في رحاب الحرمين الشريفين، حيث تتجلى قدسية المكان وتنبض الأرواح بخشوع وطمأنينة، يقف رجال الأمن كالسد المنيع، يؤدون رسالتهم النبيلة بكل تفانٍ وإخلاص، ممزوجة بروح إنسانية عالية، تجعلهم أكثر من مجرد حراس أمن، بل ملائكة رحمة تسهر على راحة ضيوف الرحمن؛ مشهدهم المهيب وهم ينتشرون في أرجاء المسجد الحرام والمسجد النبوي، لا يقتصر على ضبط النظام وتيسير الحشود، بل يتعداه إلى مواقف إنسانية مؤثرة، تلامس القلوب وتبعث في النفوس الطمأنينة والامتنان.
رجال الأمن في الحرمين لا يعرفون للكلل طريقاً، ولا للغفلة مكاناً؛ يعملون بصمت، ويقفون بثبات، يراقبون كل حركة، ويتدخلون بحكمة، ويقدمون العون دون تردد؛ كم من حاج أو معتمر ضل طريقه، فكان رجل الأمن هو اليد التي أمسكت به وأعادته إلى رفاقه؛ وكم من مسن أعياه التعب، فكان رجل الأمن هو الساعد الذي حمله، والكتف الذي استند عليه؛ وكم من طفل تاه عن والديه، فكان رجل الأمن هو الحضن الآمن الذي أعاده إلى صدر أمه؛ هذه المواقف، وإن بدت بسيطة، إلا أنها تعكس عمق الرسالة التي يحملها هؤلاء الرجال، وتُظهر معدنهم الأصيل الذي صُقل بحب الوطن وخدمة الدين.
ولا يخفى على أحد أن إدارة الحشود في الحرمين الشريفين تُعد من أعقد المهام الأمنية في العالم، نظراً لأعداد الزوار الهائلة وتنوع جنسياتهم وثقافاتهم؛ ومع ذلك ينجح رجال الأمن في أداء مهامهم بكفاءة عالية، مستخدمين أحدث التقنيات، ومدعومين بتدريب احترافي، وأهم من ذلك، بروح المسؤولية والإيمان بعظمة المهمة. فهم لا يكتفون بتطبيق التعليمات، بل يتعاملون مع كل موقف بإنسانية ومرونة، واضعين نصب أعينهم أن من أمامهم هم ضيوف الرحمن، وأن خدمتهم شرف لا يضاهيه شرف.
ولعل من أبرز ما يميز رجال الأمن في الحرمين هو قدرتهم على الجمع بين الحزم والرحمة؛ ففي الوقت الذي يفرضون فيه النظام بحزم، تجدهم لا يترددون في الابتسام، أو في تقديم الماء، أو في مساعدة من يحتاج؛ هذه التوليفة الفريدة بين الانضباط واللطف، بين القوة واللين، هي ما يجعلهم محل إعجاب وتقدير من كل من يزور الحرمين؛ بل إن كثيراً من الزوار يعودون إلى أوطانهم وهم يحملون في ذاكرتهم صوراً لا تُنسى لرجال أمن سعوديين، جسّدوا أسمى معاني الأخلاق الإسلامية والكرم العربي.
إن ما يقوم به رجال الأمن في الحرمين الشريفين ليس مجرد وظيفة، بل هو رسالة سامية، وموقف وطني وإنساني عظيم؛ هم الساهرون على أمن أطهر بقاع الأرض، والحريصون على راحة من قصدها للعبادة، وهم في كل ذلك لا يسعون إلى شهرة ولا إلى شكر، بل يؤدون واجبهم بدافع من ضمير حي، وانتماء راسخ، وإيمان عميق؛ ومن هنا، فإن أقل ما يمكن أن نقدمه لهم هو كلمة شكر، ودعاء صادق بأن يحفظهم الله، ويجزيهم خير الجزاء، ويعينهم على أداء مهامهم الجليلة.
رجال الأمن في الحرمين الشريفين هم عنوان للفخر، ونموذج يحتذى به في المهنية والإنسانية؛ هم اليد الحانية التي تمسح دمعة، والعيون الساهرة التي تحرس الأرواح، والقلوب النابضة بالعطاء؛ فليظلوا دوماً كما عهدناهم: درعاً للوطن، وسنداً لضيوف الرحمن، ورمزاً مشرفاً لكل من ينتمي لهذه الأرض المباركة.
للتواصل مع الكاتب @mawdd3


