
مازال حديثنا عن عناية الشرع الحكيم بسلامة المجتمع ، لأن في سلامة المجتمع سلامة للأمة جميعها . ولنتأمل قول الله عز وجل : ( يوم لاينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) الشعراء / 88-89 ، فالقلب السليم هو السليم من الأمراض وأعظمها الشرك بالله ، ثم النفاق والغل والحسد ، فإن الله تعالى جعل الجنة لمن سلم قلبه ، وفي سلامة القلب سلامة الصدور ، فإذا سلمت الصدور سلمت الأفعال ، فلا يصدر من القلب السليم إلا الفعل الحسن . ولنتأمل قوله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ) الحجرات /12 ، فإن حسن الظن بالآخرين من أهم العوامل التي يصلح بها المجتمع ويسعد بها أفراده فتزهو سلامة القلوب على بعضها. ثم جاء بعد ذلك التوجيه الإلهي للتحذير من تجسس البعض على الآخر ، ومن الغيبة والنميمة ، فقال سبحانه : ( ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ) الحجرات / 12 ، أي لا تبحثوا عن عيوب الغير ونشرها ، ويحذر من الغيبة وهي ذكرك أخيك بما يكره في المجالس والمنتديات ، لأن الغيبة من أعظم الوسائل لهدم المجتمع وتقويض أركانه.
وتأمل قول الحبيب صلى الله عليه وسلم : ( لايستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولايستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ) صححه الألباني . آفات اللسان وإطلاق العبارات التي تؤذي الغير من أعظم وسائل إثارة العداوة بين الأفراد والجماعات وهدم السلام المجتمعي ، لذا فإنه صلى الله عليه وسلم يرسي قاعدة في تعامل الأفراد مع بعضهم ويحذر من نقص إيمان المسلم فقال صلى الله عليه وسلم : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) رواه البخاري.
وعناية الإسلام بالمجتمع وصلاحه واستقامة أفراده ورد فيها الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وذلك من أجل أن يعيش أفراد المجتمع وجماعاته على هدي من الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
صلاح المجتمع بصلاح أفراده وصلاح الأفراد يكون بالسير على المنهج القويم ، ولايكون ذلك إلا بسلامة القلب واستقامة اللسان.