
أحدثت التكنولوجيا ثورة غير عادية في العالم ، وساهمت بشكل كبير في تسهيل أمور الناس ، ووفرت عليهم الكثير من الجهد ، ومناسبة هذه المقدمة ، مشهد أستوقفني أثناء تواجدي في إحدى المحلات التجارية في مكة المكرمة التي تشهد هذه الأيام المباركة توافد أعداد كبيرة من الزوار والمعتمرين ، والمشهد لطفلة مع عائلتها ، فالطفلة كانت تمسك بالجوال وتتحدث في إتصال مرئي مباشر ، وكان رجل مسن بجوارها يبدو أنه جدها ويخاطبها بلكنه مصرية ( سلمي عليهم ، وقولي لهم ” عاوزين ” حاجة من مكة ، أحنا ” حنرجع ” مصر نهاية الأسبوع ) وهنا عرفت أن الطرف الأخر المرتبط بالإتصال من أم الدنيا ( مصر ) ، وقلت في نفسي ( سبحان الله ) الذي سهل الكثير من الأمور للناس وطوع التكنولوجيا في خدمتهم ، وأستحضرت الذكريات القديمة التي كان فيها الظرف البريدي وشريط الكاست وسيلة التراسل بين الناس.
وكان أحدهم يبعث الرسالة من بلاد الغربة إلى أهله ، وكانت الأسرة تفرح بالرسالة كثيرا ، فإن كانت ظرف بريدي تجد الأسرة بكاملها تجتمع وييبادر المتعلم منهم بقراءة الرسالة أمامهم ويستحضر الجميع هيئة مرسل الرسالة وكأنه موجود بينهم وكلهم شوق وحنين لرؤيته ، أما أن كانت الرسالة شريط كاست فهذه حكاية أخرى ، إذ أن رب الأسرة كان يحضر المسجل بالطبع بعد التأكد أنه ممتلىء بالبطاريات لضمان التشغيل الجيد ، وكافة أفراد الأسرة محلقين حول المسجل لسماع الرسالة الكلامية المدونة في الشريط وسط صمت مطبق من الجميع ( كأن على رؤوسهم الطير ) ، وعادة ما كان يعقب عملية الإستماع الرد برسالة أخرى من نفس النوع ( شريط تسجيلي ) يتحدث فيه كافة أفراد الأسرة ، الأب والأم والأبناء وربما أضيف لهم بعض الأقارب.
وكان من يقوم بنقل الرسالة التسجيلة وسيط أو طرف من الأقارب أو جار ذاهب إلى نفس البلاد التي وصلت منه الرسالة ، أما بالنسبة للرد برسالة مكتوبة فكان الأرسال عن طريق مكتب البريد أو مناولة عبر وسيط مسافر من أحد الأقارب أو المعارف.
قبل الختام
الثورة التكنولوجية نعمة كبيرة ، أختصرت المسافات ، ووفرت الوقت والجهد في أشياء كثيرة ، وما كان يحتاجه الأنسان من جهد ، ومن وقت لإنجاز عمل ما ، صار ينهيه ب ( ضغطة زر ).
اللهم لك الحمد والشكر على نعمك التي لا تعد ولا تحصى.
للتواصل مع الكاتب : kal.makkah@gmail.com