بعد مرور نحو 558 عاما على نشأتها الأولى التي كانت عام 884 هــ على يد القاضي إبراهيم بن ظهيرة الذي تقدم لتطويف السلطان قيتباي أحد السلاطين الشراكسة ، تدخل مهنة الطوافة هذا العام أول موسم حج لها وفقا لنظام الشركات بعد صدور المرسوم الملكي رقم ( م/111 ) وتاريخ 17 / 9 / 1440هــ ، بالموافقة على نظام مقدمي خدمة حجاج الخارج.
والطوافة تعرف كمهنة متوارثة يقوم بها أشخاص معروفون بمكة المكرمة ، فيما عرف المطوف بأنه من يرشد الحجاج إلى مناسك حجهم، ويعمل على توفير الخدمات لهم منذ وصولهم إلى مكة المكرمة حتى مغادرتهم لها، وفي كتابه «الارتسامات اللطاف في خاطر الحاج إلى أقدس مطاف» ، عرفها أمير البيان شكيب أرسلان بقوله : ” إن في الحجاز الشريف طائفتين لا بد لقاصد الحجاز أن يكون له علاقة معهما، ولا يكاد يستغني أحد عنهما، وهما المطوفون بمكة، والمزورون بالمدينة».
أما الليدي افلن فقالت في كتابها ( إسلام نبيلة إنجليزية وحجها إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة ) بعد وصولها إلى مكة المكرمة ” حرصت على التجول بأحيائها وطرقها، فتعرفت على كثير من عادات المكيين وتقاليدهم، وتعرفت على مهام المطوفين وأعمالهم، وأعجبت بأعمالهم ومواقفهم، وتحدثت عن قدرات المطوفين وتمكنهم من اللغات المختلفة للتحدث مع الحجاج القادمين من مختلف بقاع الدنيا، ومشاهدتها لبعض المطوفين وهم يساعدون حجاجا تقطعت بهم السبل، وانتهى ما لديهم من مال فقام المطوفون بمساعدتهم ودفعوا لهم نفقات عودتهم إلى بلادهم “.
وذكر أيوب صبري باشا في كتابه ” مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب ” أن خدمات الطوافة كانت تختصر على عدة أشخاص مختارون من أهل مكة، ثم فيما بعد توسعت البلدان الإسلامية وتعددت، وبلغ تعيين دليل مخصوص من حجاج كل بلد إلى درجة الوجوب، وعلى هذا عين لكل بلد من البلدان الإسلامية مطوف مخصوص”.
وبعد توليه مسؤولية الحرمين الشريفين وأمنهما وأمن قاصديهما، أصدر الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ عام 1343هـ أمره الكريم بالإبقاء على مهنة الطوافة، وظهر ذلك جليا في نص المادة الرابعة من المرسوم الملكي المنشور بجريدة أم القرى بعددها الصادر في 15 جمادى الأولى 1343 هـ تحت عنوان ” هذا بلاغ “، إذ نصت المادة المشار إليها على ما يلي ” كل من كان من العلماء في هذه الديار أو موظفي الحرم الشريف أو المطوفين ذو راتب معين فهو له على ما كان عليه من قبل إن لم نزده فلا ننقصه شيئا، إلا رجلا أقام الناس عليه الحجة أنه لا يصلح لما هو قائم عليه، فذلك ممنوع مما كان له من قبل، وكذلك كل من كان له حق ثابت سابق في بيت مال المسلمين أعطيناه منه، ولم ننقصه منه شيئا “.
ويعتبر نظام ادارة الحج الصادر في 20 / 3 / 1345 هــ ، أول نظام يعرف الطوافة ومهامها ويحدد مهام الزمازمة والمخرجين والمقومين ووكلاء المطوفين بجدة ، ونقباء جدة ووكلاء المدينة المنورة ، اضافة الى وظائف ادارة الصحة وواجبات الحجاج وقد ألغي هذا النظام بموجب الأمر السامي رقم 7267 وتاريخ 3 / 11 / 1367هــ الصادر بالموافقة على نظام المطوفين العام.
ثم جاءت فكرة إنشاء مؤسسات الطوافة بصدور المرسوم الملكي رقم م / 13 وتاريخ 4 / 3 / 1398 هـ ، وشهد عام 1428 هــ صدور قرار مجلس الوزراء رقم ( 81 ) في 27 / 3 / 1428 هــ ، بتثبيت مؤسسات أرباب الطوائف بتقسيماتها الحالية وإلغاء صفة التجريبية عنها، وجاء صدور المرسوم الملكي رقم ( م/111 ) وتاريخ 17 / 9 / 1440هــ ، بالموافقة على نظام مقدمي خدمة حجاج الخارج ، لتنتقل الطوافة من عملها الفردي ونظام المؤسسات إلى نظام الشركات لتكون أكثر شمولية.
للتواصل مع الكاتب ahmad.s.a@hotmail.com