
حديثنا هنا ليس المقصود به شخصية ما، بل يتمحور حول دور الادارة و فنّها في شتى مناحي حياتنا ليست العملية داخل أروقة المكاتب والأقسام الإدارية كافة بمختلف مسمياتها، أو صالات الاجتماعات، أو قاعات المؤتمرات والمحاضرات، بل إن الإدارة وفنّها تصل لحياتنا الأسرية، وعندما علمنا سلفاً أن الإدارة فن و علم، نؤكد هنا تطبيقها على كافة مسيرتنا العملية داخل او خارج المنزل.
هذه المقدمة البسيطة سوف تعكس لنا ما يُحكى عن الحماة ( الحموات ) والمقصد هنا بالحماة أم الزوج أو أم الزوجة فكلاهما نسيج إنساني متعدد الظروف و العواطف تديران المنزل بحكم قربهما الشديد لا بنائهما وقد تكون هذه الحماة شخصيتين في آن واحد ( أم زوج و أم زوجة ) ، وأن كلمة “حماة” حين نسمعها مباشرة نتصور أمامنا أم الزوجة و التي تمثل كل المتاعب و الأعباء للزوج، فهي من تجلب له المشاكل بأي حال من الاحوال.
و بدون تحديد الاوقات لا أحد ينكر هذا القول، لا أقصد ما تصنعه الحماة ( ام الزوجة ) بل ما يتبادر الى الذهن الذي غرس فيه هذا الأمر حتى ونحن اقتربنا من أوائل القرن الثلاثون الميلادي.
و تَرِد اسئلة عدة منها
من المتسبب في ذلك ؟
ما المقصود من ورائه ؟
هل هي أقنعة مخفيه من كل الاطراف ؟
الاجابات مختلفة من الكل دون استثناء وهي ما تعكسه حياتهم و اكتسابتهم وادراكهم للصح و الأصح، زد على ذلك العاطفة وهذا ما نجده في مدارس الادارة المختلفة وهم عاشوا نظماً أو مفاهيم ادارية تختلف من بيئة لبيئة ولا ننسى الطبقات الاسرية أيضاً.
علينا هنا ان نأخذ الامور بتأملات بسيطة جداً فإن أم الزوجة تخاف على ابنتها أكثر من نفسها ومن أولادها الذكور، وترى أن مصلحة ابنتها الأساسية أن تكسب زوج ابنتها و ترضيه، بل يصل الأمر لترضي غروره حتى يظن أنه شيء مهم جدًا له وزنه ، ونجد أن الأم تعيش في خوف من فكرة تطليق ابنتها لا تفه الاسباب، وما يلاحظ أن الأم تتعامل مع زوج ابنتها بشكل أفضل لأنه هو الذي سيسعد هذه الابنة. لذا تكون العلاقة الطيبة والجميلة بتقمص الأم لابنتها وأن زوجها هذا هو إضافة إلى ملكيتها وليس انتزاعًا منها، ثم أن من يسعد ابنتها لابد أن يشكر و يكرّم و قد يصل الأمر إلى تفضليه على أبنائها . وكذلك رضا أم الزوجة سينعكس على ابنتها وهذا نابع من معاملة الحماة له ( أم الزوجة ) وفي نهاية المطاف هو الكسبان وخاصة إذا عمل ذهنه واتبع المثل القائل :
( بوس يد حماتك ولا تبوس يد مراتك ) وهي هنا تشعر بكسبها ابناً جديداً مضافاً إلى قائمتها المفضلة ولنا نظرة هنا للوجه الآخر وهي أم الزوج ( حماة الزوجة ) فعلاقتها بزوجة ابنها بالضرورة مختلفة لأنه نوع من النزاع على الملكية ومشاركة الزوجة للأم في هذا الابن.
وقالوها من عصور سابقة : ( عرق وراء الإذن ما يحب مرات الابن ) وفي هذه الحالة تصبح زوجة ابنها متعديةً على حقوقها حتى لو اشهرت في وجهها ورقة المأذون ، وقيلت هذه العبارة من الازل : ( ربي ياخايبة للغائبة ).
ونجد في مفترق الطرق حماة لم تنجب بنات فتتبنى زوجة ابنها بنتاً لها تبنيًا علنيًا أو سريًا وليس هذا انهما سيستمران سمناً على عسل، فأم الزوج لا تتسامح مع زوجة ابنها على الاطلاق عند أقل هفوة تصدر منها تجاه ابنها، أو أي شخص من أفراد الاسرة، رغم ما قيل في الماضي ( قالوا ياحماة ما كنتِ كذا قالت كنت ونسيت ) بمعنى انها نست هذه الحماة حين كانت زوجة ابن امرأة اخرى، إلا أن رد الحماة يدل على أن علاقة الحماة السيئة بزوجة ابنها قد تكون ( تخليص ثأر ) وتتفاقم المشكلة حين تضطر زوجة الابن بالسكن في نفس منزل حماتها وذلك بمنحها غرفة، وهنا قالوا ( الماء والنار ولا حماتي في الدار ) ، ونشاهد حين تظهر الحماة العطف على زوجة الابن ماذا قالوا ( مكسور ما تأكلي و صحيح ما تكسري وكلي يا مراة ابني حتى تشبعي ) هي هنا تعلن الكرم حين تدعوها أن تأكل حتى تشبع على شرط ألا تكسر رغيفاً صحيحاً وفي نفس الوقت لا تأكل عيشاً مكسورًا فبالله ماذا تريد أن تأكل.
وبنظرة الى الوجهين للحماتين فما يصدر منهما ليس إرادياً أو مقصودًا. وهذا عَكَسَ ما قلناه عن حسن التصرف والادراك والفهم والتخطيط للمدى البعيد وهذا يعتبر من فن الادارة وإننا هنا لسنا متحاملين جدأ على حماة الزوجة كلا وألف كلا. ولكن بواقعية دقيقة يلمس القراء مما يدور حولهم أو يستمعوا إليه في كافة المجتمعات الشرقية أو الغربية أن كل حركة أو تصرف لزوجة الابن لها الف معنى و تفسير، وإن صَدَرَ تلقائياً أو بحسن نية، وفي المقابل زوج الابنة يخلق له الاعذار و يلتمس له ذلك في أي قالب كان سواء تعمد أو قصد هذا العمل ، وصحيح حين قِيل ( حبيبك تبلعله الزلط و عدوك تقعد له على الغلط ).
وسؤالنا هنا ما هو دور الاب ؟ هل يقف في دور المتفرج غير المبالي ؟ بالطبع الصحيح لا ، فهو خوفة على ابنته أكثر من أمها، ومن هذا المنطلق ينظر الى زوج الابنة في مقام ابنه مهما كان سلوكه فتفكير الأب عقلي وليس عاطفي، وكذلك مع زوجة الابن لأنها في مقام ابنته مهما صدر منها من سوء تصرف، و تبدأ إدارته للأمور بما ينصب في مصلحة جميع الاطراف، دون المساس بالكرامة و عدم الخذلان لزوجته فهي أم ولها الاحترام
و التقدير والانصياع فيما تمليه الادبيات التربوية.
ولنا أن نختم ما أجمل التفاهم بين الابوين فيما يخدم مصلحة الابناء ( اناثاً و ذكوراً ) مع أزواجهم و زوجاتهم، وخلق جوٍ أسري كله حب و احترام و وفاء و تقدير وذلك بتوزيع المهام بينهم وإدارتها و تصحيح المسار إذا تخطى المنحى السليم لتسير الحياة أجمل مما يتصورون و يتوقعون.
ونستعرض موقفين واقعيين يحكى أن زوجاً و امرأته حضرا للإفطار في شهر رمضان عند أهله، وكان وقت حضورهم قبل المغرب بأقل من 5 دقائق. المهم وقفت زوجة الابن على باب المطبخ وقالت لحماتها أساعدكم!!، على الفور ردت عليها حماتها وقالت لها لا روحي اذني !!!!!!!
واما الموقف الاخر في اسرة أُخرى ردت حماتها وقالت لها تسلمي يابنتي حضورك فرّح قلوبنا انت وابني وانت ما تقصري لو طلبنا منك أي شيئ
هنا ننظر ونقارن في الرد وأسلوب التعامل وإن إدارة المواقف مهمة جداً إما الكسب أو النفور ، ولأثبت لكم أن الحموات متفاوتات منهن صاحبات إدارة للمواقف و واعيات وذوات فن في التعامل، واخريات تسيطر عليهن ادارة التسلط و الاوامر وعدم التوازن في المواقف.
ونسأل الله الهُدى و الهداية.
تتواصل مع الكاتب k8906@hotmail.com