
من المواقف التي لا أنساها في حياتي ، أول مقابلة ألتقي بها مع نجم فريق الوحدة في الثمانينات هجرية حسن دوش وذلك من أجل إجراء لقاء صحفي معه وكان ذلك قبل ربع قرن من الزمن ، ورهبت الموقف كانت في داخلي قبل موعد اللقاء بأيام لا سيما كنت حينها في بداية مشواري الصحفي ومن سألتقي معه شخصية تاريخية وهامة كروية كبيرة تحمل سيرة ناصعة من الكفاح في تاريخ نادي الوحدة العريق.
وكنت قبل موعد اللقاء أرتب ماذا أقول وكيف أبدأ محاور اللقاء معه ، وزاد القلق في داخلي في يوم اللقاء الذي أتذكر أدق تفاصيله ، منذ توجهي بسيارتي إلى حي العزيزية وتحديدا إلى المقر المجاور لإدارة تعليم البنين والخاص بكشافة تعليم منطقة مكة المكرمة ( المهم ) دخلت إلى المقر الكشفي والذي كان عبارة عن حوش في جنباته بعض المباني ، وسألت شخص كان عند المدخل عن العم حسن دوش ، قال لي تجده في داخل هذه الغرفة وأشار إليها ، توجهت إلى الغرفة وأنا أحمل جهاز التسجيل الصغير وعدد من الأوراق بالإضافة إلى الورقة التي تحمل في طياتها الأسئلة الخاصة باللقاء ، وبصراحة ألف سؤال يدور في رأسي ، ورهبة الموقف قبل اللقاء ما زالت في داخلي ، وعندما وصلت عند الباب الذي كان مشرعا ووجدت شخص يجلس على مكتب بسيط وقلت ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) رد قائلا ( وعليكم السلام ) ، وبدأت أنظر إلى وجهه بتمعن شديد ، وأقول في نفسي نعم هو ( حسن دوش ) فالملامح نفسها التي كنت أراها في الصور التي كنت تنشر له في الصحف ، مما يعني أني الأن أمام التاريخ !! عرفته بنفسي ، وعرفني بحكم أن هناك تنسيق مسبق معه كان عن طريق الهاتف الثابت ، وقال أهلا أتفضل ، فالبساطة التي وجدتها في الرجل أزالت من على كاهلي المخاوف التي كانت في داخلي قبل لقائي معه ، وشجعتني على طرح الأسئلة التي كنت مدونها مسبقا في ورقة خارجية بكل أريحية وتسجيل الأجوبة على جهاز التسجيل وهذا اللقاء تكرر مع النجم حسن دوش يرحمه الله بعدة أشهر لقاء أخر كانت تتعلق أسئلته بشهر رمضان المبارك في حياة الرياضيين القدامى.
وقبل أيام قلائل ودع رياضيوا العاصمة المقدسة العم حسن دوش الذي إنتقل إلى رحمة الله مخلدا وراءه سيرة حسنة وذكريات جميلة لأبناء جيله الذي عاصروا إبداعه وفنه الكروي الرفيع أيام الملاعب الترابية.
رحم الله العم حسن دوش الإنسان المتواضع البسيط ، وأسكنه الله فسيح جناته ، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان .
قبل الختام.
صحيح أن النجوم القدامى لم يلحقوا على زمن الإحتراف الذي أحدث نقلة نوعية في حياة اللاعبين ، ولكن أكبر أرث حصده النجوم القدامى محبة الناس وإحترامهم وتقديرهم لهم ، و ( أي ) لاعب من القدامى عندما تسأله عن أكبر المكاسب التي خرج بها من عالم الساحرة المستديرة تجد الإجابة السريعة منه ( محبة الناس ) ، ولا شك أن محبة الناس شيء عظيم ولا يقدر بثمن.
للتواصل مع الكاتب : kal.makkah@gmail.com