
لغةُ إذا وقعت على أسماعنا ..كانت لنا برداً على الأكبادِ ستظل رابطةً تؤلف بيننا .. فهي الرجاء لناطقٍ بالضاد و إذا طلبتَ من العلوم أجلُها .. فأجلَها منها مقيم الألسنِ نعم هي اللغة العربية، لغة القرآن وتعبده، لغة لسان العرب ,فمن هنا كان تعلم اللسان العربي لكل مسلم دائرُ بين الواجب والمستحب ، ففيها مالا تتم العبادة إلا به كقراءة الفاتحة لابد أن يقرأها الأعجمي بلسانٍ عربي ، إذ لا تغنيه الترجمة أو فهم معانيها شيئاً, فلا تصح الصلاة إلا بقراءتها كما هي باللغة العربية .
العربية إنها أغنى اللغات بالمفردات والمترادفات ، لها عذوبةُ في اللفظِ ونغمُ في النطق وجمالٌ في الحديث ، كيف لا وهي تُكوِن لنا في كل يوم أخباراً و قصصاً وحكايات مليئة بالمشاعر والأحاسيس والعجائب , ومن عجائب اللغة العربية التي أطلعت عليها مؤخراً الاختصارات .
فهنالك اختصارات قد تكون بعيدة عن طَرق أسماعنا ,كالحوقلة أسمعتم بها من قبل؟ معناها لا حول ولا قوة إلا بالله , والطبقَلَة أي أطال الله بقائك , والدَمعزة أي أدام الله عزك , والجَعلفة أي جُعلتُ فداك .
ما ذكرته من العجائبِ هي معانٍ تكونت من حروف تأثر علينا وتكون شخصياتنا, نعم فاللغة العربية تعتبر من مكونات الشخصية ولكل أمة ملامح لهويتها, فملامحنا هي لُغتنا ، فكيف إذا ذُوِبَت هذه اللغة وطُمست معالمها سواء ًبقصد أو بدونه؟
سيضعف الانتماء لمصدر تميزنا وثقافتنا وتراثنا العربي الاسلامي ، فأنتم ترون ما الذي يحدث اليوم في مجتمعنا ، بدأت تُسلب منا بل بدأ دورها يغيب في المناهج التعليمية ليُنشأ جيل لا صلة له باللغة العربية سوى مجرد الانتساب إليها ، وحينها ما الذي سيحدث ؟ لن تفرِق الأجيال القادمة بين الحق والباطل لن يتعلموا عقيدتهم الصحيحة ، ستخسر الأمة أصلاً من أصولها ولبنة من لبناتها التي ترتكز عليها حضارتها وتستقي منها ثقافاتها .
نريد أن نحبب الجيل باللغة العربية من خلال التسهيل وليس (التساهل) في تدرسيها لهم , ولذلك أطالب الناس اليوم بكل أسفٍ وحُرقة على غياب لغة القرآن بأن يكونوا أمثال سيبويه وابن عقيل وغيرهم من أعلام اللغة والبيان والشعر واللسان ,نريد أن يتعلموا من اللغة العربية ما يعينهم على تدبر كتاب الله وفهم معانيه ليطبقوها ويعملوا بها لأن العربية أساس هويتنا .
كفانا استزادة بالأخطاء التي حولت كتابتنا العربية إلى لغة أخرى نسميها باللغة المهجنة ، هنالك كوارث إملائية إن جازت التسميه بذلك, نقرأها كل يوم في فضاء الإنترنت وفي الأماكن العامة وبين طلبة العلم ، حتى الإعلام الإلكتروني بما فيها الصحف أصبحت لا تهتم ولا تدقق في الأخطاء الإملائية ، أرأيتم إلى أين وصل بنا الحال !
أصبحنا نرى كلمة أنتِ آخرها بالياء وليست بالكسرة ، نرى كلمة لكن بوجود الألف بعد اللام وهذا خطأ ، سأعلمُكم أمراً حتى وإن عَلمنا الكتابة الصحيحة لأنتِ بالكسرة ولكن بدون وجود الألف بعد اللام ومازلنا مستمرين في الكتابة الخاطئة تساهلاً منا ونحن نعلم الصحيح منها صدقوني ، سنعتاد على الكتابة الخاطئة التي نكتبها في كل يوم ، العين ستعتاد على الخطأ وبالتالي ستتناقل الأخطاء من جيلِ إلى آخر ، الكلمة الصحيحة سوف تُستنكر مع مرور الأيام فلا تتساهلوا بالأمر .
مَن تكتب لكم اليوم ليست من أعلام اللغة والبيان ولم تصل إلى درجة الإتقان والخلو من الأخطاء الإملائية في كتاباتها, ولكنها شعرت بأهمية هذه اللغة التي تجسد لنا ثقافتنا وهويتنا ,وتُفهمنا ديننا قبل أن نتعلم أي أمر من أمور الدنيا .
لا مانع من تعلم لغات أخرى تفيدنا في حياتنا ولكن من العيب أن نتعلم لغة أجنبية قبل تعلمنا وفهمنا للغتنا ,والعيب الأشد أن نفتخر بتمكننا من ممارسة اللغات الأخرى وترك الافتخار بلغتنا الأم .
أتمنى أن يصلكم ما أشعر به من خطورة الأمر فجميعنا نعلم أن اللغة العربية تعيش حالياً في أضعف مراحلها, أسأل الله أن يرسل لنا أناساً ينهضون بها مرة أخرى وأن لا نراها تتلاشى أمامنا يوماً تلوى الآخر ونحن مكتوفين الأيدي .
جعلفكم الله ودمعزكم كما أرجو أن أكون قد أضفت إلى أنظاركم فائدة وأيقظت لديكم الشعور تجاه لغتنا