
تأخذنا مشاغل الحياة بمختلف شؤونها لنصبح مثل حال كثير من البشر في هذا الزمن ،ينقضي اليوم تلو اليوم دون أن نقف ساعة عزلة مع أنفسنا . تلك الساعة التي لا تُقدر بثمن ولكن للأسف لا قيمة لها لدينا !
هل يا ترى عدم تقديرها نابعٌ من عدم حاجتنا لها أو لجهلنا بها ؟ كثيراً ما أُحب العزلة وما احملها من كلمة ،ما اجمل أن نختلي بأنفسنا على كنبة مريحة دون اي شئ ..لا هاتف لا تلفاز لا ورقة ولا قلم فقط جلسة تحليل وتمحيص واتخاذ قرارات وأنا بمعزل عن اي مشتتات او مؤثرات . جلسات عزلتي هي جلسات تقييم شخصيتي هي ما تحدد ما أنا عليه ولا استطيع التفريط فيها ابداً.
فلنسأل أنفسنا إذاً عن أهمية هذه الساعة في حياتنا ..تلك الساعة التي يُنظر إليها غالباً على إنها استرجاعاً لمآسي الماضي أو قلقاً من المستقبل .. ذلك الإسترجاع والقلق اللذان يولدان لدينا شُعور الوحدة في الوقت الحاضر ،ولو نظرنا بعين الواقع لأيقنا أننا لا نملك من الحياة إلا اللحظة الحاضرة التي نعيشها (فلا الماضي يتغير مهما استرجعناه ، ولا المستقبل مدرك مهما استعجلناه ).
ومع ذلك فنحن في أمس الحاجة إلى أن نتنفس أريج العزلة ونحتسي قليلاً من رشفات التفكر ،تلك النسمات والرشفات التي إن جاءت في وقتها الصحيح ردَّت إلينا أرواحنا لتملأها سكينةً واطمئناناً وروت عطش عقولنا بالأفكار والطموح لتعطينا زاداً من النشاط وتشحننا بالطاقة التي نحتاجها لمواجهة الحياة (وما استراحة المجاهد عنا ببعيد ).
تلك الإستراحة من الزمن التي قد تكون لحظات او بضع دقائق أو ساعة او اكثر فيها من الجمال والتجليات التي لا يشعر بها إلا من عاشها نلتقط فيها أنفاسنا لنعيد ترتيب اولويات امورنا الحياتية ،ولو لم تكن آخاذةً ورائعة ولها أثر طيب لما كان للرسول العظيم حظٌ منها في غار حِراء والتحامه مع الطبيعة من حوله وهدوء النفس ،ولما ذكرها الله عز وجل في كتابه العزيز :
(وفي أنفسكم افلا تتفكرون ).
للتواصل مع الكاتبة ٠٥٦٥٦٥٥١٥٩