لم يكن برنامج ( شباب مكة ) الذي أطلقه مشروع تعظيم البلد الحرام بجمعية مراكز الأحياء ، كــ ” برنامج يُعنى بتهيئة وإعداد شباب مكة تربوياً ومهنياً ، ودعمهم ليتبنوا مشاريع ميدانية مختارة تصبح أنموذجاً حضارياً يخدم أهل مكة والوافدين إليها، وهو يهدف إلى تحقيق نقلة حضارية في أوساط العمل الشبابي بتنفيذ برامج مشتركة بين مشروع تعظيم البلد الحرام ومؤسسات الدولة والمجتمع ” ، فقد برزت العديد من البرامج والمبادرات التي تعمل على تقديم خدماتها لقاصدي البيت الحرام من حجاج ومعتمرين ، سواء كانت من خلال الفرق التطوعية التابعة لجمعية مراكز الأحياء ، أو تلك العاملة تحت مظلة المؤسسات والجمعيات الخيرية ، فمع إطلالة شهر رمضان المبارك.
نجد القطاعات الحكومية والأهلية قد وضعت خططها وبرامجها لتوفير خدمات عالية الجودة ومميزة للمعتمرين والمصلين ، ومع تلك الاستعدادات تظهر استعدادات أخرى متمثلة في مجموعات متعددة من الشباب والفتيات الذين طوعوا أنفسهم لخدمة المعتمرين والمصلين ، فوضعوا خططهم وبرامجهم للمشاركة مع الجمعيات والمؤسسات الخيرية ، وتوزعوا على مداخل مكة المكرمة وطرقاتها الرئيسية والفرعية ، وداخل ساحات وأروقة المسجد الحرام ، تشاركهم في ذلك فتيات يقفن معهم في خط مواز، يؤدين دورهن في خدمة المعتمرات والمصليات ، وتتنوع البرامج التي يقدمها المتطوعون والمتطوعات ، ما بين برامج غذائية وأخرى إرشادية ، وثالثة صحية ، ورابعة بيئية ، وغيرها ، بتنوع الجهة التي ينتمي لها المتطوع أو المتطوعة.
ففي المجال الطبي يبرز دور الإدارة الإشرافية للتطوع الصحي، بالمديرية العامة للشؤون الصحية بصحة منطقة مكة المكرمة ، في العديد من المبادرات العلاجية والتوعوية التطوعية التي تنفذها من خلال مجموعة من المتطوعين والمتطوعات.
وفي المجال التوعوي والارشادي يظهر النادي الكشفي الموسمي “بادر” لخدمة المعتمرين ، والذي يشارك به طلاب الكشافة بمدارس تعليم مكة المكرمة لخدمة المعتمرين والمصلين ، وإرشاد التائهين منهم ، مشاركة مع فرقة ( كشافة شباب مكة المكرمة ) التابعة لجمعية مراكز الأحياء ، وفرقة كشافة الفتيات المكيات ، وفرقة المرشدات ، فلكل منهم دور بارز وعمل يقدم ، في خدمة المعتمرين والزوار خلال شهر رمضان المبارك سواء داخل المسجد الحرام وأروقته أو بساحاته.
ولا يمكن أن نغفل دور جمعية الإحسان والتكافل الاجتماعي (إحسان) ، كواحدة من المؤسسات والجمعيات الخيرية ، التي تعمل على تقديم خدماتها بساحات الحرم المكي الشريف وأروقته ، من خلال تقديم وجبة الإفطار ، إضافة إلى دورها الآخر المتمثل في احتضان واحدة من أبرز الخيام الرمضانية بمنطقة لا تبعد عن المسجد الحرام أكثر من كيلو ونصف الكيلو ، لخدمة قاصدي البيت الحرام ، من خلال تقديم وجبات إفطار وعشاء وسحور للمعتمرين والمصلين بعد خروجهم من المسجد الحرام.
ولا يمكن اغفال دور جمعية هدية الحاج والمعتمر الخيرية، التي أطلقت حزمة من البرامج والخدمات الميدانية خلال شهر رمضان المبارك الحالي ، من خلال تقديم أكثر من 7 ملايين منتج مجاني لضيوف الرحمن، تسهيلاً عليهم في أداء المناسك.
وإن كانت هناك العديد من الفرق التطوعية العاملة بالطرق المؤدية للمسجد الحرام ، وبداخل ساحاته وأروقته ، فهناك أيضا فرق تطوعية أخرى تعمل داخل الأحياء لتقديم خدماتها للفقراء والمحتاجين ، ومنها فريق فيحاء التطوعي ، التابع لمركز حي الفيحاء ، والذي ” يسعى إلى استقطاب المتطوعين مواطنين ومقيمين من كلا الجنسين في مكة المكرمة، وتمكينهم من تقديم خدمات تطوعية للمجتمع المحلي في صور متعددة وعقد شراكات مجتمعية مع الوزارات والمؤسسات التعليمية والتثقيفية والتربوية والتدريبية والمراكز والأندية ” ، ويعمل كغيره من الفرق التطوعية بمراكز الأحياء خلال شهر رمضان المبارك على توزيع وجبات إفطار صائم ، سواء كانت على شكل وجبات ساخنة ، أو باردة ، إضافة لتوزيع الماء ، واللبن ، والتمر ، والعمل على إعداد سفرة إفطار مميزة.
كما يقدم مركز حي المسفلة مشروع افطار الاسر برمضان ، عبر سلال غذائية تتكون من ( اكياس ارز ، دجاج ؛ زيت ؛ مكرونه ؛ سكر ؛ بطاطس ؛ بصل ؛ تمر ).
وما تقدمه الفرق التطوعية بجمعية مراكز الاحياء من الصعب ايجاز أعمالها في مساحة قليلة ، فالمتطوعون والمتطوعات لهم مكانة خاصة ومميزة لدرى الجميع ، فهم يعملون على إعادة بدايات انطلاقة العمل التطوعي ، التي كانت من مكة المكرمة عام 1387 هــ ، وحرصوا على استمرار العمل التطوعي وتقديمه بأسلوب يتوافق ومتطلبات العصر ، فلم يجعلوا خدماتهم منحصرة على تقديم المساعدات العينية أو المالية ، بل جعلوها تتوافق واحتياجات المستفيد ، وهذا ما ترجمه الأعمال التي نراها طوال العام ، وفي شهر رمضان وموسم الحج من كل عام ، فقد حمل المتطوعون والمتطوعات على عاتقهما تنفيذ أعمالهم بشكل يتوافق والفترة المنفذة بها ، والمستفيدين منها ، ويكفيهم فخرا الإشادات التي تصلهم ، ومنها تلك الجمل البلاغية التي قال فيها ” معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس بالدور الفاعل والجهود التي يقومون بها المتطوعين في خدمة المعتمرين والمصلين داخل المسجد الحرام.
وأكد معاليه أن العمل التطوعي عمل مبارك حث عليه ديننا الحنيف، وعمل إنساني نبيل وركيزة من ركائز بناء المجتمع المتآخي والمتعاضد والمتلاحم، مشيراً أن الرئاسة تحرص على تعزيز التعاون المشترك مع الجهات الراغبة في تقديم الأعمال التطوعية في الحرمين الشريفين، بما يسهم في تميز الخدمات لضيوف الرحمن.
وبين معالي الرئيس العام أن جهود المتطوعين في المسجد الحرام لها أثر كبير وملموس في تجويد الخدمات وتحسينها، سائلاً الله – عز وجل- أن يتقبل منهم صالح الأعمال، ويجزيهم خير الجزاء على ما يقومون به من أعمال لخدمة ضيوف بيت الله الحرام “.
ويحق لنا اليوم ونحن نتحدث عن التطوع والمتطوعين والمتطوعات أن نفخر بالدور الذي يؤديه شبابنا وفتياتنا ، الذين خرجوا لخدمة المعتمرين والمصلين مبتغين الآجر والمثوبة ، ساعين بكل جد واجتهاد لتعزيز ثقافة المجتمع المكي في خدمة قاصدي بيت الله الحرام من معتمرين ومصلين ، وتحقيق معاني الأخوة الإيمانية ، وإبراز الصورة المشرقة للمجتمع المكي.
للتواصل مع الكاتب ahmad.s.a@hotmail.com