
من أعظم الأعمال التي يعملها العبد تقربا إلى الله تعالى ؛ جبر خواطر الآخرين ومواساتهم وإدخال السعادة والسرور على نفوسهم . هذا المنهج العظيم هو توجيه نبوي كريم ، كان من أخلاقه وشيمه صلى الله عليه وسلم. قال عليه الصلاة والسلام : ( أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم : تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ، ولإن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلىّ من أن أعتكف في هذا المسجد ــــ يعني مسجده صلى الله عليه وسلم ــــ شهرا). فلنتأمل معا هذا التوجيه النبوي الكريم : سرور تدخله على قلب مسلم من أحب الأعمال إلى الله عز وجل . ويحصل المرء على هذا الأجر العظيم من هذا العمل النبيل وهو جبر الخاطر لأنه يدخل السرور على قلب الآخرين . زيارة لأخيك أو هدية تهديها له أو كلمة تواسيه بها . وهذا العمل يدل على كرم وحسن أخلاق فاعله ، لأن هذا العمل ــــــ جبر الخواطر ـــــ لا يوفق له إلا من وفقه الله تعالى له . وهو من أعظم العبادات ومن أعظم أسباب الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم.
قال الأصبهاني في كتابه ( الحجة في بيان المحجة ) : ومن مذهب أهل السنة : التورع في المآكل والمشارب والمناكح ، ثم قال : ومواساة الضعفاء والشفقة بهم ، فأهل السنة يعرفون الحق ويرحمون الخلق ) . ولنتأمل قول الله عز وجل : ( فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر ) الضحى / 9 ، 10.
لأن في ذلك جبرا لخواطرهم والشفقة بهم حتى لا تنكسر قلوبهم . يقول جابر رضي الله عنه : لقيني رسو الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : يا جابر مالي أراك منكسرا ؟ فقلت يا رسول الله استشهد أبي قتل يوم أحد وترك عيالا ودينا وليس إلا جابر ، فقال عليه الصلاة والسلام : أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك ؟ قلت بلى يا رسول الله قال : ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب ، وأحيا أباك فكلمه كفاحا فقال يا عبد تمن علي أعطك قال يا رب تحيني فأقتل فيك ثانية ، قال الرب جلا وعلا : إنه قد سبق القول مني أنهم إليها لا يرجعون ) صحيح الترمذي . فانظروا كيف طيب رسول الله صلى الله عليه وسلم خاطر جابر بهذه البشارة العظيمة.
إن جبر الخواطر موضوع لا تكفي فيه الكلمات ، ولكن الواجب أن يكون منهجا يدرس وسلوكا ينبع من أفراد المجتمع المسلم ، فإن فيه الخير والسعادة وتنشأ منه الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع ، ويكفي فيه أنه من أحب الأعمال إلى الله عز وجل.