المستحيل هو الذي لا يمكن حدوثه وهو الباطل, ولكن لماذا يسمى الباطل مستحيل؟ عندما يُقال إن شيئًا ما “يستحيل” حدوثه، فإن هذا يعني أنه غير ممكن أو بعيد عن الواقع, و بعض الأمور قد تُعتبر مستحيلة نظرًا لتعارضها مع الحقائق أو المبادئ الأساسية، مما يجعلها تُعتبر باطلة. فغالبا العقل بفطرته يعرف ان المستحيل, أمر باطل. ومن ذلك بحث التناقض والتضاد.
اولا لنسأل انفسنا سؤالا, هل هناك فرق بين المتناقض والمتضاد؟ انتي ساكنة, غير متحركة. هل من الممكن ان نكون في حالة سكون وفي حالة حركة في نفس الوقت؟ لا طبعا. لذلك يقال في المنطق, النقيضان, هما اللذان لا يجتمعان، ولا يرتفعان. لا يمكن ان تكون إلا في حالة حركة او سكون. أما في حالة اللون, انت من الممكن ان تكون ابيضا, ومن الممكن ان تكون اسودا, ولا يمكن ان تكون ابيض واسود في نفس الوقت (سرحت في الحمار الوحشي او البقر!). ولكن من الممكن ان تكون لا ابيض ولا اسود, اسمر اللون او حنطي او احمر اللون. إذا الضدان لا يجتمعان ولكن يرتفعان كالسواد والبياض.
ماذا عن الحب والكره, هل الناس في الحب سواء؟ هل هناك من يحبك ويكرهك في نفس الوقت؟ هذا السؤال عميق فلسفيا علاقة الحب والكراهية تشبه ركوب الأمواج, كيف؟ لا اعلم ولكن طرأ هذا المثال على بالي. هناك جانب إيجابي, هو أنها يمكن أن تجعل الشخص يشعر كما لو كان يحب الشخص الآخر كثيرًا؛ الجانب السلبي هو أنهم قد يشعرون بالغضب أو الاستياء أو المرارة تجاه نفس الشخص. تقريبا الجميع مر في علاقة حب وكراهية مع شخص أحبه, ولكن كرهه بشدة — سواء كان ذلك مع أزواجهم أو إخوتهم أو رؤسائهم أو أطفالهم المتمردين أو جيرانهم أو أصدقائهم.
ما الذي يجذب شخصًا ما, إلى علاقة حب وكراهية؟ خلال السنوات الأولى، ربما يكون لدى بعض الأشخاص علاقات فوضوية. نتيجة لذلك، يميلون إلى إيجاد العزاء في عدم استقرار علاقات الحب والكراهية لأنها مألوفة لهم وقد يستخدمون الصراع كوسيلة للتعبير عن الحب. القرب بعد حل النزاع في العلاقة يمكن أن يجعلهم يشعرون بمزيد من الحميمية. في هذا الباب قد تحتار بعض الشيء, وتجد صعوبة في فهم الموضوع, ولكن الموضوع نفسه لا يكون مستحيلا على عقلك ان يتصوره.
فما هي هذه الآلية التي في العقول؟ الآلية تفرق بين الموضوع الصعب تصوره والموضوع الذي نقول حياله! لا لا هذا لا يمكن ان يحدث. مستحيل.
في الدين والشرع, نجد أشياء صعب ان يتصورها العقل, ولكن في نفس الوقت, لا نجد انها من المستحيلات. أما المستحيلاتو فلا يمكن ان يأتي بها الشرع.
ذكر الدكتور هشام عزمي ان شيخ الإسلام و المسلمين ابن تيمية رحمه الله, قال في درء تعارض العقل و النقل: ((و نحن نعلم أن الرسل لا يخبرون بمحالات العقول بل بمحارات العقول، فلا يخبرون بما يعلم العقل انتفاءه، بل يخبرون بما يعجز العقل عن معرفته)) .. و المعنى: إن كون الشيء فوق إدراكنا غير كونه ضد إدراكنا، فنحن مع اعترافنا باستحالة إدراك الغيبيات ندرك تمام الإدراك أنه ليس في أي منها ما هو ضد العقل أو مصادم له .. فإن كون الثلاثة – مثلاً – تساوي الواحد مضاد للعقل مصادم له، و لا يمكن تبرير هذا التصادم بأن الغيبيات فوق إدراكنا .. لأن الأنبياء و الرسل عليهم السلام قد يأتون بما تحار فيه العقول لا بما تحيله الأفهام و يستحيل في العقل! فإن قول النصارى على سبيل المثال أن الآب إله و الابن إله و الروح القدس إله، ثم تأكيدهم على أنهم ليسوا ثلاثة آلهة بل إله واحد، و ان دينهم يحرم عليهم القول بأن هؤلاء ثلاثة آلهة، لهو من المصادم و المضاد للمعقول و لا يستقيم أبدًا .. بخلاف ما يخبر به الأنبياء من الغيبيات.
فلا تحتار إذا قيل لك, احبك و أكرهك.
للتواصل مع الكاتب adel_al_baker@hotmail.com