بسم الله، الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فاستكمالا لما سبق نشره – ضمن سلسلة مقالات (قيد الخاطر) -؛ فهذه نشرة أخرى متواضعة تحت عنوان (متفرقات)، كتبتها حسب ما يعن للخاطر المكدود، ويجول في الفكر دون صدود، وقيدتها – والعلم صيد والكتابة قيده * قيد صيودك بالحبال الواثقة * فمن الحماقة أن تصيد غزالة * وتتركها بين الورى طالقة -؛ رجاء نفعي لنفسي ولغيري ممن يقف عليها، ولا ينساني بدعائه في ظهر الغيب.
وهذا أوان البدء:
١- والله لن تحرروا مقدسات الإسلام، حتى تقدسوا مبادئ الإسلام، ولن تبلغوا غاية المرام، حتى تهجروا لذيذ المنام، ولن ترهبوا عدو الله وعدوكم بمثل تحقيق العبودية لله وحده في أنفسكم، واتباع رسولكم – عليه الصلاة والسلام -، ونبذ الفرقة والخصام، والصبر على الشدائد والآلام، وحفظ الجماعة بالسمع والطاعة بالمعروف للإمام – من علماء وأمراء وحكام -، والسلام.
٢- مؤمن – حق الإيمان – بأن الإيمان بالقوة – لا بسواه – ينتزع به الحق من الظالم ذي السطوة، وما يفل الحديد إلا الحديد، وما أخذ بالقوة؛ لا يسترد إلا بالقوة، فالعدة العدة، والقوة والقوة، على حد قول ذي العزة والقوة: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، ولا منطق إلا منطق القوة، فالعالم لا يعترف بغير القوة – القوة عقيدة وعلما وعملا -.
٣- باختصار:
لتغادر ساح الأكدار :
انفض الغبار، عن الماضي والأغيار؛ لترى الحقيقة في وضح النهار، فلا تخدع بسراب، ولا يهولنك قرب صحاب، دون النوائب والمصاب، فعند المصيبة؛ تَمِيزُ النقيبة، وكن أنت كما أنت، واقبل من الناس ما صفى وكدر، فنحن بشر، وادرع بالصبر، ومن أنكر المعروف؛ فعبد غير حر.
٤- في عصر يموج بالتقلبات الفكرية الخطيرة المدمرة للإنسان – عقلا وروحا وإيمانا -؛ يجدر بالعاقل أمور، منها:
تحصين نفسه بالأوراد الشرعية، وأعظمها قراءة القرآن بالتدبر، وقراءة السنة والسيرة النبوية وسير الصالحين.
وأرشح لذلك:
كتب ابن القيم – ومنها: الداء والدواء، وطريق الهجرتين – ، ورياض الصالحين، وتاريخ الأندلس؛ لعبدالرحمن الحَجي.
٥- كان بالأمس مبادرا للصلاة في الجماعة، صواما قواما، تظهر عليه آثار السكينة والهيبة والوقار، وترى النور يشع في وجهه، معتزا بالإسلام والسنة، ثم ما لبث أن طرأ عليه الفساد في الظاهر بعدما طرأ عليه في الباطن، فأصبح وكأن لم يكن بالأمس هو هذا الذي أمامك!
قوة الضغط الإعلامي والمجتمعي؛ له آثاره المدمرة في انقلاب الموازين، وتبديل الفطر، وتشويه الإنسان!
٦- سقطت الأندلس بسقوط غرناطة عام ٨٩٧، وفتحت القسطنطينية قبلها بأربعين سنة – في عام ٨٥٧ -، لكن ما سقط الإسلام بسقوط الأندلس، وما سقطت النصرانية بفتح القسطنطينية، فالحق والباطل يتصارعان إلى أن يكون الظهور التام للحق وأهل الحق.
وما سقوط الأندلس فجأة؛ بل هو نتاج انحراف عن سياسة الشريعة بالتخفف من تكاليف الدين في الكثير من الأمور، والمجاهرة بذلك، ففشت الفواحش، واستعانوا بأعدائهم على بعضهم.
وما فتحت القسطنطينية بالأماني؛ بل بالتضحية والجهاد، ولن يعود سالف مجدنا إلا بتحكيم شريعة ربنا في كل تصرفاتنا.
٧- استشهد الرسول – عليه الصلاة والسلام – مسموما، واستشهد عمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم -، لكن الإسلام بقي.
انطوت الخلافة الراشدة، وانهارت دول الإسلام، لكن الإسلام بقي.
المسلمون في الأندلس زهاء ثمانية قرون، ثم سقطت في أيدي خنازير الصليبيين، أقاموا محاكم التفتيش زهاء أربعة قرون، حاربوا الإنسان والبيان والقرآن، تفننوا في تعذيب النساء والشيوخ والولدان، أحرقوا مليون وخمس آلاف مخطوطة، حولوا المساجد إلى كنائس، لكن الإسلام بقي يضيء أسراب الحنادس (والله متم نوره) حقا، ليس بالوساوس والهواجس.
٨- نحن عرب، والقرآن “بلسان عربي مبين”، ولكل أمة لغة، ولغتها هُويتها، ولا هُوية لأمة لا تعتز بلغتها، وتفتخر بلغة عدوها، فعلينا العب من هذه اللغة الثرة، وتنشئة أولادنا عليها منذ الصغر، وأولى خطوات الإصلاح في ذلك:
تحفيظهم القرآن الكريم، ثم تعليمهم مبادئ اللغة والعلوم الأخرى، مع العناية بالسنة والسيرة النبوية وسير الصالحين.
٩- عشت حقبة من عمري رأيت فيها لطف تدبير الخالق البديع، الحكيم الخبير، أبصرت فيها بعاطفتي، فكدت أعطب، حتى نجوت بتحكيم عقلي، والرجوع إلى الأصول المتينة للديانة، ومن ذلك:
تكشف بعض أسرار الابتلاء، فبسطوة أهل الشهوات والشبهات، وضعف الفئة المؤمنة؛ ينفث النفاق سمومه، ويخرج أضغانه، كما قال سبحانه في قرآنه: (لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم).
١٠- آمنت بقوة الإسلام في التغلغل في النفوس ومسارب الأرواح، وأيقنت بسلامة المنهج وصحة الطريق، وعلمت بأن أتباع الإسلام ليس بالضرورة يمثلون الإسلام في كل جوانبه بما يبلغ حد الكمال، وأن أهل الإسلام درجات ثلاث:
. الظالم لنفسه، والمقتصد، والسابق بالخيرات، وأن المنافقين ينبحون حال ضعف المؤمنين ويرجفون (ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون).