الخطاط عبدالله زهدي افندي – من خطاطي المسجد النبوي الشريف عن كتاب خطاطو المسجد النبوي الشريف الحائز على جائزة الملك سلمان للدراسات والبحوث للمؤلف عبدالله الصانع٠٠ هو عبدالله زهدي افندي ابن عبدالقادر افندي النابلسي. ويرجع اصله الى مدينة نابلس بفلسطين وقد هاجر منها اجداده الى الشام وبعدها هاجر والده سنة١٨٣٥م الى مدينة كوتاهية التركية كانت بداية شهرته عندما اراد السلطان العثماني عبدالمجيد عام ١٨٣٩م اعادة تعمير المسجد النبوي الشريف وتوسعته بعد انهيار احدى القبب فيه فطلب السلطان من الخطاطين الموجودين في تركيا تقديم نماذج افضل ما لديهم من خطوط ليتم اختياره منهم واسناد شرف الكتابة على جدران المسجد النبوي الشريف اليه حيث شارك في هذه المسابقة كبار الخطاطين الاتراك وقد اشرف على عملية اختيار الخطوط المناسبة السلطان عبدالمجيد نفسه فقد كان خطاطا ماهرا وفعلا توجه بعدها زهدي افندي الى المدينة المنورة للعمل في المسجد النبوي ومعه قرار التعيين والصلاحيات الممنوحة له في هذا الشأن.
وبدا العمل في اعادة ترميم المسجد النبوي حيث يكون الترميم والبناء بالتدرج ويبدا العمل في واحدة من جهات الحرم حتى لا يتعطل الناس عن اداء الصلاة وكلما انتهى البناء من جهة انتقل العمل الى جهة اخرى وبعد اتمام البناء انتقل الخطاطين والمزينين وعلى راسهم عبدالله زهدي لكتابة الخطوط على جدران المسجد حسب الخطة الموضوعة وظل عبدالله زهدي يمارس عمله في المدينة المنورة عدة سنوات حتى انجز العمل على احسن وجه وزاد على ذلك ان كتب مجموعة من الايات والاحاديث النبوية والاشعار التي قيلت في مدح الرسول وفجاءة جاء الامر من استانبول بالتوقف هو ومن معه عن العمل في ترميم المسجد النبوي وتزيينه بالخطوط وذلك بعد خبر وفاة السلطان عبدالمجيد وقد اساء هذا الخبر المفاجيء عبدالله زهدي فطلب المشرف العام على توسعة عملية التعمير (عرياني زاده اسد افندي)من زهدي افندي التوجه الى استانبول لا قناع المسؤولين هناك العدول عن قرارهم ولكن المهمة فشلت ابلغوا زهدي عن انقطاع معاشه الذي خصصه له السلطان عبدالمجيد ولما عاد زهدي الى المدينة بعد فشل مهمته قام بجمع المال من اهل الخير لاستكمال ما تبقى من عملية التعمير.
وقد اكمل هذا الامر على احسن وجه وذلك عام ١٢٧٧هجري فتكون عمارة المسجد النبوي اكثر من اثني عشر عاما وبلغت نفقات هذه العمارة ثلاثة ارباع مليون من الجنيهات المجيدية وان الخطوط التي كتبها عبدالله زهدي والتي لا تزال باقية في المسجد النبوي الى الان شاهدا على روعة هذا الفنان الملهم عبقريته حيث ورد في كتاب (فن الخط) انه من حيث طولها ان عبدالله زهدي هو صاحب اكبر قدر من كتابات خط الثلث الجلي بحيث لا يتعداه خطاط اخر اذا يزيد طول الشريط الكتابي عن ٢٠٠٠ متر منها ٢٤٠ متر على شكل ثلاثة اسطر فوق جدران القبلة ١٤٠متر على رقبة القبب قد كتب على الجدار القبلي من اوله الى اخره على يمين الداخل من باب السلام اربعة اسطر كلها آيات قرآنية ما عدا السطر الاخير فأنها اسماء النبي صلى الله عليه وسلم والثلاث سطور بارزه الا اسماء النبي فقد كتبها بالدهان ولما.
رجع زهدي لاسترداد راتبه المقطوع اخفق في ذلك حيث توجه الى مصر فاستقبله حاكمها الخديوي اسماعيل واطلق عليه لقب خطاط مصر وذلك عام ١٢٨٣هجري واوكل اليه كتابة خطوط المساجد المدارس ودوائر الدولة والاوراق النقدية المصرية وكلفته الحكومة كتابة الايات القرآنية على كسوة الكعبة فأصبحت تصنع في مصر بعد حياة حافلة بالعطاء توفي زهدي عام١٨٧٨م ودفن بالقرب من ضريح الامام الشافعي رضي الله عنه.