مهما قست الحياة علينا واثقلتنا بهمومها ومتاعبها ومهما بكينا في صمت هجر الأحبة وقسوة بعضهم وتنكرهم لكل معاني الحب التي تجمع قلوبنا ومهما وجدنا من تجاهل عزيز،ولكن تبقى الذكريات الجميلة نبحث عنها في كل الزوايا التي زرعت على شفاهنا و فرحة رسمها الأحبة بريشة الذكريات في جدران قلوبنا. فبمجرد تذكرنا بها نستعيد حياتنا الماضية فتغمر السعادة قلوبنا ونذهب إلى عالم الزمن الجميل هكذا هي الأيام تُخلق لتكون ذكريات وهكذا نحن لم نكن سوى ذكريات حفرناها داخل أعماقنا وصوراً حفظناها في عيوننا، حنين عظيم حبسناه داخلنا، والأشواق باتت واضحة بكلماتنا، والحب لا يمكن أن نخفيه في صدورنا.
ودائماً نردد جملة قول للزمان أرجع يازمان حيث نتذكر فيها كل لحظة جميلة حدثت في الماضي في بادرة وفاء جميلة، قام بها الأخ الفاضل والجار العزيز سعد معاذ في تجميع عدد من أصدقاء أقرباء وجيران الأمس الذي فرقتنا ظروف الحياة ولكن سرعان ماجمعنا سوياً، نعم إنها سنة الحياة فقد تغيرت قليل من الملامح بعد فراق طويل ولكن تبقى فيهم بصمة المحبة والصفاء وحلاوة الروح، نعم والله شعرت بالحظات التي مضت سريعاً كلمح البصر، وفجأة عقارب الساعة عجلت لنا هذه اللحظات بتوفيق من الله، نعم قتلتني لهفة اللقاء طويل الأجل ولكن بالجلوس معهم في هذه المناسبة السعيدة أحسست بمعنى ذلك اللقاء ودارت بيننا الحوارات والذكريات الجميلة في حارتنا ومناقشات مااروعها، فكانت كالتالي.
من استاذنا والمربي الفاضل وضيف الشرف اخونا عبدالرزاق معاذ حفظه الله وجميع من معنا.فكانت الكلمات والذكريات الجميلة كتالي :ومن الذكريات الجميلة في الزمن الجميل تحدثا الاستاذين الفاضلين عبدالرزاق معاذ والاستاذ منصور شعيب: كان الجار في الزمن الماضي بمثابة الأب والأخ وولي الأمر لبقية الجيران، وكانت كلمته مسموعة، وتلقى الاحترام والتقدير من الجميع. وكنا ونحن صغارا نرى آبائنا وأمهاتنا يصفون جيرانهم ويتحدثون عنهم، بطريقة توحي وكأن الجار طرف مهم في سيرة حياتهم، بل ويبالغون في الإحسان إليهم، وكأنهم أقارب لنا. وقد تربينا على مناداة كبار السن من الرجال” يا عمي او با سيدي” اذا كان متقدما في السن، والنساء ” يا خالتي او يا ستي” اذا كانت متقدمة في السن، وذلك احتراما وتقديراً لهم.
وهنا تدخل الدكتور عاطف عبدالحفيظ منشي كان يأخذنا الخوف والرهبة من جارنا، وكأنه والدنا، وكنا ونحن صغارا لا نجرؤ على التدخين او المشاجرة أمامه، لان تقاليد الجيرة وأعراف الجوار، تعطي الحق في تأديبنا ومعاقبتنا كان الجيران في الزمن الماضي، يدًا واحدة وأسرة مترابطة، وكان الأبناء يتربون وسط جيرانهم، يراقبونهم إذا خرجوا من البيت، ويحاسبونهم على أخطائهم، مثلما يحاسبون أولادهم وبناتهم، دون إبداء أي اعتراض او تذمر،وأيضاً قال الدكتور عاطف تعاون الجارات مع بعضهن فان جارتها الأخرى تتكفل بإرضاعه، ولعدة أشهر.ومن هنا نشأت الأخوّة بالرضاعة، فكثيرا ما نسمع عن بعض الناس (رجالا ونساء) بأنهم إخوة بالرضاعة، رغم أنهم من عائلات مختلفة، ولا تجمعهم أية قرابة،فكم أنت جميل يازمن، وايضاً تحدثا الأخوين الفاضلين إسحاق وعبدالله زقرتي وشاركهم في المداخلة العم ضيف الله.
عاش الجيران قديما في شظف العيش، وقلّة ذات اليد، لكنهم مع ذلك لم ينسوا بعضهم بعضا، يعيشون معا في سكينة وصفاء، وينشدون المحبة والخير لبعضهم. فإذا مرض أحدهم عادوه، وإن حزن واسوه، وان فرح فرحوا معه، وإذا استغاثهم أعانوه، يبادرونه بالسلام، ويلينوا له الكلام، يأمروه بالمعروف، وينهوه عن المنكر، يصفحوا عن زلاته، ويصبروا على أذاه، مدركين أن الجار هو أخ ورفيق في الحزن والفرح. إذآ فرح أحدهم الكل يفرح وإذا مرض أحدهم، الكل يهرع لزيارته والاطمئنان عليه، وإذا توفى أحدهم، يغمرهم الحزن جميعا. يفرحون معآ، ويحزنون معا، ويجتمعون على المحبة والمودة، ويبتعدون كل البعد عن البغضاء والشحناء والتنافر، وكل ما من شأنه إن يفرق بينهم.. هكذا كانت حياتهم في الزمن الجميل!!.
وأما الاخوان مختار عبدالرشيد وحسن موسى إمام أجمعوا بأن هكذا كان جار الأمس، جار المبادئ الخالدة والقيم السامية، جار الخير والبركة، جار الأُلفة والمودة، جار الوفاء والإخلاص، جار الفزعة والإيثار، جار النخوة والشهامة، جار العسر واليسر، جار الأفراح والأتراح، جار الزمن الماضي الجميل زمن الآباء والأجداد!! وقال ايضا متحدثاً الأستاذ محمد على بكر:نادراً ما نسمع هذه العبارة في عصرنا الحاضر وهي “تسلم عليكم أمي، وتقول عطونا ملح”، أو أي غرض، بينما كانت في الماضي القريب تتردد بين الجيران بكل عفوية ويقابلها الجار بكل أريحية فما يطلب منك اليوم قد تحتاج إلى مثله أو غيره في يوم آخر، فيكون الطريق إلى الوصول إليه بطرق باب الجار لطلبه، وهذا نوع من أنواع التكافل الاجتماعي ويجري بين الناس دون خجل، وهنا تدخلاء الاستاذين يوسف معاذ ومحمد صالح مختار.
أغلب الناس أهملوا حق الجار ولكن كما يقال الجار ولو جار وما يقدمه الناس من أعذار على تقصيرهم بحق بعضهم لاقيمة له أصلاً، ونحن ولله الحمد لله علاقتنا بالجيران جيدة فهم أصبحوا كعائلتنا، ولقد ربينا أولادنا على حب وتقدير الجيران لأنهم أقرب الينا من أهلنا ونعيش معا في السراء والضراء، وهذا ما نريد التأكيد عليه فلم تعد الأسر تشدد من خلال تربية الأولاد على دور وأهمية الجار فنرجوا منهم الإهتمام بهذا الجانب المهم، وأخيراً قال منظم هذه الجلسة المباركة اخي سعد معاذ قائلاً متأسفاً:لقد تغيرت علاقة الجيران مع بعضهم البعض، فهموم الدنيا ومشكلات الحياة وصعوباتها جعلت كل واحد منا بعيداً عن الآخر، الاحترام موجود لكن الوداد تاهت تفاصيله في زحمة الحياة، تمر الأيام والأسابيع ولا يطرق الجيران باب بعضهم بعضاً الا لطلب المساعدة واذا اجتمعوا لتأدية واجب فالسويعات قليلة من أجل القيام بهذا الواجب ليس الا فنسأل الله السلامة وأن لاتختلط المفاهيم، واضاف أيضاً الاستاذ أحمد حسن سرديدي.
نادراً ما نسمع هذه العبارة في عصرنا الحاضر وهي “تسلم عليكم أمي، وتقول عطونا ملح”، أو أي غرض، بينما كانت في الماضي القريب تتردد بين الجيران بكل عفوية ويقابلها الجار بكل أريحية فما يطلب منك اليوم قد تحتاج إلى مثله أو غيره في يوم آخر، فيكون الطريق إلى الوصول إليه بطرق باب الجار لطلبه، وهذا نوع من أنواع التكافل الاجتماعي ويجري بين الناس دون خجل،وكانت اخر كلمات الجيرة والذكريات الجميلة من الشابان شعيب منصور ورشاد محمد زبير:كان يقدم ذلك الجار لنا النصائح المميزة، ولا ينطق بأي كلمات غير جميلة على الإطلاق، بل يمتلئ قلبه بالمحبة والمودة لنا جميعًا ومرشداً لنا في نفس الوقت.وفي ختام اللقاء والجلسة الجميلة قدم لنا صاحب المبادرة الجميلة سعد معاذ مأدبة العشاء الرائعة من صنع يده.
وأخيراً عرفتُ أن قلمي ليس أداة كتابة فقط، بل وجدته شريك للمشاعر ورفيق درب وصديق مطاوع لم ولن يخون العهد! صادقني في المشاعر وقت الفرح ولحظات الشوق واللهفة والحنين لتلك الأيام في حارة المسفلة.
وخلاصة الجلسة الاخوية والمليئة بالدروس والذكريات أقول:أن الدين جاء ليسمو بالناس ويعلمهم المحبة لكنهم أخذو فقط بالشكل وأزالوا المحتوى رغم أن الله في العديد من الآيات أشار إلى كلمات تخاطب العقل ومنها أفلا يتدبرون، أفلا تعقلون وغيرها من الكلمات لكن أبعدنا العقل وحكم التعصب في المجتمعات إلى أن تدمرت إلى أن جاء اليوم الذي يقتل الأخ أخاه فقط بسبب الاختلاف وعدم إحترام ومعرفة المعنى الحقيقي للجيرة.