
حين تهب رياح الشدّة وتضيق الأرض بما رحبت لا يبقى إلا صدق اليقين وثبات القلوب التي عرفت الله حق المعرفة هاجر النبي ﷺ من مكة وترك وراءه وطنه وأحبّ أرض إليه ولم يكن معه جيش ولا قبيلة تحميه .. بل كان معه رجل واحد هو الصدِّيق أبو بكر رضي الله عنه .. ذلك الرجل الذي لا يُقاس بالعدد وإنما يُقاس بثقل إيمانه !!
في الغار كانت اللحظة حاسمة والبحث عنهم لا يفصلهم عنه سوى نظر عابر .. قال أبو بكر بصدق القلق : “ لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا ” فردّ عليه النبي العظيم بكلمات ستبقى خالدة :
“ لا تحزن إن الله معنا ” “معنا” جمع فيها النبوة والرسالة والصحبة وجمع فيها معنى الأمة كلها في رجلين !! وفي المقابل حين هاجر موسى عليه السلام من بطش فرعون لم يكن وحده .. كان معه ستمئة ألف من بني إسرائيل .. ولكن حين واجه البحر من أمامه وجيش فرعون من خلفه قال قومه :
“ إنا لمدركون ”.
تزلزل يقينهم أمام البحر فقال موسى :
“ كلا إن معي ربي سيهدين ”.
لاحظ الفرق في التعبير بين النبيين الكريمين
النبي محمد ﷺ قال : “إن الله معنا”، أما موسى عليه السلام فقال : “إن معي ربي” !!
لماذا ؟! لأن أبا بكر كان يستحق أن يُقال له “معنا”، فقد بلغ من الإيمان درجة أن الله نزل بشأنه قرآنًا يُتلى : ﴿ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا﴾ [التوبة: 40].
أما قوم موسى فقد كانوا ضعيفي الإيمان متقلبين يطلبون المعجزات ويكفرون بها فقال موسى : “ربي معي”، ولم يشملهم في اليقين لأن قلوبهم لم تستوِ بعد على طمأنينة الإيمان !!
شتان بين يقين رجل واحد
هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه
وثقة أمةٍ كاملة قيل عنها : ﴿إنكم قوم تجهلون﴾.
في لحظة الحقيقة
لم يكن العدد هو المعيار
بل كان الإيمان !!
أبو بكر رجل
لكنه بألف رجل
بل بأمة !!
فما أثمن الصحبة
إذا كان في الصحبة نبي
وما أثمن اليقين
إذا كان اليقين في قلب صدّيق.
للتواصل مع الكاتب 96550538538+