
تلعب الأنهار التي تنشأ على ضفافها المدن دورا حيويا هاما ، فتكون بمثابة شريان حياة وكما تنشأ المدن على ضفاف الأنهار ، تنشأ أخرى على سواحل البحار أو على قمم الجبال ، وغيرها مما يتحدى الظروف القاسية فتبنى في عمق الصحراء.
وتبقى المدن على ضفاف الأنهار أكثرها جاذبية وسحرانجد مدنا نشأت على ضفاف الأنهار وقد قيل أن مصر هبة النيل ، كما نهري دجلة والفرات اللذان يتدفقان من جبال طوروس في تركيا مرورا بسوريا ، وصولا الى العراق حيث تقع عدة مدن شهدت تاريخا عريقا كبغداد والموصل وتكريت و الكوت على نهر دجلة، و مدن بابل والكوفة و كربلاء على نهر الفرات الذين يلتقيان ليشكلا شط العرب في العراق ، و نهر أبى الرقراق في الرباط بالمغرب ، والوادي الكبير في قرطبة و اشبيلية ، و نهر تاجة في طليطلة الذي يحيط بها مما يشكل لها حماية وحصانة من العدو ، و نهر السين في باريس ، والتيمز في لندن ، والراين في زيورخ و برن في سويسرا ويمتد لألمانيا وفرنسا وهولندا.
و كذلك الأمر مع نهر المسيسسبي بأميركا الشمالية عدى طول الحدود الكندية وأميركا ، ونهر الأمازون الذي يطلق عليه البحر النهر في أميركا الجنوبية ، و الدانوب في أوروبا و الذي يسمى نهر العواصم لمروره بنحو ١٠ دول أوروبية.
وفي الصين يمتد نهر اليانغتسى الذى ينبع من جبال تانغقولا بمقاطعة تشينغهاى بطول 6300 كلم وهو اطول نهر فى آسيا وثالث أطول نهر فى العالم.
أما في استراليا فأطول نهر فيها هو نهر موراي الذي يتدفق من جبال الألب الاسترالية بطول 2375 كلم، و يتميز بأهمية ثقافية وتاريخية كبيرة ، و رويت حوله العديد من الاساطير والقصص الخيالية.
اكتشفه الأوروبيون سنة 1824، واستخدم في الملاحة والري وأقيمت عليه الكثير من السدود ومشاريع الطاقة الكهربائية و الكهرمائية ولطالما كانت الأنهار منشأ حضارات حيث تجتذب السكان للاستقرار على ضفافها، حيث تكون لها وظائف عسكرية فضلا عن المزايا الجمالية التي تستغل سياحيا ، فضلا عن مزايا مناخية و جغرافية، و اقتصادية و صناعية ، فتغدو الذاكرة الحضارية للمدينة عبر الزمن في خط متصل، تنمو على ضفتيه مبان و قصور ومتاحف ،و مطاعم ومقاه ،ومراكز حضارية متجاورة ،تروي تاريخ المدينة ماضيا كما ترويها حاضرا.
وقد تقسم الأنهار المدن الى جانبين ، مدينة قديمة تحافظ على نمطها العمراني و أزقتها و مبانيها ومحلاتها التاريخية ، لتقابلها مدينة حديثة على الضفة الثانية كما في أماسيا مدينة الملوك والأمراء في شمال تركيا ، و مدينة ماسترخت في هولندا.
وكما هي الأنهار سببا للحياة والاستقرار ، إلا أنها أيضا سببا للصراعات السياسية للاستحواذ على حصص كبيرة من المياه على حساب أطراف أخرى تشترك مجرى النهر من منبعه إلى مصبه.
لفتني الإنسان كيف تمكن من تسخير كل هذه الهبات الربانية لتكون مصدر دخل وحياة كريمة له، و نهضة لبلده و عماد صناعاته ، و كيف يمكن أن تكون سببا لصراعات وحروب.
لتواصل مع الكاتبة – 0505316713