في زوايا الحياة المتكرّرة، نعيش كثيرًا من التفاصيل دون أن نعي عمقها، نمضي في روتينٍ يشبه الغفوة الطويلة، حتى تأتي لحظة ما… لحظة لا تشبه غيرها، توقظ فينا شيئًا كان نائمًا منذ زمن. لا ضجيج فيها، لكنها تُحدث في الداخل ارتجاجًا خفيًا، يغيّر رؤيتنا لكل شيء من حولنا. تلك اللحظة ليست عابرة، بل مفصلٌ بين ما كنّا عليه وما بدأنا نراه بوضوح جديد.
أحياناً ..وفي وسط روتيننا اليومي نتعرض لموقف ما ! نشعر من خلاله وكأن عاصفة قوية مرت بنا أو أن المكان أصبح خاوياً من حولنا ، نمر بلحظة نعيد بعدها مشاعرنا لأنفسنا دون أن نعلم كم أثرت فينا تلك اللحظة ولكنها بالتأكيد فتحت عيوننا وبشكلٍ مفاجئ على رؤية الأمور بمنظور مختلف ، بوابة جديدة على الحياة جعلتنا نرى الأشياء التي كنا نهرب منها على حقيقتها فنادراً ما تأتي الفرص التي تجعلنا نرى بوضوح أكثر لتقودنا نحو تغييرات إيجابية في حياتنا.
لا أدري ماذا أسمي تلك اللحظة، لعلها هي لحظة إدراك تنقلنا إلى مرحلة نضج عقلي لا علاقة له بالعمر بل بالتجارب ،هي مرحلة أخرى من الحياة تجعلنا نكون أكثر هدوءًا وتمكننا من تخطي العتب رغم وجاهته، لنشعر وكأننا اكتفينا بأنفسنا وأصبح لدينا ذائقة مستقلة تجعل وجود البعض من حولنا لطيفاً ولكن غيابه لا يضر.
لحظةٌ قد تقودنا للتصالح مع الذات بعيداً عن المقارنة والتقليد، وقد تكون تلك اللحظة واحدة من اللحظات التي يعبر من خلالها الإنسان أثناء سَيره في الحياة، أليس اكتساب الفهم والمعرفة حالةٌ مستمرة معه؟ فإذا ما وُلدت تلك الحالة من خلال البصيرة والعمليات العقلية سميت آنذاك إدراكًا، ولعل أسمى درجات الإدراك من وجهة نظري هو إدراك سر الوجود حين نعلم يقينًا أن كل منا مُسير لما خُلق له وأن دورنا في الحياة هو تحقيق العبودية لله وحده عز وجل.
ومضة.
حين يصحو الإدراك ترسو الفكرة على ضفاف الفكر لتقول: “ليست كل نتيجة عقلية نخرج بها هي لحظة إدراك، فبعض أحاديث النفس والأماني ترتدي قناع تلك اللحظة المميزة.”
للتواصل مع الكاتبة 0565655159


