
في الوقت الذي هممتُ بالكتابة عن شخصية هذه الحلقة وقفتُ وتريّثتُ وتمعّنتُ كثيراً : فماذا عساني أجد في قاموس اللغة والمفردات كلمات وعبارات تليق وتُناسب وصف هذه الشخصية التربوية المرموقة الرفيعة : الرفيعة في أخلاقها الرفيعة في علمها وأدبها الرفيعة في أدائها وإخلاصها.
أكاد أجزم بل أجزم .. أنّ كلّ مَن عرف وتعامل واقترب من هذا الرجل النبيل يؤكّد ويشهد برفعة أخلاقه وحُسن تعامله وطيب مَقْبَلِه وسماحة نفسه وجمال وحلاوة وطلاوة لسانه وكلامه.
تدرّج في المنظومة التربوية وفي خدمة التعليم بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم من القاعدة حتى وصل سطح سقفها ابتدأ العمل مُعلّمًا وتدرّج حتى شغل منصب مساعد مدير عام التعليم للشؤون التعليمية كما تمّ تكليفه ( فترة ) القيام بأعمال مدير عام التعليم بمنطقة المدينة المنورة عندما كان المنصب شاغراً.
لم يُغيّره المنصب في التعامل مع زملائه وموظّفيه وأصدقائه وطلابه والناس أجمع ، بل ازداد به تواضعًا وأدبًا وخُلقًا حقيقة هذه هي معادن الرجال العُظماء الكرام لا يُبعدهم المنصب أو المال أو الجاه عن المبادىء والقيم والخُلق الرفيع التي تربّوا ونشأوا واعتادوا عليها.
ساقني وقادني الحظ السعيد بعد إرادة المولى عزّ وجل أن تربطني بهذا الزميل الفاضل علاقة زمالة وَعَمَل في أشرف ميدان وأطهر مكان ، بدأت منذ فترة طويلة ، أصبحنا مَعًا مُشرفين في الإدارة العامة قتوثّقت علاقتنا ازْدَدتُّ به شرفًا وسعادة عندما أصبحتُ تحت إدارته بعد تعيينه مساعدًا للمدير العام.
لا أُخفي سرًّا إذا قُلت : أنّي كُنتُ أغبطه عندما أرى تواضعه وحُسن تعامله وَرَحَابَة صدره وصبره وجمال خُلُقه ورقّة حديثه وكلامه وترحابه عند زيارته للمدارس وعند استقباله لزملائه المشرفين والموظفين والمراجعين وأولياء أمور الطلاب وكلّ مَن يُقابله أو يزور مكتبه أو حتى منزله.
عُذرًا إذا أطلت في المُقدّمة ومع ذلك فإنّه مازال لديّ الكثير والكثير من صفات ومناقب هذا الزميل العزيز شخصية هذه الحلقة هو سعادة المربّي الفاضل الدكتور : خالد بن عبدالعزيز الوسيدي مساعد مدير عام التعليم بالمدينة الأسبق حفظه الله ورعاه.
ابن من أبناء مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ، مسقط رأسه كان على ثراها الطاهر عام ١٣٨٥هـ ، نشأ وتربّى في حاراتها وأحواشها وأزقّتها الجميلة استقى النُبل والخُلق والأدب الرفيع مِن الجوار الشريف مسجد رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه.
مراحل دراسته كانت في أروقة ودهاليز مدارسها ، درس المرحلة الابتدائية في مدرسة القبلتين ، والمتوسطة في مدرسة الإمام علي رضي الله عنه ، وحصل على الثانوية من مدرسة ثانوية أُحد.
بعد المرحلة الثانوية كان عشقه الأول الالتحاق بالسلك العسكري فالتحق بكلية الملك فهد الأمنية ، لكن ظروفه الاجتماعية بحكم أنه أكبر أنجال والده أضطرّ للعودة للمدينة لرعاية إخوته بجانب والده.
حصل على البكالوريوس من جامعة الملك عبدالعزيز عام ١٤٠٩هـ قسم الاجتماعيات ، عُيّن مُعلّماً ثم وكيلا للمدرسة وبعدها مديرًا ، بعدها انتقل إلى الإشراف التربوي بالإدارة العامة للتعليم بالمدينة وخلال فترة عمله حصل على درجة الماجستير من كلية التربية بالمدينة قسم المناهج وطرق التدريس عام ١٤٣١هـ ،تحصّل على درجة الدكتوراه من الجامعة الاسلامية بالمدينة عام ١٤٣٦هـ قسم التربية الإسلامية.
خلال هذه الفترة تقلّد الدكتور خالد مناصب عدّة في منظومة التعليم في الإدارة العامة أذكر منها : مساعد رئيس قسم المواد الاجتماعية ، أشرف مع زُمرة من خيرة المشرفين التربويين من زملائه على مشروع المدارس الرائدة وهو أحد المشاريع الرائدة الذي انبثقت وَنَبَتت بذرته وفكرته في أحواض وحقول تعليم المدينة وأصبح الدكتور خالد رئيسًا للمشروع.
تمّ اختياره مُنسّقًا مع الوزارة لمشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم شغل منصب مدير مكتب التعليم غرب المدينة أستمرّ به حتى صدر القرار الوزاري بتعيينه مساعدًا للمدير العام للشؤون التعليمية ، وفي غضون هذه الفترة عندما كان منصب المدير العام شاغراً تم تكليفه القيام بمهام عمله.
واستمرّ سعادته مساعدًا للمدير العام حتى تاريخ تقاعده في : ١ / ١ / ١٤٤٥هـ حصل ضيفنا العزيز فترة عمله على العديد من الدورات التدريبية على مستوى المدينة والمناطق والوزارة وأيضًا دورات خارجية في تركيا وبريطانيا وماليزيا وسنغافورة والولايات المتحدة الأمريكية.
كما كان للدكتور خالد مشاركات تعليمية تربويّة واجتماعية عديدة ومتنوعة شملت لقاءات ولجان وزيارات وجمعيات وبرامج داخل المملكة وخارجها.
حصل سعادته على كثير من الأوسمة والجوائز وشهادات الشكر والتقدير من إدارته ومن الجهات والقطاعات الحكومية والخاصة بالمنطقة ومن مقام الوزارة ومن خارج القطاع التعليمي.
هذا مرور سريع على سيرة ومسيرة حافلة بالعطاء والأداء والإنجاز لأحد روّاد التعليم في المدينة النبوية والذي كان مثالاً للإبداع والتميّز في مستوى عمله ومسؤولياته وفي مستوى مواقفه وأخلاقه وأدبه وعلمه.
حفظ الله ضيف الحلقة الدكتور خالد الوسيدي ومتّعه الله بالصحّة والعافية وأثابه عن كل ما قدّمه من خدمات وإنجازات لوطنه ومدينته وأبنائه الطلاب وجعل ذلك في موازين حسناته يوم القيامة.
وأسأل الله القدير كما حباه من الأدب والتواضع والأخلاق أن يشمله ممّن قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنّ المُؤن لَيُدرك بِحُسن الخُلق درَجَة الصّائم القَائم ).
للتواصل مع الكاتب ٠٥٠٥٣٠١٧١٢
الدكتور – خالد الوسيدي