
عَشِيقَتِي حَوْرَاء
لَها خَصْلَةٌ سَوْدَاءٌ
فِي رُدْهَةٍ مِن الحَيَاءِ.
مَتَى مَا الْتَقيْتُهَا تَأمّلتَ ثَوْبَهَا
فَإِذَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنْ جُدْرَانِ فُؤَادِي.
ومن المقامة الإسكندرية للحريري: “(قالَ الحارثُ بنُ هَمّامٍ: طَحا بي مَرَحُ الشّبابِ. وهوَى الاكتِسابِ. الى أن جُبْتُ ما بينَ فرْغانَةَ. وغانَةَ. أخوضُ الغِمارَ. لأجْني الثّمارَ. وأقْتَحِمُ الأخْطارَ. لكَيْ أُدرِكَ الأوْطارَ. وكُنتُ لَقِفْتُ منْ أفْواهِ العُلَماء. وثَقِفْتُ منْ وَصايا الحُكَماء. أنهُ لْزَمُ الأديبَ الأريبَ. إذا دخَلَ البلَدَ الغريبَ. أنْ يَستَميلَ قاضِيَهُ. ويستَخْلِصَ مَراضِيَهُ. ليشْتَدّ ظهرُهُ عندَ الخصامِ. ويأمَنَ في الغُربَةِ جَوْرَ الحُكّامِ. فاتّخذْتُ هذا الأدَبَ إماماً. وجعلْتُهُ لمَصالحي زِماماً. فما دخلْتُ مَدينةً. ولا ولَجْتُ عَرينَةً. إلا وامتزجْتُ بحاكمِها امتِزاجَ الماءِ بالرّاحِ. وتقوّيْتُ بعِنايَتِهِ تقَوّي الأجْسادِ بالأرْواحِ. فبَينَما أنا عِندَ حاكِمِ الإسكنْدَريّةِ. في عشيّةٍ عرِيّةٍ. وقد أحضَرَ مالَ الصّدَقاتِ. ليَفُضّهُ على ذوي الفاقاتِ. إذْ دخَل شيخٌ عِفْرِيَةٌ. تعْتُلُهُ امرأةٌ مُصْبِيَةٌ. فقالت: أيّدَ اللهُ القاضيَ. وأدامَ بهِ التّراضي. إني امرأةٌ من أكرَمِ جُرثومَةٍ. وأطْهَرِ أرومةٍ. وأشرَفِ خُؤولَةٍ وعُمومَةٍ. مِيسَمي الصَّونُ. وشيمَتي الهَوْنُ. وخُلُقي نِعْمَ العَوْنُ. وبيْني وبينَ جاراتي بوْنٌ. وكان أبي إذا خطَبَني بُناةُ المجْدِ. وأرْبابُ الجَدّ. سكّتَهُم وبكّتَهُم. وعافَ وُصلَتَهُمْ وصِلَتَهمْ.)”
فهذا قيض من فيض الكلمات والمعاني الحسان من نفحات الدرت ، بين وطن يتردي وغربة تـتهدي (كتاب للدكتور الولدب مادبو) الى مقامات الحريري الغني عن الشرح والمدح. الوليد مادبو مبدع حقا وفنان في الطرح والفكر ومن نفحاته ايضا: “( الفِكْرَةُ كالشّهْوةِ
تُداهِمُكَ دُونَمَا أَدْنَى اعْتِنَاءٍ بالظّرْفِ
أَوْ تَكيّفٍ مَعَ الطّرْفِ.
مُحَاوَلَتُكَ للتّكيّفِ مَدْعَاةٌ للانصِرَافِ.
استجلى الأُولَى واستمرئ الثانية.)”
واعجب من كل هذا حال الناس من الجو من برد وحر, من صيف وخريف, إذ أن المزارع يفرح بالحر الشديد كي تنضج ثماره والناس يبتعدون عن الحر ويذهبون الى المصائف, فهذا حال نفحات الدرت اي الحر الشديد الذي اضفت اليه القيض ولا حول ولا قوة الا بالله حمانا الله وإياكم من قيض جهنم.
لذا نجده عند الزرّاع موسم فرح، ويسمونه “الحصاد” لأن الحر الشديد (الدرت) ينضج العيش أو المحصول، بينما نجده عند الرعاة عموماً، وفي الغرب خاصةً، موسم شظف وعناء وجفاف، وهو عندهم غير مرغوب. أدام الله عليكم نفحات الخير والطيب والعود.
للتواصل مع الكاتب adel_al_baker@hotmail.com