
بسم الله الرحمن الرحيم, وبه, ثقتي, هكذا بدا أبو حيان التوحيدي كتابه الكنز ( كتاب البصائر والذخائر). كتاب يجعلك تبصر النور والجمال والحكمة وذخيرة لك في حياتك وفي مماتك لو جعل الله في قلبك شيء من تلك الحكمة والقول الحسن والعمل به. كلام ليس كباقي الكلام وحكمة قل ان تجدها عند احد من الناس, قديما او حديثا. هناك كلمات تهز الأبدان وتجعلنا في حيرة شديدة نتسائل, كيف أتت له تلك الكلمات التي نحسبها كلمات فقط ولكنها مركبة تركيبا جميلا ومرصوصة كعقد من اللؤلو, متناس وبديع.
قال أبو حيان التوحيدي في مقدمة الجزء الأول: “اللهم إني أسألك جداً مقروناً بالتوفيق، وعلماً بريئاً من الجهل، وعملاً عرياً من الرباء، وقولاً موشحاً بالصواب، وحالاً دائرة مع الحق؛ نعم، وفطنة عقل مضروبة في سلامة صدر، وراحة جسم راجعة إلى روح بال، وسكون نفس موصولاً بثبات يقين، وصحة حجة بعيدة من مرض شبهة، حتى تكون غايتي في هذه الدار مقصودة بالأمثل فالأمثل، وعاقبتي عندك محمودة بالأفضل فالأفضل، مع حياة طيبة أنت الواعد بها ووعدك الحق، ونعيم دائم أنت المبلغ إليه.اللهم فلا تخيب رجاء من هو منوط بك، ولا تصفر كفاً هي ممدودة إليك، ولا تذل نفساً هي عزيزة بمعرفتك، ولا تسلب عقلاً هو مستضيء بنور هدايتك، ولا تعم عيناً فتحتها بنعمتك، ولا تحبس لساناً عودته الثناء عليك، وكما أنت أولى بالتفضل فكن أحرى بالإحسان: الناصية بيدك، والوجه عان لك، والخير متوقع منك، والمصير على كل حال إليك، ألبسني في هذه الحياة البائدة ثوب العصمة، وحلني في تلك الدار الباقية بزينة الأمن، وأفطم نفسي عن طلب العاجلة الزائلة، وأجرني على العادة الفاضلة، ولا نجعلني ممن سها عن باطن ما لك عليه، بظاهر ما لك عنده، فالشقي من لم تأخذ بيده، ولم تؤمنه من غده، والسعيد من آويته إلى كنف نعمتك، ونقلته حميداً إلى منازل رحمتك، غير مناقش له في الحساب، ولا سائق له إلى العذاب، فإنك على ذلك قدير.”
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا على نعمة الذوق والتذوق, ولو لم تحس بإحساسي الآن وانا اكتب هذه الكلمات, لكان هذا خطب جلل, ولو كنت مكانك لزرت حكيما يكتب لك من دواء, فيه شفاء مما أعياك وغلق عليك الفهم.
ومن الكتاب ايضا ذكر أبو حيان التوحيدي انه كتب أحمد بن إسماعيل إلى ابن المعتز رقعة في فصل منها يصف الحق بقوله: ولم أر كالحق أصدق قائلاً، ولا أفضل عالماً، ولا أجمل ظاهراً، ولا أعز ناصراً، ولا أوثق عروة، ولا أحكم عقدة، ولا أعلى حجة، ولا أوضح محجة، ولا أعدل في النصفة، لا يجري لأحد إلا جرى عليه، ولا يجري على أحد إلا جرى له، يستوي الملك والسوقة في واحته، ويعتدل البغيض والحبيب في محضه، طالبه حاكم على خصمه، وصاحبه أمير على أميره، من دعا إليه ظهر إليه برهانه، ومن جاهد عليه كثر أعوانه، يمكن دعاته من آلة القهر، ويجعل في أيديهم آلة النصر، ويحكم لهم بغلبة العاجلة، وسعادة الآجلة؛ ولم أر كالباطل أضعف سبباً، ولا أوعر مذهباً، ولا أجهل طالباً، ولا أذل صاحباً، من اعتصم به أسلمه، ومن لجأ إليه خذله، يرتق فينفتق، ويرقع فينخرق، إن حاول صاحبه بيعه بارت سلعته، وإن رام ستره زادت ظلمته، لا يقارنه البرهان، ولا يفارقه الخذلان، قد قذف عليه بالحق يدمغه ويقمعه فيمحقه، صاحبه في الدنيا مكذب، وفي الآخرة معذب، إن نطق دل على عيبه، وإن سكت تردد في ريبه.
اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه والعمل به ونجنا من فتن الدنيا والآخرة واجعلنا من عبادك المخلصين.
للتواصل مع الكاتب Adel_al_baker@hotmail.com