انها ليست حكاية من حكايات الف ليلة وليلة ، ولا من الحكايات الدافئة التي تحرق اشباح الليالي الموحشة وتبدأ بالصلاة والسلام على النبي الهمام بل إنها حكاية سالف العصر وحاضر الأوان مستمرة الى ما شاء الرحمان.
سطرت حروفها بمداد لا ينضب وكلمات لا تنتهي .. في اعالي جبال الأطلس الكبير وقممه الشاهقة التي تستقطب طيلة السنة الزوار من داخل المغرب وخارجه ، للاستماع بجمال الثلوج ومداعبة ذراتها، والجداول ذات المياه الرقراقة في الربيع والصيف، والمروج الغناء التي تعطي الذ الفواكه من تفاح و برقوق وكمثرى الى جانب الجوز واللوز.
من جنبات جبال الثلج الشاهقة ، المتعانقة في خشوع في سلسلة لا تنتهي . تبدأ الحكاية.. حكاية أميرات الثلج مع شذرات الثلوج الأولى تخرج الأميرات ، يسابقن الريح والصقيع، بما جادت به اناملهن الرقيقة من زرابي مبثوثة وانسجة ، واطعمة تبث في الأجساد و الأركان الدفيء والحبور يفاجئن الزوار بإطلالاتهن الخجولة من بين شجيرات اللوز وهن يحملن ما طاب من القطف ، واجدن من منسوج يغازلن الجداول التي استمدت روحها من أولى قطرات الثلج الذائبة ويقطفن من جنباتها ما يطعمن به المواشي والطيور التي تشاركهن عذوبة وقساوة ورهبة الحياة في هذه الفجاج الممتدة بين جبال الثلج المدهشة.. و ينثرن من عصارتها أسرار الصحة والسحر والجمال وفي الجوار عند تلك التلال الموحشة يرقد ملك الجان ( شمهروش) حامي حمى الجبال والسهول والتلال والقاضي بين الإنس والجان.
جني نسجته الأساطير والظنون و الخيال لكنه ملأ اليقين حتى صارت له سطوة على حياة السكان فلا تهدأ النفوس حتى تقدم له فروض الطاعة والولاء والتسليم توقد له الأميرات الشموع و يذرفن الدموع و يشكين له عين الحسود وكيد الإنس وأشرار الجان ليقوم هو بالحكم واخذ الحق لهن من كل اعتدى عليهن من جنس الجان ( شمهروش ) ملك الجان قاض عادل ، رفع شأنه و عد من الصحابة !! له ضريح تجلله المهابة لا يدخله الا المطهرون.
أميرات الثلج وملك الجان ، أسطورة حب وعطاء وملحمة يسطرها الإنس والجان،سمفونية بديعة عزفت بأعالي جبال الأطلس الكبير لحنا شجيا يبعث في الروح الرهبة والجلال ويوقظ الأحلام .
للتواصل مع الكاتبة argana_63@live.fr