الحضور مستمر, كل شخص يختار مقعده حسب المقاعد المتاحة او ربما حسب اهمية الشخص ومكانته وربما حسب تخطيطه التفاعلي للإجتماع. نعم يخطط بعض الحضور للإجتماع مسبقا بطريقة او بأخرى. قد يخطط ان يكون سلبي ومعارض لكل ماسوف يقال بسبب موقف نفسي او معنوي مر به او ربما لإعتقاده انه هو المفترض ان يدير الإجتماع. الإعتبارات قد لا تكون حاضرة في الوقت والزمان ولكن ربما تكون محفوظة في مكان آمن لسنين عدة ولا تتغير بل تزيد ضراوة في بالتفنن في إختلاق الإعتراضات والفلسفة الديمنطقية لغربلة وتكبير المشاكل بدون وجود رغبة للحل او الإقتراب الى نتيجة إيجابية.
تجمع سكان المدينة، الذين يرتدون أرقى الملابس, تحت خيمة السيرك الملونة. احتل مدير الحلبة، وهو شخصية جذابة، مركز الصدارة. رحب بالجميع بوميض في عينيه وأعلن أن هذا اللقاء لن يكون مثل أي لقاء آخر. ومع بدء الاجتماع، أصبح واضحاً أن الحاضرين لا يعتزمون تحقيق أي شيء ذي معنى. وبدلاً من ذلك، جاءوا ليلعبوا أدوارهم، مستمتعين بفرصة أن يكونوا جزءًا من هذه التمثيلية الرمضانية. قام مدير الحلبة، الذي يتمتع بذوق درامي، بتعيين الأدوار والمهام لكل مشارك، مما حول الاجتماع إلى أداء سخيف. تم تكليف خباز البلدة، المعروف بخطبه البليغة، بدور ضابط الوقت الصارم. بحركة من شوكته، كان يعلن مرور كل دقيقة، على الرغم من أن الوقت بدا وكأنه فقد كل معنى داخل حدود السيرك السحري. البهلوان في السيرك دائما يعتقد انه الأذكى وان احد لن يعرف مايدور في عقله وخلده ولكن غالبا يكون البهلوان واضح منكشف أمام الجميع بما يعرف او بما يتظاهر انه يعرف ويحاول ان يظهر انه يعلم مايقول. هناك مساعد للبهلوان وعمل ايضا يساعدونه على الوصول الى ضحكة عميقة من أحد الجماهير حتى ينجح الحفل ويفشل الإجتماع. وهكذا الى حين غير مسمى.
لماذا تستمر الإجتماعات في عدم كفائتها وعدم فاعليتها سواء كانت فكرة الإجتماع واضحة او غير واضحة, لماذا يحضر المجتمعون بدون اي خطة ولا اي ملاحظات من إجتماع سابق بل ان بعضهم تكاد ان تبصم بالعشرة انه ربما كان نائما اكثر من نصف الإجتماع السابق. نائم قوية جدا, طيب اذا من المحتمل ان يكون شارد الذهن في عالم السيرك القادم الذي يخطط له. الحضور المشحون له هيئة تظهر على حركات ووجوه الحضور القادم ومعه أجندة معارضة ومعادية لكل جهد واضح لتطوير حل للمشكلة تحت البحث, ولكن تجد صاحب الوجه الأشد تجهما يبدو وكأنه في عال آخر ولا يبدي اي إشارة الى السماع ويبدو ان وعيه في دوائر الإنقلاب اعلى السيرك.
الدب كانت حركاته جميلة ومرتبة وتوقع ان يقوم الجمهور كله بالتصفيق, ولكن وجوه الجماهير كانت متصلبة من تصرف البهلوان ولم يشاهدوا حركات الدب المرتبة بل انه قال لاحقا انه كان مشغولا بالتفكير في فقرات الإجتماع ولم يكن لديه وقت كي ينظر الى حركات الدب, لا شك ان هذا الإجتماع فيه تضارب مصالح والخطوة والمرحلة تـتطلب تلاعب البهلوان بالجمهور حتى يفشل اي فرصة للوصول الى حل قد يضايقه وقد يظهر ان غيره يعلم اكثر مما يعلم عن كيفية إدارة السيرك الذي يظن انه صنعه وأنشائه بإحترافية ليس لها مثيل. استمر الاجتماع بهذه الطريقة، حيث انغمس كل مشارك تمامًا في أدواره، واستمتع بفرصة الهروب من الحقيقة المرة. لقد كان عرضًا جميلاً للسخافة الجماعية، حيث تلاشت الحدود بين الواقع والأداء.
ومرت الساعات ولم يتم اتخاذ أي قرار مثمر. ومع ذلك، يبدو أن الحاضرين لم يمانعوا. لقد اعتنقوا العبثية، ووجدوا الفرح والوفاء في المشهد المطلق لكل شيء. لفترة وجيزة، اختبروا التحرر من قيود حياتهم اليومية، واحتضنوا النزوة والضحك التي عمت الهواء.
ومع اقتراب الاجتماع من نهايته، شكر مدير الحلبة الجميع على مشاركتهم في هذا الاجتماع الكبير في السيرك. ملأ التصفيق والضحك الخيمة، مرددين الفهم المشترك بأن هذا التجمع لم يكن يهدف أبدًا إلى تحقيق أي شيء جوهري. وهكذا خرج أهل البلدة من خيمة السيرك وقد تزينت وجوههم بالابتسامة وارتفعت أرواحهم. وعلى الرغم من أن الاجتماع كان مجرد وهم حول التقدم، إلا أنه جمعهم معًا بطريقة لم يتمكن أي تجمع عادي من تحقيقها على الإطلاق. لقد حملوا معهم ذكريات ذلك اليوم، محتفظين بالحرية والصداقة الحميمة التي عاشوها في السيرك.
مدير السيرك قرر بعد ان شاهد الاجتماع عن بعد انه يجب ان يوظف بهلوانا آخر اكثر كفاءة وحضورا وان عليه اعادة تدوير جميع عناصر السيرك. لم يكن للإجتماع خطاب تفصيلي ولم يكن هناك اقتراحات للحل المناسب بل اغلق الإجتماع كما افتتح بكلمات متقاطعة يصعب تخمين الحرف الأول من الجملة الأخيرة فيها. يتكلم من لا يعرف مايقول ويهبد هبدا تجد نفسك منبهر من الشجاعة التي تتحكم بثقة النفس المخادعة أمام كل الحضور وهذا النمط يتكرر في الإجتماعات الهزلية في السيرك كما علقت على ذلك نقابة الرقابة المهنية من لجنة كبار البهلوانببن المتحدين لخدمات السيرك.
للتواصل مع الكاتب adel_al_baker@hotmail.com