أكد طبيب متخصص في الروماتيزم وهشاشة العظام الدكتور ضياء الحاج حسين : أن معظم الأسر في المجتمعات العربية أعطت اللغة الأجنبية عند أطفالها الاهتمام البالغ لدرجة أن ثقافتهم الأجنبية طغت على لغتهم العربية الأصيلة.
وقال : لا أنكر أهمية تعلم اللغات في حياتنا ، وخصوصًا اللغة الانجليزية التي أصبحت هي السائدة في كل دول العالم ، ولكن من المؤسف أن يجعلها بعض الآباء والأمهات اللغة الأولى في حياة أبنائهم على حساب إهمال لغة الأم وهي لغتنا العربية ، إذ نجد أن هناك من يبدأ بتعليم الأطفال على المفردات الإنجليزية بمجرد أن يخطوا في عامهم الثالث ، في مقابل ذلك يتعمد الكثير تعليم أطفالهم المفردات المتداولة بشكل يومي باللغة الإنجليزية مع إهمال تعليمهم مبادئ وأساسيات اللغة العربية من حيث تحليلها وتركيبها وتهجئة كلماتها، حتى وصل الأمر أن نرى بعض الأمهات يتضايقن حين يتحدث أبناؤهن اللغة العربية، ويتباهين بشكل علني أمام الجميع حين يتحدث “الإنجليزية” بطلاقة.
وأضاف “حسين” : ما عزز هذا التوجه عند الأطفال الصغار وجود الخادمات الآسيويات إذ كرّسن اللغة الانجليزية في أذهان الأطفال الصغار ، فأصبح الأطفال يعيشون بهوية ثقافية أجنبية مختلفة ، وبذلك تصدرت اللغة الثانية محل ثقافة اللغة الأولى.
وأضاف ” الواقع أن اللغة العربية أصبحت في مأزق حقيقي ووصلت إلى مرحلة عسيرة، تراجع الاهتمام بها، رغم أنها المكون الرئيس للهوية العربية، ورغم أنها الأقوى في حفظ تراثنا، والأقدر على تخطي حاجز اللهجات المتعددة والتواصل الفاعل بين الشعوب الناطقة بها ، وهذا يتحقق برعاية الأطفال وتعليمهم العربية منذ نعومة أظفارهم ، والتكريس في أذهانهم بأن العربية هي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، وهي لغة الضاد، وهي اللغة التي بهرت العالم بفصاحتها، وهي التعبير الحق عن الهوية الوطنية، والتأكيد عليهم بأن كم من لغة أمتدت وسادت بامتداد نفوذ أهلها، وكم من لغة مرضت بسبب إهمالها من أهلها”.
وأشار : كما لا يفوتني أن أستشهد بما ذهب إليه الخبير الصحي المعروف البروفيسور زهير السباعي في محاضرته عن الصحة والسلامة حول نجاح بعض الدول الصغيرة مثل السويد والنرويج والدنمارك وهولندا في تدريس الطب والعلوم الطبية بلغتهم المحلية مع إجادة لغة أجنبية أخرى ، مما يجسد تمسك هذه الدول بلغتهم الأم وتكريس ثقافتها وأهميتها في نفوس الشعب ، ولم يواجه طلابها أي مشاكل مع الدراسات العليا بلغتهم الأصلية ، أيضًا نجد أن هناك البعض لم يلتفت إلى لغته العربية عند البحث عن مراجع متعلقة بالصحة العامة إذ كرسوا إهتمامهم على اللغة الانجليزية دون إعطاء أي أهمية إلى لغتهم العربية رغم وجود أكثر من 100 مرجع في فروع الصحة العامة على الشبكة العنكبوتية ، وبذلك نستطيع القول ” من جهل الشيء عاده”.
وأختتم “حسين” بالقول:استطاعت اللغة العربية أن تستوعب الحضارات المختلفة؛ العربية، والفارسية، واليونانية، والهندية، المعاصرة لها في ذلك الوقت، و أن تجعل منها حضارة واحدة، عالمية المنزع، إنسانية الرؤية، وذلك لأول مرّة في التاريخ، ففي ظل القرآن الكريم أصبحت اللغة العربية لغة عالمية، واللغة الأم لبلاد كثيرة ، إن أهمية اللغة العربية تنبع من نواح عدّة؛ أهمها: ارتباطها الوثيق بالدين الإسلامي والقرآن الكريم، فقد اصطفى الله هذه اللغة من بين لغات العالم لتكون لغة كتابه العظيم و لتنزل بها الرسالة الخاتمة {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}، و من هذا المنطلق ندرك عميق الصلة بين العربية و الإسلام، كما نجد تلك العلاقة على لسان العديد من العلماء ومنهم ابن تيمية حين قال: ” معلوم أن تعلم العربية و تعليم العربية فرضٌ على الكفاية “، ومن هنا على الذين يتباهون بتعليم أبنائهم الإنجليزية منذ نعومة أظفارهم أن يجعلوا “العربية” قبل كل اللغات حتى تكون هويتهم الثقافية عربية في المقام الأول.