الأيقونة في العادة هي تمثال مصغر لشخصية مقدسة او محمولة صغيرة من ذهب او فضة تحفظ بها ذخيرة من ذخائر القديسين وتعلق بالرقبة قصد التبرك بها وطلب الحماية من الشرور.
فيلم ” أيقونة ” هو أيقونة بشكل الخاص ، مختلف شكلا لكن يتحد مع الأيقونات المتعارف عليها من حيث المضمون فهو يحمل ذخيرة من العبر والحكم لا تقدر بثمن ، ناقوس خطر صغير الحجم عالي الصوت والرنين. فيلم قصير مدته 4 دقائق من تأليف وإخراج فارس المدينة الدكتور جميل القحطاني بطولة كل من د. جميل القحطاني والفنان محمد عبد الحفيظ ، و الفنان أنس عبد اللطيف ، والفنان ماهر المطيري.
فيلم قصير جدا لكنه عميق يعالج عدد من القضايا و الظواهر الاجتماعية التي باتت تنخر في جسد بلادنا من المحيط الى الخليج وتأرق كل أسرة وهي اللامبالاة و السرعة عند قيادة السياره والرقص والانشغال عن مفاجآت الطريق ، وهذه ظاهرة يعاني منها جل شبابنا الا من رحم ربك ونتائجها صادمة كل يوم. عقوق الوالدين ، وقد تكون الفكرة الأساسية للفيلم والقضية الأهم ، لان العقوق هو أس كل الرذائل وقمة الإنحراف وبه عصيان الله سبحانه فرضا الله من رضا الوالدين كما لم يحمل الابن العاق كل المسؤولية بل ذكر بمسؤولية الآباء الذين قصروا بدورهم بحق آباءهم ، ورغم الدعاء الحار والمرتجف من قبل الاب لابنه الا أن ذلك لم يمنع القدر، فما يفعله الإبن لابيه من عقوق و استهتار بنصائحه وعدم احترام الكبير والجار، هو ثمرة ما زرعه ورباه فيه او سكت عنه من سلوكيات لا تليق كان يجب عليه ان يعالجها فيه بوقت متقدم او يربيه عليها منذ نعومة اظافره فالقضية هنا قضية تربية على القيم و المبادئ وليست قضية ظاهرة مستحدثة او عابرة. جيل اليوم وما يعانيه او يجعلنا نعانيه منه هو نتيجة لأخطاء الجيل الذي سبق، جيل الآباء فهم أول من فرط بإرث الأجداد والسلف الصالح و مجموع القيم والمبادئ التي كانت تحفظ توازن المجتمع و ربوا في الأبناء نزعة الأنا و الاستخفاف ببعض القيم كاحترام الكبير والجار و طاعة الوالدين، والتفكير في سلامة الغير وغير ذلك من سلوكيات وقيم تحفظ سلامة وتماسك الأسرة والمجتمع .
من حيث الأداء والتمثيل فقد وفق كل الممثلين بأدوارهم و كان كل واحد منهم بطلا مطلقا في دوره واخلص للفكرة و جعلها ايقونة بالفعل غنية بالعبر تتسرب لوجدان المتلقي وتتملك مشاعره بقوة. فيلم ايقونة ، رغم بساطة أدوات وآليات العمل ومساحات التصوير والديكور إلا انه يضاهي بل يتفوق على الكثير من الأعمال السينمائيه او الدرامية التي تضخ فيها ميزانيات هائلة لكنها تأتي مليئة بالحشو و المشاهد التي لا يرجى منها الا الهاء المشاهد حتى وإن فسدت ذوقه واثرت على سلوكياته بالسلب.
في السينما عادة يكون للرمزية مساحة هامة في العمل فهي تكمل ادوار الممثلين وتساهم بشكل قوي في تفسيرو تحليل الفكرة . وقد وفق مخرج هذا الفيلم الدكتور جميل القحطاني بهذا الجانب.. ، فالمشهد الأول ارتكز على سائق السيارة لأنه الذي سيسوقنا لنقطة النهاية، والسيارة هي رمز للانتقال من موقع لآخر حتى في الأحلام تفسر بالانتقال من لآخر.. . فهو مرح يسوق باستهتار دون تفكير فيما ستؤول اليه العواقب.
المشهد الثاني على باب العمارة وليس داخل شقة ، فخلف الباب هناك السكن والجار والعالم الخاص المستور والذي تتشكل داخله القيم و العلاقات وشخصية الإنسان.. عالم لا يمكننا أن نفسره او نراه لكن امام هذا الباب وخارج العمارة سرعان ما تظهر النتائج.. كل السلبيات او الإيجابيات تظهر مع أول خطوة خارج العمارة، في الشارع حيث السلوكيات تفضح الاخلاقيات والمعاملات تنبئ عما وقر في القلب والضمير من مبادئ و مدى احترام المرء لدينه وعقيدته. في الشارع اجتمع الخصوم.. أفراد و أجيال، وكل دفع الثمن.