سأتحدث إليكم عن تجربتي في البث المباشر والتي كانت في إحدى برامج التواصل الاجتماعي ، ولا شك أن في التجربة عِلمُ نافع “لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد”.
١٣ عام وأنا أفرغ نفسي “لشبَّة المغرب” وهي عبارة عن (لقاء اجتماعي) من خلاله نلتقي بالجيران والأصدقاء وبمن تربطنا بهم أواصر القربى ، والذي كان من العادات المحمودة التي ورثناها من والدي رحمه الله ، وقد كان كثيراً ما يردد أبيات جميلة ذات معانٍ سامية للسديري :
لعل قصرٍ مايجيله اظلالِ
ينهد من عالي مبانيه للساس ،
لاصار ماهو مدهلٍ للرجالِ
وملجأ لمن هو يشكي الضيم والباس .
إليكم التجربة :
قبل المغرب بدقائق ، قمت بتجهيز المجلس ، وتثبيت الكاميرا في المكان المناسب ، فكما تعلمون ، اليوم الجلسة “على الهواء “.
وإن حدثتك النفس أنك قادرٌ
لما حوت أيدي الرجال فجرّبِ .
وبعد صلاة المغرب
تبدأ فعاليات” البث المباشر” لجلستنا على غير العادة.
بدأ العد التنازلي 3 , 2 , 1، بدأ البث ، الآن نحن على الهواء ،
سيراك ويسمعك القريب والبعيد ، الصغير والكبير ، الأبيض والأسود ، المُحب والعدو ، لا غرابة ، فالهاتف الصغير في جرمه ،
جعل من العالم قريةً صغيرة.
تبادلنا أطراف الحديث ، خبراً من هذا ، وقصةٍ من ذاك و بينما نحن كذلك ، تنبهتُ لأمرٍ ما ، لم يكن في جلساتنا السابقة ، وكان حاضراً معنا هذا اليوم.
ماهو يا ترى ؟!
إنها الرقابة الذاتية ، إنه استشعار وجود الملكين المأمورين بكتابة الحسنات والسيئات ،
كنا نتحدث بحذر ، لا نذكر أحداً بسوء ، ولا نتحدث بحديث يحتمل أكثر من تفسير ،
مالذي تغيّر !
هل هو اطّلاع الناس علينا في “البث المباشر” ،
ألم تكن حياتنا مرصودة من قبل ،
أغَفِلنا عن قوله تعالى :
( لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها )الكهف٤٩
هل أصبح رادع العيب يفوق رادع الحرام .
لو كنا نراقب الله في مجالسنا ، ونوقِف من يمارس الغيبة
فيها ، ونشجع من يتورع عنها ، لكانت الرقابة الذاتية حاضرةً في كل قولٍ وفعل ، قال تعالى : (إن الله كان عليكم رقيبا).
وهناك شريحة مشرفة في مجتمعاتنا يستخدمون
أساليب رائعة عندما يتحدثون عن أشخاص سيئين ،
فمنهم من يستخدم الرموز كقوله ( أحدهم أو “س” من الناس ) أو كما علمنا نبينا محمد صلى الله على
وسلم :
(ما بال أقوام يقولون كذا وكذا ) “حديث صحيح”
وهذه الأساليب تستخدم عندما نتحدث عن أحدٍ بسوء إما تحذير منه ، أو قصة عابرة فيها عبرة ،
فجديرٌ بنا أن نعزز المهارات الجيدة ونشجع كل من يمتلكها ، ونذكِّر وننصح كل من أُبتُلي بالغيبة في مجالسنا ، في العمل ، في لقاءات الأصدقاء ، في اجتماعاتنا العائلية.
الغيبة آفة خطيرة ، وكبيرة من كبائر الذنوب ومن قرأ التاريخ علِم أنه مرضٌ لا يرتبط بزمان أو مكان أو أشخاص.
فقوله تعالى ((ولا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ {الحجرات:12}
نزلت حجة وتبياناً للناس أجمعين ، فكلنا نذنب وليس منا معصوم إلا صاحب ذاك القبر صلوات ربي وسلامه عليه.
يُقال : أن التشخيص السليم نصف العلاج.
ماذا نحتاج بعد التشخيص ؟!
نحتاجُ للعلاج ؟!
لا ، بل لابد أن يكون هناك رغبة بتناول العلاج مهما كانت مرارته ، وإلا فأنت ستخرج صِفر اليدين بعد التشخيص ووصفة الدواء ، وحتى من قراءة هذا المقال.
العلاج بعد توفيق الله في :
📌استشعار غضب الله على المغتاب .
📌تخيل أنك تأكل لحم أخيك جيفة ، أو ميت في مناسبة خاصة ،( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ).
📌مجالسة الصحبة الصالحة فهم يعينونك على ترك أي عادة سيئة ، فهناك دراسة تقول :
((أنت متوسط مجموع أكثر ٥ أشخاص تجالسهم، ومحصلة ما تسمعه منهم )).
-ردع المغتاب ونهيه عن الغيبة ، يزيد من حرصك على نفسك لكي لا يُسمعوك قوله تعالى (أتأمرون الناس بالبِرِّ وتنسَون أنفسكم) وقول أبو الأسود الدؤلي :
يأيها الرجلُ المعلّمُ غيرَه
هلاّ لنفسك كان ذا التعليمُ
ونراك تُصلح بالرشاد عقولنا
أبدًا وأنت من الرشاد عديمُ
ابدأ بنفسك فانهَها عن غَيِّها
فإذا انتهت عنه فأنت حكيم .
📌اعلم أن هناك علاقة عكسية.
كلما تعرضت للناس بلسانك ، كلما اهتزت ثقتك بنفسك لتبدو واضحة جلية في لغة جسدك أمام الآخرين📌تذكر أنك لن تستطيع أن تمنح والديك حسنة واحدة وبالمقابل ستعطي من كنت تكرههم في الدنيا بل قد تحتاج إلى أن تخفف عنهم بعض سيئاتهم ، لذلك سُمي ذلك اليوم يوم الحسرة.
📌ردع النفس بانزال العقوبات عليها كما فعل(ابن وهب) ، يقول : جعلت على نفسي كلما اغتبت إنساناً صيام يوم، فهان علي ذلك، فجعلت عليها إذا اغتبت إنساناً علي صدقة درهم ، فثقل علي ّوتركت الغيبة.
واخيراً وليس آخراً ، فلنطلب العون من الله ، ولنضع الخطط تلو الخطط لنخفف عنا أثقالاً من الذنوب ،
ونتكاتف لنرضى علّام الغيوب ،
للتواصل مع الكاتب +966 54 779 923