تحتضن الحرم المكي، فيأتي اليها الملايين من ضيوف الرحمن من كل مكان ليعيشوا معنى رمضان ، وليؤدوا عمرة رمضان التي تساوي حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث.
*اين اعتدت أن تفطر في أول يوم في رمضان.
**تكتمل فرحتنا جميعاً في العائلة الصغيرة والكبيرة بحلول شهر رمضان حينما نتناول طعام الافطار في اول ايام الشهر عند الوالد رحمه الله والوالدة حفظها الله، وما تزال هذه السُنة العائلية ممتدة حتى اليوم ولله الحمد والمنة.
*هل يمكن التعرف على أول عام قررتم فيه الصوم وكم كان عمركم؟
**تربيت في كنف اسرة مكية تربي ابناءها كابراً عن كابر على تحمل المسؤولية المبكرة، ومن ذلك الصيام المبكر، فمنذ ايام الوعي الاولى في حياتي وانا اسمع ابي رحمه الله يدعو الى اهمية الصيام، وهذا ما جعلني اصوم قبل البلوغ بسنوات، وبالطبع شأني شأن الكثير حينما صُمت بتدرج حتى اكملت يوما كاملاً في بواكير عمري.
*حدثنا عن الفرق بين رمضان قديما وفي الوقت الراهن.
**اشياء كثيرة تغيرت بين رمضان الماضي ورمضان الحاضر، حينما كنا قديما نعيش في الحارة التي يعرف اهلها بعضهم بعضها، بينما اليوم نعيش في احياء مترامية الاطراف لا يعرف اهلها بعضهم البعض كما ان واقع الحارة قديما قبل عقود كانت تحيا فيه ليالي رمضان بالألعاب مثل الفرفيرة والضومنه، وتضاء الحارة بالفوانيس ومفرقعات الطراطيع لتبدو وكأنها في ليلة عرس، وتنتشر في جنبات الحارة بسطة الكبدة والبطاطس والبليلة والسوبيا، وغيرها من الاجواء الرمضانية الحجازية التي نتفقد الكثير منها اليوم، والتي يتم احياؤها الان في بعض المهرجانات الرمضانية في خطوة سياحية جميلة.
*اجتماع أفراد الأسرة حول سفرة واحدة في رمضان ماذا يعني لكم.
**تقل اوقات العمل الرسمي في رمضان لدى الجميع وحتى اوقات الدراسة كذلك، مما يفتح الفرصة اكبر للتجمع العائلي في شهر رمضان شهر صلة الارحام، ويعني اجتماع العائلة الصغيرة والكبيرة التضامن والوئام الجميل، فجيش الانسان عائلته التي تخفف عنه صعوبات الحياة، وتساعده نفسيا ومعنويا في اجتياز تحدياتها على الدوام.
*هل سبق وأن صمت خارج المملكة؟
**كوني عشت متبعثاً في بريطانيا عشر سنوات فهذا جعلني اعيش تجربة صيام بعض ايام رمضان خارج السعودية.
*ما الفرق بين الصيام داحل المملكة وخارجها؟
**يكمن الفرق في افتقاد الاجواء الروحانية، ففي رمضان يتغير برنامج السعودية كاملة بينما يستمر واقع الحياة كما هو في خارج السعودية، وهذا ما يجعل الصيام خارجها اكثر صعوبة، ونسأل الله القبول من الجميع.
*حدثنا عن البرامج التي اعتدت عليها خلال أيام هذا الشهر الفضيل؟
**طبعا احاول دائما ختم القران الكريم ولو لمرة واحدة طوال الشهر، كما احاول ان أُكثر من زيارات صلة الرحم التي تشغلنا عنها الاعمال طوال العام، واحاول ان امكث كثيرا مع عائلتي، فرمضان فرصة يتجدد فيها اللقاء مع الاحبة وحتى الخلوة بالنفس.
*هل هناك وجبة معينة تحرص على تناولها خلال إفطار رمضان؟
**كلما تقدم السن بالإنسان كلما اصبح يركز على نوعية الطعام وليس كميته، اضافة الى تركيزي على تناول الطعام الصحي بكميات معقولة تُقيم صُلبي في نهار رمضان.
*رفاق الطفولة والصبا والدراسة هل تنتهز فرصة رمضان للقاهم؟
**كما اسلفت لك رمضان فرصة للقاء العائلة والاحباب من الاصدقاء القدامى والجدد على موائد الافطار او السحور.
*في الماضي كان الجيران يتبادلون الأطباق الرمضانية والحلويات هل ما زالت هذه العادة موجودة ام تلاشت في إيقاع الزمن؟
**كما بينت لك في آنف الحوار بأن هذه العادات كانت كثيرة في الحارة التي تتقارب فيها البيوت ويتعارف سكانها، بينما اليوم تقاربت البيوت وابتعدت النفوس والكثير اصبح مشغول بنفسه! ولكنني اعتقد انها ما تزال موجودة لدى البعض خصوصا في العمائر اكثر من الفلل.
*كيف كانت الاستعدادات لرمضان قديما؟
بتجهيز الحارة وتهيئة البيوت بالفوانيس، وغيرها من مشاهد رمضان، اضافة الى شراء الاواني، وبعض المواد الغذائية، وتضمين قائمة مواعيد الزيارات على الافطار او السحور وسط اجواء اخوية رائعة.
*وسائل التواصل الاجتماعي هل ترى انها ألغت التواصل بين الأهل والجيران؟
**نقول عنها في الاعلام (قرَّبت البعيد، وبعَّدت القريب)، ولكيلا نقسو عليها فرمضان ما يزال صامدا امام الكثير من المتغيرات، فما زلنا نرى اجتماعات العائلة الرمضانية والاهل والاصحاب حتى اليوم، ولكن سيبقى المزعج فيها هو انشغال البعض بها عن من يشاركونه ذات المجلس!! واتوقع انه قليل.
*هل تمارس اي نوع من الرياضة في ليالي رمضان؟
**يحتاج الانسان كلما تقدم في السن اكثر الى ممارسة الرياضة كما يقول الخبراء، وعليه فإنني من عشاق رياضة المشي بعد التراويح، او حتى احيانا بعد صلاة الفجر، واحيانا النزول من الحافلة والمشي الى الحرم المكي والعودة منه تعتبر رياضة.
*هل تشاهد المسلسلات والبرامج الرمضانية؟
**اذا جلست العائلة على الافطار في رمضان قد يتابعون ما يظهر على الشاشة حينها وقد اشاركهم اللحظة فقط، وحينما اجد الفرصة اتابع بعض البرامج الحوارية التي تكثر في رمضان مثل: (من الصفر مع النويصر، والليوان مع المديفر، والراحل مع الخميسي) ففيها من الفائدة الكثير.
*حدثنا عن الأكلات الرمضانية التي تعيدك إلى ذاكرة الماضي في رمضان.
**السنبوسة والشوربة والكبدة والفول والعاشورية والكنافة، هذه كلها وغيرها يذكروني برمضان الماضي الجميل.
*ما الذي تفتقده من تفاصيل رمضان الأمس؟
**انا اميل دائما الى عدم القسوة على الزمان الحاضر، وأرى بان الزمن الجميل يوجد في الماضي والحاضر وحتى المستقبل، “فنُسختنا الافضل دائما ترافقنا في شتى فصول الحياة” واعتقد ان اكثر شيء افقده في رمضان هو فقد من رحلوا من الدنيا مثل ابي رحمه الله، وغيره من الاقارب والاحبة الذين ادعو لهم بالرحمة في هذا الشهر الفضيل، وان يجعلهم الله من عتقائه من النار.