حاولت مرارا مع ضيف هذه الحلقة الرغبة في الكتابة عن سيرته ومسيرته العلمية والعملية والتطوعيّة لأنّي صدقًا أعرف الرجُل جيدًا عن قُرب فهو حقيقة يستحق أن يُذكر فيُشكر إلاّ أنّه في كل مرّة يعتذر ويتهرّب بكل أدب رغم أنّي أبلغتُه بأنّ هذه ليست رغبتي وحدي بل رغبة الكثير من الأصدقاء والأقرباء والمعارف.
حُجّة ضيفنا في اعتذاره أنّه لا يهوى الأضواء ، ولا يرغب أن تكتب عنه الأقلام ، ويسعى أن يكون عمله لله الواحد الديّان وهذه بلاشك عادة وديدن العُظماء والحُكماء من الرجال يُفضّلون الصّمت ويُطلقون العنان لأعمالهم وإنجازاتهم ويجعلونها هي مَنْ تتحدّث عنهم لكن هذا لا يمنع أن تكتب الأقلام عنهم ليكونوا منارةً للآخرين.
بعد أن ضقت ذرعًا في إقناع الضيف أراد الله تبارك وتعالى أن تحين اللّحظة الحاسمة للكتابة عنه ، وذلك حينما أقدم الوطن الغالي كعادته في تكريم أبنائه الأفذاذ المُخلصين ،حيث قامت الجمعية السعودية لطب العيون بتكريمه في مؤتمر طب العيون 2025م بالعاصمة الرياض قبل أيام قلائل تقديرًا لمسيرته الإنسانية والمهنية في طب العيون وذلك بحضور كريم من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن أحمد بن عبدالعزيز الرئيس الشرفي للجمعية السعودية لطب العيون.
وأرى أنّ هذا فخر وتكريم لنا جميعا كسعوديين وكأبناء للمدينة المنورة هُنا أصبح الأمر لا عُذر فيه ولا اعتذار ، ولا حُجّة ولا احتجاج وأصبح لزامًا الكتابة عنه وعن أمثاله الكرام من القامات والأعلام ليكونوا أنموذجًا مضيئًا وقدوة فريدة وخارطة طريق لأبناء الوطن وأجياله القادمة.
ضيفنا العزيز هو ابن من أبناء مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، وُلد على أرضها المُباركة ، ونشأ وتربّى على ثراها الطاهر ، نال شرف الجِوَار ، وتأسّى وتخلّق بأخلاق أهلها العِظَام ، وتشرّف بخدمتها وخدمة سكانها وزوّارها الكرام ومازال يواصل هذا العطاء على ثُغور متعددة حفظه الله.
دكتورنا يحظى بمحبّة كبيرة من الكثير لأنّه :في طب العيون نجم ساطع ، وفي تخصّصه بارع ، وفي أخلاقه رائع وهذه الخصال والصفات الحميدة مطلوبة ومحمودة في الطبيب حيث يكتسب بهم مكانةً وحظوةً ورفعةً في نفوس المرضى والناس.
ضيفنا هو الدكتور : علي بن محمود أحمد السيسي أول استشاري طب وجراحة العيون سعودي في المدينة النبوية وُلد في المدينة المنورة وتربّى في رحابها الطاهرة ، ودرس مراحل التعليم العام في مدارسها : حصل على الشهادة الإبتدائية من المدرسة الفيصلية ، واجتاز المتوسطة من مدرسة عمر بن الخطاب ، وتحصّل على الثانوية العامة من مدرسة طيبة الثانوية عام 1394هـ.
التحق بعدها بكلية الطب وتحصّل على بكالوريوس الطب والجراحة عام 1980م واصل تعليمه العالي في ألمانيا وحاز على الزمالة الألمانية : ( فخ ارتس ) طب وجراحة العيون سنة 1988م ، وتحصّل على الزمالة التخصصية في : ( مقدّمة العين والعيوب الانكسارية ) من مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون بالرياض عام 1990م . ونال درجة طبيب استشاري عيون.
عُيّن الدكتور علي مديرًا لمستشفى العيون بالمدينة عام 1403هـ إلى 1405هـ ، وشغل عضوا بالهيئة الطبية ومشرفا على أقسام العيون بمنطقة المدينة عام 1409هـ كما شغل منصب المدير الطبي في مستشفى أُحد بالمدينة عام 1411هـ حتى صدر قرار تعيينه مديراً للمستشفى عام 1418هـ واستمرّ قرابة الخمس سنوات بعدها تولّى رئاسة قسم العيون في المستشفى فرئيسًا لقسم العمليات الكبرى ، تولّى رئاسة المجلس الاستشاري بصحة المدينة.
وللدكتور علي السيسي مشاركات عديدة في مجال عمله أذكر منها : عُضوًا في المجلس العلمي العربي لطب العيون بدمشق لفترتين متتاليتين مُقرّرًا للجنة التدريب والاعتراف للمجلس العلمي العربي لطب العيون وجراحتها عُضوًا بالمجلس العلمي لطب وجراحة العيون بالهيئة السعودية للتخصصات الطبية لفترتين رئيس للجنة تقييم قسم العيون بمستشفى السليمانية في دولة البحرين ومستشفى النهضة بسلطنة عمان أستاذ مساعد إكلينيكي بجامعة طيبة عُضوًا في لجنة البحث العلمي في جائزة المدينة المنورة عام 1430هـ هذه الجائزة القيّمة التي كان لها صدًى واسعًا في أوساط المدن السعودية.
كما لضيفنا الكريم حضور مميز في المُؤتمرات والأبحاث العلمية منها حضور مؤتمرات الجمعية الأمريكية والجمعية السعودية لطب العيون كما له العديد من الأبحاث العلمية المنشورة في مجلات علمية مُحكمة.
وللدكتور السيسي مُشاركات وشراكات تطوعية بارزة في ميدان تخصّصه والمجال الخيري لاسيّما بعد ترجّله من العمل الحكومي من أبرزها : مُنسّق ومشارك في مخيّم العيون ( برنامج المؤاخاة بدولة تشاد انجامينا ) لإجراء عمليات العيون عام 1432هـ عُضوًا ثم نائبًا لرئيس جمعية الرعاية الصحية بالمدينة المنورة عُضوًا في مجلس إدارة جمعية تعزيز القيم حاليًا.
وحَصَاد هذه المسيرة العلمية والعملية للدكتور علي السيسي وجهوده المتميزة في خدمة وطنه ومدينته وجهوده ومثابرته في العمل التطوعي حظي بتكريم كريم من قيادات ومؤسسات هذا الوطن الغالي منها : وسام نوط الحج من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السابق رحمه الله عام 1426هـ.
كما حصل مؤخراً على درع الجمعية السعودية لطب العيون 2025م وحصل سعادته على العديد من خطابات الشكر من أصحاب السمو الأمراء والمعالي الوزراء والسعادة والكثير من المرضى والمواطنين ولولا خشيتي الإطالة أكثر لازددت واسترسلت في عرض وإظهار مناقب وإنجازات هذا الطبيب الإنسان الخلُوق فما زال لديّ الكثير عن سيرته ومسيرته.
ولا أملك في الختام إلا الدعاء له ولأمثاله من المُخلصين البارزين والمُبدعين من أبناء هذا الوطن العزيز سائلًا المولى القدير أن يجعل ذلك في موازين حسناتهم يوم القيامة.
حفظ الله مملكتنا الغالية ومليكنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهدنا الأمير محمد بن سلمان وأدام عزّها وازدهارها.
للتواصل مع الكاتب ٠٥٠٥٣٠١٧١٢



