
“منظمة إرهابية ارتكبت أسوأ جريمة ضد الشعب اليهودي منذ المحرقة، والآن يأتي من يدافع عنها باسم المحرقة؟ يا لها من وقاحة”، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ردا على إطلاق جنوب أفريقيا قضيتها. “إن نفاق جنوب أفريقيا يصرخ إلى السماء”.
وكل كائن على الأرض يصرخ الى السماء,
وكل حجر على الأرض يصرخ الى السماء,
وكلنا نصرخ الى السماء ونقول يالها من وقاحة المتكلم والمستعمر والمحارب الطاغي المجرم الذي يدافع عن طفولته ويشتكي من آلامه, يبكي ويتباكى من المنظمة الإرهابية التي جرحت مشاعره وكبرياءه. من الذي يبكي الوقح ام الوقاحة نفسها اذا وجدت نفسها بين شفتي كذاب بارد المشاعر.
فصلين فقط من فصول كثيرة جدا في مناهضة الظلم والطغيان, هذه المرة من جنوب أفريقيا الى ناميبيا, من نيلسون مانديلا، وأوليفر تامبو، وويني ماديكيزيلا مانديلا في محاربة الفصل العنصري (الأبارتايد), ومن سام نجوما، أول رئيس لناميبيا، وأنديمبا تويفو يا تويفو الناشط البارز في مناهضة الفصل العنصري, من وسط المعاناة والشعور بالظلم, تنبع أنبل المواقف التي تجعل العالم يقف معجبا بتلك المواقف التي تساند الشعب المفترى عليه وعلى بلده وأرضه. من جوهانسبرج وكيب تاون ودوربان، الى ويندهوك، عاصمة ناميبيا، المعروفة بثقافتها النابضة بالحياة ومعالمها التاريخية وأهميتها السياسية في كفاح البلاد من أجل الاستقلال. بعد القمع والذل شكلت رحلة ناميبيا وجنوب أفريقيا من شخصياتهما البارزة إلى مدنهما الكبرى التزامهما بالعدالة والحرية. إن دعمهم لفلسطين في المحكمة الدولية هو شهادة على تفانيهم الذي لا يتزعزع في محاربة القمع والدفاع عن حقوق المجتمعات المهمشة. وهم يقفون معًا تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، ويعملون من أجل التوصل إلى حل عادل وسلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
كانت كل الأنظار متجهة إلى لاهاي يوم الجمعة 26 يناير، حيث أصدر قضاة محكمة العدل الدولية حكمهم بشأن طلب جنوب أفريقيا إصدار أوامر مؤقتة كجزء من قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل. وقد تم رفع القضية إلى أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة وسط الحرب الإسرائيلية المدمرة المستمرة مع حماس. وفي هذه المرحلة الأولية من القضية، أمرت المحكمة إسرائيل ببذل المزيد من الجهود لمنع قتل وإيذاء الفلسطينيين في غزة. وكان المؤيدون للقضية التي قادتها جنوب أفريقيا يأملون في أن يؤيد القضاة وقف إطلاق النار. وخلصت المحكمة التابعة للأمم المتحدة يوم الجمعة إلى أن ادعاء جنوب أفريقيا بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية أمر معقول. وأصدرت المحكمة أمرا مؤقتا يحث إسرائيل على وقف عرقلة توصيل المساعدات إلى غزة وتحسين الوضع الإنساني. وعلى الرغم من القرارات التي تدعو إلى وقف الهجمات ضد الفلسطينيين، تواصل إسرائيل هجماتها على قطاع غزة ولا تتخذ الخطوات اللازمة لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين. وقال لويجي دانييلي، الأكاديمي في جامعة نوتنغهام ترنت في المملكة المتحدة، للأناضول، إنه “أمر رائد” أن تحكم المحكمة العليا للأمم المتحدة بأن جنوب إفريقيا أثبتت بشكل معقول مزاعمها بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل.
“وجدت المحكمة أن ارتكاب إبادة جماعية في غزة أمر معقول. وقررت أن ضرراً لا يمكن إصلاحه يمكن أن يحدث للمدنيين الفلسطينيين وأن هذا يشكل خطراً وشيكاً. وقال دانييلي: “لهذا السبب، أصدرت قرارات مؤقتة”.
قالت (الإبادة): لا يمكننا تجاهل الواقع الذي يمر به الشعب الفلسطيني في ظل سياسات إسرائيل القمعية. إنها تمارس سياسة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين من خلال سيطرتها على أراضيهم وتهجيرهم وحصارهم في غزة والضفة الغربية. لا يجب أن ننسى مجازر صبرا وشاتيلا وغيرها من المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين. وردت (الوقاحة): أعتقد أن استخدام مصطلح الإبادة هو أمر مبالغ فيه ومضلل. إسرائيل تواجه تحديات أمنية حقيقية وتعمل على حماية مواطنيها. هناك هجمات إرهابية قامت بها جماعات متطرفة فلسطينية وتهديدات مستمرة لأمن إسرائيل. لذا، فإن اتخاذ إجراءات أمنية صارمة ليس يعني أنها تقوم بسياسة إبادة, لا بل انه دفاع عن النفس.
وهكذا تستمر الوقاحة في تبرير مالا يمكن دحضه, ويبقى الحال على ما هو عليه, حتى سقوط الطاولة المستديرة التي يلتف حولها الظلم والعدوان.
للتواصل مع الكاتب adel_al_baker@hotmail.com