
بالأمس القريب استقبلنا شهر الصيام، فكان بشهادة الجميع سريعاً ، فلما انفلت من بين أيدينا، جائنا عيد الفطر المبارك وأيضاً؛ شعرنا بأنه مضى سريعًا وكأنَّه ساعة من نهار، ولكن ها هي الأيام وتلك هي سُنَّة الحياة.
فيا عجب العجاب هل لاحظنا جميعًا هذه السرعة المخيفة في مرور الأيام في عصرنا الحالي، ما يجعلنا نستذكر بعض الأمور وكأنها من شهر أو اثنين فنُفاجَأ بأن العام قد انتهى وحلَّ عام جديد، فنتعجب من المرور السريع لسنوات العمر فنرى السنة تمر كالشهر، والشهر كالأسبوع، والأسبوع كاليوم، واليوم كالساعة فيارب سلم سلم.
ياليت كلٍ يحسب حساب قدام
ونحاسب انفسنا على ماجنينا
والمقياس في سرعة السنين واضح، فليست سنة مضت كسنة قادمة، فالعمر نقص وهذا يستلزم التمعن والتفكير الضروري، وفي العمل نحسب حسابات وتقِيم شامل بالمكاسب والخسائر، ومثلها لابد في حساب أعمارنا شأن التدقيق في الميزانية فما النقود والأموال بأهم من سنوات العمر، والذي اريد إيصاله في مقالي هذا، فبسرعة الايام لا ندري بحالنا والموت المفاجئ كثر ونسأل الله حسن الختام لنا ولكم، فسبحان الله خلال ثلاثة أيام أصابني انخفاض حاد، فبعد الكشف والتحاليل اتضح نقص حاد في كمية الحديد، فقلت هذا النذير نعم نغفل عن سرعة الأيام والموت أسرع… فأقول: نعم تمضى محطات العمر دون توقف نتنقل بين محطة تلو الأخرى، ننتظر من خلال نافذة تلك المحطة بكل أمل وتفاؤل، لكل إنسان أهدافه وغاياته في الحياة، يسعى لها جاهدا، مثابرا ليحقق أحلامه وهذه سنة الحياة، وأثناء سيرنا تمر بنا وجوه عابرة في كل محطة، منها من يكون رفيق دربنا حتى نهاية الرحلة ونستند عليه وتكون من أجمل الرحلات بالعمر ولن تتكرر، ومنهم من كان سبب ألمك، وحزنك وخذلانك هنا نقف؟ لنغادر إلى محطة آخرى.. دون عودة إلى محطتهم.
وأخيرا امضي في كل محطة ولا تترك أحدا يبعث لك إشعارات اليأس، امضي إلى قطار الحياة واترك أثرك في كل محطة تعبرها، وأملا عظيماً في قلب من واجهتهم أو سوف تواجههم في المحطات التالية خلال رحلتك، حتى تنتقل إلى آخر محطة تودع فيها الحياة فالأيام سريعة جداً فلتترك ذلك الأثر الطيب قبل فوات الأوان.
إذاً مع نهاية المحطات، يتوقف قطار العمر بمحطة الكهولة؛ ليركب أُناس وينزل أُناس من مختلف الأعمار، ثم يقلع القطار سريعًا في ميعاده غير مبالي بمن لم يركب ومن لم ينزل. وتُفاجأ النفس برحيل الكثير من الناس والأشياء؛ فتتحسر على الوقت الذي ضاع بين محطة الشباب التي أنستها تمامًا قدوم محطة الكهولة. وهنا تسرع النفس في لملمة أوراقها التي كانت مبعثرة وذكرياتها التي تناثرت حولها وثقلت عليها، فلا تدري أيًا من الأشياء وأيًا من الذكريات تأخذها، وأيًا من الناس تتقرب إليها بعد الوصول إلى هذه المحطة التي لم تكن لتتوقعها فأسأل الله أن يجمعنا في قطار الرحمة والعفو عما سلف.
همسة.
الشيب شفته في المرايه وصديت
ما كنت أصدق ان ذا الشيب فيّه
اثر الزمن يطوي رحاله ووليت
وراحت سنين العمر ويش البقيه
وسنين يا كم تهت فيها وتماديت
ما بين سب وظلم والا قفيّه
ويا كم تحملت المعاصي وجرّيت
جريتها وامسين جر المطيّه
وسعيت في الدنيا وكم صبت واخطيت
واللي مضى عنا بيمضي عليّه
ودارت بي الدنيا ولا يوم ونّيت
وقضيتها ما بين شمسٍ وفيّه
يا رب تغفر زلتي يوم زليت
وانك تجنبني الزلل والخطيّه.
للتواصل مع الكاتب 0505530539