
بقلم / خالد وهيب / مكة المكرمة
المواقف الطريفة طبيعة في حياة الأنسان ، ومنها ما يظل راسخا في أذهان البعض ولا ينسى ، ويحمل صفة ( أطرف موقف ) في حياتهم ، وعن نفسي مررت بموقف طريف أعتبره ( الأطراف ) و ( الأظرف ) في حياتي ، وكلما أتذكر هذا الموقف بالرغم من أنه مضى عليه أكثر من ربع قرن من الزمن ، أبتسم نظرا لطرافته وظرافته في نفس الوقت .
وهذا الموقف الذي لا أنساه ما حييت كان في عام 1415 ، وتحديدا في حي العزيزية بمكة المكرمة ، فعندما كنت أقود سيارتي و ( ماسك ) خط الخدمات تفاجأت بدخول سيارة من الخط الرئيسي إلى خط الخدمات وإصتدمت بها ، خرج صاحب السيارة وهو منفعل ويقول لي أنت غلطان وأنا أقول له أنت الغلطان بسبب دخولك المفاجئ وعدم إعطائك إشارة تفيد بالدخول ، وبدا كل واحد منا مشحون و ( زعلان ) على ما لحق بسيارته من ضرر على أثر حادث التصادم ، وجلسنا نتحرى رؤية أي دورية مرور لأن أيامها لم يكن فيه جوالات ، وطول فترة الإنتظار كل واحد يلوم الأخر ويحمله مسؤولية الحادث ، وشاهدنا دورية المرور وأشرنا لها من أجل تسجيل الواقعة من جهة وتحكيم الخطأ على من ( فينا ) ، خرج العسكري من الدورية قائلا ( سلامات ) ، قلنا له ( الحمد لله سلامات ) ، وكان أنذاك كل واحد منا يسعى بأن يكون الحق معه ، أنا أقول أنه هو الغلطان وهو يقول هو الغلطان ، ظل ( العسكري ) يرمقنا بعناة ، وقال ( ها تو رخصكم ) ، وبادر كل واحد بإخراج رخصته وأعطيناه إياها ، أخذ العسكري الرخصتين وأخرج ( بوك ) من الدورية لكتابة محضر الحادث ، وعندما وضع البوك والرخصتين على مقدمة الدورية ، لمحت رخصة الطرف الأخر في الحادث وقرأت أسمه ( جمعه خياط ) ، وقلت في نفسي ( إ يش سويت يا ولد !! ..
جمعه ما غيره !! ) ، فهذا الشخص كنت أسمع صوته عبر الهاتف الثابت ما بين 3 إلى 4 مرات في الإسبوع تقريبا ، وأعرفه ويعرفني صوتيا فقط ،أما شكليا لأ أعرفه ولا يعرفني ، فقلت له الأستاذ ( جمعه خياط ) قال نعم ، قلت له أنا ( خالد وهيب ) ، تغير الرجل مائه وثمانون درجة وقال أهلا .. أهلا تسالمنا وتعانقنا ، والعسكري يشاهد الموقف متعجبا وكأنه يقول ( إ يش السالفة .. توهم متخاصمين وكل واحد يحمل الخطأ الأخر ) ، نظرنا إلى العسكري وقلنا له بصوت واحد ( أحنا متنازلين ولا يريد أحد شيء من الأخر ) ، وكل الذي نريده محضر بالحادث من أجل إستخراج ورقة إصلاح لسيارته ولسيارتي .
تجاوب عسكري المرور مع طلبا ، وبعد ما أخذنا محضر الحادث من أجل إستخراج ورقة الإصلاح لسيارته ولسيارتي تودعنا وذهب كل واحد في حال سبيله .
و حبيبنا ( جمعه خياط ) الذي عرفته وجهيا لأول مرة وقت الحادث ، وقبلها أعرفه صوتيا فقط ، كنت كما أسلفت أسمع صوته ويسمع صوتي هاتفيا في الأسبوع تقريبا 4 مرات ، وكان حينها مسؤول عن العلاقات العامة في إحدى القطاعات ، وكان يرسل شبه يوميا المواد الصحفية التي تخص الجهة التي يعمل فيها عن طريق الفاكس لمكتب الصحيفة التي أعمل فيها ، وبعد إرساله المادة كان يحرص على الإتصال على رقم هاتف المكتب من أجل الاطمئنان على وصول المادة وفي معظم الأوقات التي يتصل فيها أنا الذي أرد على اتصاله ، وكنا نتبادل الحديث في أمور الصحافة وظللنا على هذا الحال لقرابة العامين ، حتى جاء وقت الحادث الذي كانت فيه الأمور محتدمة بيننا ، ولم اعرفه إلا بعد قراءة أسمه في رخصة القيادة الخاصة به ، وكان هذا الموقف من أطرف المواقف في حياتي .
قبل الختام
مثل ما أنه ما يوجد مواقف طريفة في حياة البشر ، أيضا يوجد مواقف محرجة ، والمواقف الطريفة ترسم خلفها إبتسامة ، أما المواقف المحرجة ترسم خلفها القلق والتوتر ، ولا يتمنى أحد أن يقع فيها .
وأخيرا كل عام وأنتم ومن تحبون بخير و ( عيدكم أضحى ، وحياتكم أزهي ) .