حينما تقف بجوار شخص ما ، وتعمل على مساعدته ليواصل تعليمه ، أو تسعى لمساعدته في البحث عن وظيفة له ، أو تقدم له الدعم المالي ليبدأ حياته التجارية ، حتى يكبر وينضج ، ويستطيع الاعتماد على نفسه في مواجهة أعباء الحياة ، فإنك تتوقع أن يحفظ لك هذا المعروف ولن ينساه ، ويذكره لأبنائه وأحفاده ، غير أن توقعاتك خاطئة ، فأخلاقه الرديئة ، ونكرانه للجميل يفضحان أمره ، وسرعان ما تراه يسخر منك ، ومن غيرك ، بمجرد وصوله لبر الأمان ، فتتغير تعاملاته مع الجميع معتقدا أنه الأفضل ، وليس هناك أفضل منه !
ومثل هذا الشخص يعرف بأنه ” الشخص الذي تقدّم له الكثير ولا يعطيك سوى الندم، إنك كلّما قدّمت له شيئاً طعن في ظهرك سكّيناً ، وكلّما عاتبته وشكوت له تَكبَّر، وكثيرون هم الأشخاص الذين يعذبون نفسياتنا من لحظة بعدهم واقترابهم، من وجودهم وغيابهم منْ أنْ تضنينا الحياة بوجودهم وافتراقهم عنا “
وقال عنه المتنبي :
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإنْ أنت أكرمت اللئيم تمرّداً .
ويقول ابن خلدون إن الانسان كائن اجتماعي (Social being) بطبعة فالإنسان لا يستطيع ان يستغني عن اخية الانسان، فلا يستطيع أن يعيش بمعزل عن الاخرين ومعنى ذلك أنه سَيُقَدِمْ لأخية الانسان ما يحتاج إليه، كما أنه سيقَدَم له ما يحتاج اليه ، وهذا ما نقوم به ونمارسه في شتى مناحي الحياة، ففي حياتنا نتعامل ونتعرف على أشخاص نتعامل معهم بإحساس صادق فنحرص على مصالحهم ونقوم بتوجيههم ونٌصحِهِم لما فيه الخير والوقوف بجانبهم في أوقات الرخاء والشدّة، وبعد وقت من الزمان وبلحظة ما تنقلب القيم والمعاني في القلوب إلى جمود في المشاعر ونكران للجميل(Ungrateful) وبدون سبب معروف وفي لحظة معينة تنقلب كل الموازين لتتحوّل إلى نكران و تجاهل وعدم مبالاة، عندها نصاب بصدمة ونتساءل كيف. ولماذا؟؟ وما هي الأسباب؟؟.فنحن لم نخطئ بحقهم ولم نسيء إليهم بل على العكس قدمنا لهم كل الخير.
ونكران الجميل من الصفات المذمومة ، وصاحبها من الشخصيات التي ينفر منها الآخرين، ويرفضون صداقتها ، والأصل في الحاقدين كما يقول المتخصصون في علم النفس هو رغبتهم في الانتقام من الناجحين نتيجة حقد دفين شكل لهم عقدة في طفولتهم تولدت ونمت مع الأيام والسنين.
ومن يعتقد انه قد وصل بجدارته ، وبات متحدثاً لبقاً فعليه أن يدرك بأن من سبقه لم يكن أحسن حالا منه ، فقد سعى ونال وخدع ، لكنه سرعان ما ذاب كما يذاب الملح بالماء ، لذلك لابد أن ندرك بأنه من الواجب علينا أن نكون أكثر حذرا في تعاملاتنا مع الآخرين خاصة أولئك الذين يحملون في ظاهرهم صور الحمل الوديع ، وهم في حقيقتهم لا يحملون سوى حقد دفين.
قال الشاعر :
وَمَن يَجعَلِ المَعروفَ مِن دونِ عِرضِهِ
يَفِرهُ وَمَن لا يَتَّقِ الشَتمَ يُشتَمِ
لتواصل مع الكاتب ahmad.s.a@hotmail.com