في أمسية رياضية ثقافية اجتماعية تربوية جمعت بين التاريخ والادب والفن والرياضة والجغرافيا والآثار، عاش حضور “ديوانية مجلس الذكريات والرياضة في الاحياء أيام زمان ” التي تعقد بمنزل الكابتن سلطان عبد ربه رئيس رابطة أندية الأحياء بمكة المكرمة مع اخصائي الآثار والمتاحف والباحث في التاريخ المكي الكاتب والناقد الصحفي الاستاذ عادل بن عبد الله قاضي ليلة ماتعة أبحر فيها مع الحضور في عالم المستديرة وتاريخ الرياضة في المملكة العربية السعودية منذ العصر الحجري والرسوم الصخرية المنقوشة على واجهات الجبال ، المتمثلة في فنون الرقص والصيد والقتال.
مشيرا إلى أن مكة المكرمة قد عرفت الرياضة منذ سبعة آلاف عام وقال أن أبناء مكة قد مارسوا الرياضة أيضا في عصور ما قبل الإسلام وفي العصر الجاهلي الذي كانت فيه الفروسية تعتبر أبرز سماته كما تعتبر هي الرياضة المفضلة لدى الرجل العربي ، وتطرق للرياضة في صدر الاسلام مشير إلى أن الدين الإسلامي قد حث على الرياضة وان الرسول صلى الله عليه وسلم قد مارس انواعا منها كالمصارعة وسباق الجري.
ندما تسابق عليه افضل الصلاة والسلام مع السيدة عائشة رضي الله عنها.. وقال من الادلة على ممارسة الرياضة في صدر الإسلام والحث على تعليمها، ما جاء في القول المأثور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل) ثم تطرق الاستاذ عادل بن عبدالله القاضي في حديثه عن الرياضة في المملكة العربية السعودية متناول ما أولاه الملك عبد العزيز طيب الله ثراه من عناية بالرياضة وخاصة الفروسية التي كان محبا لها ويشجع على ممارستها حيث شهد رحمه الله العديد من سباقاتها في مدينة الطائف و في غيرها .. وأشار إلى ان اول سباق للفروسية في مكة المكرمة اقيم في ميدان العدل عام، ١٣٤٦ بحضور نائب الملك في الحجاز الامير فيصل بن عبد العزيز.
موضحا ان الملك عبد العزيز كان قد حضر مباراة لكرة القدم في عام ١٣٦٦ عندما شرف رحمه الله مباراة في مدينة الظهران بأرامكو بين فريقي ” الاتحاد والتوفيق ” من الظهران، حيث قدم جلالته الكأس.. وهي أول مباراة على كأس ملك سعودي مما يؤكد على اهتمام ودعم وتشجيع الملك عبد العزيز رحمه الله لكرة القدم وعدم ممانعته لها.
وقال ان مكة المكرمة تعبر اول مدينة في المملكة عرفت كرة القدم حسب مؤرخي الحركة الرياضة الذين ربطوا بدايات الكرة بالجالية الاندنوسية التي تقدمت لمدير الأمن العام بطلب السماح لهم لمزاولة الكرة عام 1346، إلا ان هذه المعلومة غير دقيقه كما يقول المحاضر وتحتاج إلى شي من المراجعة والتمحيص مستندا في رأيه ذلك “حسب قوله ” على المصادر التاريخية وكتب الرحلات التي سجلت عادات المكيين و التي تؤكد على ان اهل مكة المكرمة قد ما رسو لعب الكرة قبل ذلك التاريخ من خلال مشاهداتم لأبناء مكة وهم يمارسون لعب الكرة في ضواحيها وبرحاتها خاصة في منطقتي الزاهر والشهداء بناء على ما ذكره المؤرخ محمد لبيب البتنوني في كتابه ” الرحلة الحجازية” التي قام بها في 1327
وكما جاء في مذكرات اللواء ابراهيم رفعت باشا.. في رحلاته الحجازية المعنونة “مراءة الحرمين” و في غيره من الكتب التي تناولت عادات المكيين ورصدت العابهم وتراثهم .. لذا يمكننا القول ان الخطاب الذي تقدم به الاندوسيين لمديرية الأمن العام يمكن أن يعتبر خطاب طلب بعودة السماح لهم بمزاولة الكرة في مكة بعد إيقافها بسبب الحرب العالمية الأولى او لظروف أخرى ولكنه بالتأكيد ليس خطاب لبداية ممارسة كرة القدم في مكة التي كان أبناءها يمارسون الكرة قبل ذلك التاريخ كما اوضحنا سابقا، ليبقى البحث عن إجابة السؤال قائما متى كانت بداية لعب الكرة في مكة؟؟ بالتأكيد قبل عام ١٣٢٦ و توثيق البتنوني لمشاهداته تلك.
مشددا على ان هذا ما يحتاج إلى مزيد من البحث في التاريخ المكي من قبل الكتاب والمؤرخين والمهتمين بالحركة الرياضية خاصة وان التاريخ يثبت توقف الكرة في مكة قد حصل لأكثر من مرة، ولا سباب مختلفة منها ما كان بسبب الحرب العالمية وانشغال الناس بالبحث عن لقمة العيش او بسبب الشجار بين بعض اللاعبين واحيانا لاشتباكات الجمهور وحدوث الفوضى التي يصل بعضها إلى حالات الوفاة ، وقال ان بعض الأحداث التي توقفت الكرة بسببها قد تم بقرار من الجهات الرسمية ومنها ما وصل لمدة سبع سنوات من عام ١٣٥٨ وحتى ١٣٦٥ وتوقف اخر في عام ١٣٥٥ بسبب خلاف بين فريق الاهلي وفريق الوطن وكلاهما من مكة وخلاف بين الاتحاد والهلال البحري من جدة.
وقال يبدو انه بعد ان اطمئنان الناس في مكة المكرمة بالدولة الجديدة بالملك عبد العزيز رحمه الله الذي أشاع العدل بين الناس و بعد تعين الامير فيصل بن عبد العزيز نائبا للملك في الحجاز اقيم في أول أيام عيد الفطر المبارك من عام ١٣٤٥ اول سابق للخيل برعاية سموه خصصت له خمس جوائز للفائزين، وفي يوم 7/13 من عام 1346 نظم سباق اخر للهجن، لتبدا الحركة الرياضية في مكة المكرمة تأخذ مكانها وهو مما شجع على عودة ممارسة الأنشطة الرياضية والتى منها كرة القدم أيضا، بداء من فرق الجاليات “الجاوه” وحتى فرق المواطنين ليظهر اول فريق وطني في مكة باسم النادي الأهلي بعد أن كانت الفرق باسماء الملايو والمنتو والفلمبان وغيرها لتنتعش لعبة كرة القدم في مكة مع اهتمام سمو الأمير عبدالله الفيصل الذي لبى دعوة حضور مناورة في ملعب بالمسفلة لفريق الحزب الذي تغير اسمه فيما بعد ليصبح فريق الوحدة حيث أعجب سموه بمهارات اللاعبين وقال ان لسمو الامير عبد الله الفيصل يعود الفضل في السماح بعودة الألعاب الرياضية في عام ١٣٧٢ عندما كان سموه وزيرا للداخلية حيث أصدر سموه تنظيمات الرياضة بصورة رسمية تحت مسمى الإدارة العامة للرياضة البدنية والكشافة، جلب لها مستشارين من مصر كما انتدب بعض الشباب لمصر للتدريب هناك لتبداء الرياضة بمفهومها الحديث تشق طريقها في المملكة العربية السعودية حتى وصلت لما وصلت اليه من مشاركات وإنجازات قارية ودولية وعالمية تعتبر مفخرة للوطن ولأبناء الوطن.
وعن نادي الوحدة أكد القاضي ان نادي الوحدة يعد من اعرق وأقدم الأندية الرياضة فى المملكة و قال ” كنت ولا ازال اتمنى لو ان الوحداويون تركو العمادة للعميد.. وتغنوا بالريادة التي هي فخر لكل وحداوي حيث بطولة اول كأس للملك في المملكة العربية السعودية في عام ١٣٧٧ فهنا الريادة مصحوبة بإنجاز تاريخي ملموس لا يمكن التشكيك فيه ابدا ، كما لا يمكن لاحد مزاحَتهم فيه لأنهم هنا رواد لهذه البطولة التاريخية وبالتالي هم رواد الكرة السعودية وحق لهم التغني بمثل هذا الإنجاز مدى الدهر.
كما تناول الكاتب الصحفي عادل قاضي في حديثه عن ذكريات زمان الأندية التي لعب لها في الأحياء، مثل نادي نيل الحفاير ونادي العرين والسلام مشيرا الي انه لم يمكث في الملاعب طويلا حيث تحول إلى العمل الصحفي منذ نعومة أظفاره ولكنه يتذكر تماما تلك المباراة التي لعب فيها مع فريق السلام بقيادة المدرب ابو البشر في “مزدلفه” ضد فريق ماستيك الذي يعد في ذلك الوقت “احد أقوى فرق أحياء مكة” وقد تحقق لفريق للسلام الفوز والظفر بالبطولة وكاس البطولة أمام ذهول نجوم ماستيك، ثم تحدث عن مشواره مع الصحافة الرياضية التي قال انه بدأها مع تغطيات رياضة الاحياء في الدورات الرمضانية بدء من دوري نادي البحر بالزاهر عام ١٤٠٣ _١٤٠٤ عبر جريدة المدينة بمكتب مكة.. ودوري نادي السهم و تغطيات دوري قوة الحج والمواسم لعدة سنوات عند ما كان النقيب بندر الحارثي يرحمه الله مشرفا على الشؤن الرياضية، ثم مع العميد فارس القرشي عندما كان ملازما مشيرا الي انه كرم من اللواء فيصل الحارثي ومن اللواء على بن أحمد الذيب ومن العقيد على هاشم عقيل و من العميد حسن باتوبارة، و من نادي البحر ونادي العرين ونادي الخليج ونادي السلام ونادي الجوهرة السواء وغيرها من اندية الاحياء مستعرضا صور تلك التكريمات وبعض الشهادات التي حصل عليها والتي مضى على بعضها قرابة الأربعين سنة.
ثم تحدث عن علاقته بلاعبي الأندية الرسمية كلاعبي نادي الوحدة و نادي الاتحاد و الاهلي الذين زامل بعضهم علي مقاعد الدراسة في الجامعة وهو ما سهل عليه أجراء حوارات صحفية مطولة مع بعضهم مثل نجم المنتخب ونادي الاتحاد/ جمال فرحان واللاعب حمود القرني رحمه الله ونجمي النادي الأهلي حسام وباسم ابو دود إضافة إلى حوارات مع كل من حسن خليفة وعبدالله غراب وعبدالله فوال والاستاذ عبد الله جاكرتا والدكتور مدني رحيمي وغيرهم ، اضافة الى حوارات مع معظم لاعبي نادي الوحدة مثل الكابتن عصمت بابكر وذيبان الجيزاني وعبد الستار ادماوي وغيرهم ولاعبي الألعاب المختلفة مثل بطل العالم للجمباز هيثم برمندة وبطل العاب القوة ونجم التتابع/ ياسر قاضي وبطل الكاراتيه الكابتن عبد الله محمد وبطل العرب في الدرجات عدنان تكروني، و معظم لاعبي السلة بنادي الوحدة مثل فيصل ملاوي واحمد سقطي والدكتور علي بكر وإداري الفريق خالد سليمان وغيرهم الكثير من اللاعبين ،وذلك قبل أن ينتقل إلى العاصمة الرياض بسبب الوظيفة حيث عين على وظيفة ” أمين متحف” لمتحف الاثار والتراث الشعبي التابع لوزارة المعارف بالشميسي وليواصل ممارسة هوياته مع الصحافة عبر مكتب جريدة المدينة بالرياض منذ العام، ١٤١١ حتى الآن.
مستعرضا تجربة ثرية مع الصحافة المحلية و صفحات الفن والاقتصاد والسياسة و الصفحات الدينية، ثم تجربة مع المجلات المتخصصة مثل “مجلة مسرح الشباب” لتي ترأس تحريرها لأربع دورات، ومجلة البر التي عمل مديرا لتحريرها منذ١٤٢٤ ومجلة “المتنافسون” التي كان فيها مديرا للتحرير ،اضافة الي الكثير من المجلات التي تعاون معها، حيث استعرض عبر البوربوينت اهم المحطات والمقالات التي كتبها والتحقيقات الصحفية واللقاءات التي أجرها خاصة مع أصحاب السمو و المعالي الوزراء واصحاب الفضيلة من المشايخ حواره مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وحوار مع سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز ال الشيخ وغيرهم إضافة إلى حواراته مع بعض نجوم الهلال والنصر وبعض الأدباء والشعراء والمثقفين ومنها مكاتب النشيد الوطني الشاعر ابراهيم خفاجي رحمه الله.
بعد ذلك بدأ الحوار المفتوح مع الحضور والذي امتد لأكثر من ساعتين اجاب خلالها على أسئلة الحضور وفي ختام الأمسية قدم سلطان عبد ربه درعا تذكاريا الاستاذ عادل بن عبد الله قاضي ودرعا مماثل للأستاذ شرف العلي الذي جاء من المنطقة الشرقية للمشاركة في مجلس الذكريات والرياضة زمان وقد أبدى إعجابه بفكرة المجلس وما يتم طرحه فيه من موضوعات.