
في تلك الليالي الهادئة، عندما تسكن الأصوات وتخبو الضوضاء، تنبعث من أعماق القلب أصداء خافتة. أصداء الحنين إلى من غادرونا، والشوق إلى من فقدناهم في رحلة الحياة.
يخيم السكون على المكان، وتنبض الذكريات في صمت، كأنها تحاول التسلل إلى عقولنا دون إزعاج في هذه اللحظات الساكنة، تتسلل ذكرياتنا الجميلة إلى عقولنا وتعانق مشاعرنا الدافئة.
نستحضر الأيام الماضية، تلك اللحظات التي امتزج فيها الفرح بالحزن، والبهجة بالأسى نتذكر الأوقات التي كان فيها الضحك يتخلله دموع الحنين، والذكريات السعيدة تختلط بالآهات الحزينة.
كأن الحياة تلعب معنا لعبة المتناقضات، فتُذكرنا بجمال الماضي ليزداد آلامنا في الحاضر كما يقول الشاعر عبد الرحمن الأبنودي: “في لحظة الفراق نكتشف أن للحياة أصواتًا كانت خافتة، وألوانًا كانت باهتة، وعطرًا كان خفيفًا، وضوءًا كان خافتًا.
لكن في لحظة الفراق، تصبح هذه الأصوات والألوان والعطور والأضواء عالمًا متكاملًا نحس به بكل حواسنا.” وهذا ما نشعر به في تلك اللحظات الهادئة، عندما تتدفق ذكرياتنا كالأمواج على شاطئ الزمن المنصرم.
ولكن هذه هي طبيعة الحياة، تأتي وتذهب، تبقى وتختفي علينا أن نتعلم أن نقدر ما لدينا قبل أن ينتهي الوقت، قبل أن ندرك قيمة الأشياء والأشخاص إلا حين نفقدهم.
كما قال الكاتب أحمد خالد توفيق فالحياة لا تُعرف إلا بالحنين، والحنين هو الطريق إلى إدراك قيمة ما نملك ربما نحتاج إلى فقد بعض اللحظات الجميلة لنتذكر أهميتها، وربما نحتاج إلى بعض الألم ليذكرنا بقيمة السعادة.
في هذه اللحظات الساكنة، نُدرك أن الفراق هو جزء لا يتجزأ من رحلة الحياة ولكن علينا ألا نسمح له أن يحجب عنا جمال الماضي أو يسرق منا بهجة الحاضر.
فالذكريات الجميلة هي جزء من نسيج وجودنا، وعلينا أن نحتفظ بها في قلوبنا كي تُنير درب الحياة في المستقبل.
للتواصل مع الكاتبة ahofahsaid111112@