تمهّلتُ كثيرا عندما هممتّ بالكتابة عن هذا الرجل الإنسان ، الوزير الخلُوق ، لأنّي خشيت أن أتعثّر في انتقاء الكلمات وَأَضِلُّ الطريق في العُثور على العبارات التي تُناسب مكانته وترتقي إلى قامته وقيمته وأخلاقه وسيرته الطيّبة.
كان ومازال يرفض الأضواء ، ويعشق الظلّ والانزواء ، ويبتعد عن عيون الكاميرات والفلاشات ، ويتخفّى عن أفواه المادحين ، وينزوي عن عيون الصحفيين وأقلام الكُتّاب منذ أن كان وزيرًا وحتى بعد ترجّله عن الوظيفة.
لأنّه ارتدى منذ نشأته جلباب التواضع وعباءة حُسن الخُلق ازدان بهما من اخمص قدمه حتى أعلى رأسه وهذه الخَصْلَة والفضيلة دائمًا تجدها عند الفُضلاء والنُبلاء والعُظماء من الرجال أمثال هذا الإنسان.
حدّثني عنه الكثيرون من زملائه وأصدقائه قبل أن أعرفه حدّثوني عن عصاميّته ودماثة أخلاقه ، عن تواضعه وجَمَال تعامله ، والحكمة في تصرّفاته ولقد تأكّد لديّ جليًّا ما قِيْلَ عن هذا الإنسان الخلوق الفاضل وما يتمتّع به معاليه من سمات راقية ، وأخلاق عالية ، وتواضع رفيع ، تأكدتّ عندما اقتربتُ منه ، وعرفتُه عن قُرب ، من خلال علاقة حميمة ربطتني بمعاليه في الآونة الأخيرة.
إنّه الوزير السعودي ابن المدينة المنورة البار : المهندس محمد جميل بن أحمد مُلّا وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السابق وُلِدَ معالي المهندس محمد جميل في مدينة الرسول صلّى الله عليه وسلّم ( طيبة الطيّبة ) عام ١٩٤٢م ونشأ على ثراها الطاهر ، وتربّى في حاراتها وأحواشها وأزقّتها ، وكانت ولادته بالتحديد في رباط ستّنا مَلْكَة في حوش دَرَجْ ، بعدها انتقلت أسرته إلى حوش خميس في باب الكومة ، وبعدها انتقلوا إلى الكاتبيّة في حي العنبريّة هذا الحيّ العتيق الذي كان يشتهر بوجود معالم أثرية مثل : القشلة ، وثانوية طيبة ، والتكيّة المصرية ، ومحطة قطار الحجاز ( الاستسيون ) وغيره.
درس معالي المهندس محمد جميل التعليم العام في مدارس المدينة وحصل على الثانوية العامة من مدرسة طيّبة الثانوية بعدها انتقل الى العاصمة الرياض ودرس في جامعة الملك سعود وحصل على بكالوريوس الهندسة الكهربائية ، ابتُعث بعدها إلى الولايات المتحدة وحصل على درجة الماجستير في الاتصالات السلكية واللاسلكية من جامعة كلورادو الامريكية.
شغل عدة مناصب في وزارة البرق والبريد والهاتف منها : مهندس راديو ، مهندس كهرباء ، الوكيل المساعد لشؤون التشغيل والصيانة ، وكيل للشؤون الهندسية عمل مديرًا عامًا للإتصالات بمنطقة الرياض ، ومديرا عامًا للمنطقة الوسطى للإتصالات.
تبوّأ منصب محافظ هيئة الإتصالات وتقنية المعلومات كما تقلّد منصب رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للإتصالات الفضائية ( عربسات ) من عام ١٩٩٣م إلى عام ١٩٩٥م.
في عام ٢٠٠٣م صدر الأمر الملكي الكريم بتعيين معاليه وزيرًا للإتصالات وتقنية المعلومات واستمرّ إلى عام ٢٠١٤م ، خلال هذه السنوات والفترة الطويلة التي مكث معاليه فيها وزيرًا شهدت الاتصالات في المملكة نقلة تقنية كبيرة وتطور فريد قام به معاليه مع فريق العمل الذي كان معه وبدعم سخي من قيادتنا الحكيمة شمل جميع أنظمة وأجهزة الإتصالات وتقنية المعلومات في جميع المناطق والمحافظات تناسقت وتوافقت مع التطور والنمو الكبير الذي شهدته المملكة في مختلف المجالات والأصعدة في خلال تلك السنوات اذكر باختصار بعض هذا التطوّر : التحوّل إلى مجتمع معلوماتي واقتصاد رقمي لزيادة الإنتاج وتوفير خدمات الإتصالات وتقنية المعلومات لكافة شرائح المجتمع في جميع انحاء البلاد.
تأسيس شبكة التعاملات الاليكترونية الحكومية تجهيز البنية التحتية لتكامل وتبادل البيانات بين الأجهزة الحكومية تهيئة بيئة التعاملات الرقمية وتحوّل أغلب المعاملات الورقية إلى اليكترونية على مستوى جميع القطاعات.
وبعد انتهاء فترة عمله في الوزارة ، وبعد أن أدّى معاليه رسالته وبذل ما بوسعه من جُهد في خدمة وطنه ومليكة وأمّته . تفرّغ بعدها لأعماله الخاصة لكن الشيء الجميل في هذا الإنسان أنّه مازال يحتفظ بتلك الأخلاق السامية والنفس الطيّبة والتلاطف والتعامل المَرِن والروح الإجتماعية مع الجميع.
هذه هي معادن الرجال الأصيلة لا تصدأ ولا تتغيّر حتى لو تقادمت ، وعفا عليها الزمان ، وتعاقبت عليها الأيام حفظ الله معالي المهندس محمد جميل مُلّا وأمّده بالصحة والعافية وجزاه عن كل ما قدّمه للوطن والمواطنين في ميزان حسناته.
وحفظ الله مملكتنا الغالية ومليكنا الملك سلمان وولي عهدنا الأمير محمد بن سلمان وأدام الله علينا نعمه الظاهرة والباطنة إنّه سميع مجيب.
للتواصل مع الكاتب ٠٥٠٥٣٠١٧١٢
المهندس محمد جميل بن أحمد مُلّا