ثمة عادات غير محمودة وتقاليد مرفوضة سكنت مجتمعنا وانخرطت في بيئتنا ليس لها في ديننا شأن ولا لها في مبادئنا ولا قِيَمنا مكان.
من هذه المظاهر إقامة السرادق في المأتم ومراسم العزاء خلال أيامه الثلاثة واستئجار الكراسي والمفارش والمناضد والطاولات وعُقود الإضاءة وإقامة موائد العشاء للرجال والنساء طيلة أيام العزاء الثلاثة وهذا الأمر يتطلّب صرف الكثير من المال وبذل الجُهد والتعب والعَنَاء من أهل الميّت.
ولو صُرفت هذه المبالغ على الجمعيات الخيرية والأرامل والأيتام بِر وخيرات على روح المُتوفّي كان أجدى له في قبره واحتساب الأجر لأهله.
والأدهى والأَمَر أنّ هناك أُنَاس من أهل الميّت وضعهم المالي لا يسمح بإقامة مثل هذه المظاهر ، ويضطرون على إقامتها تماشيًا مع العادات والتقاليد وخشية من كلام الناس فيهرعون للاستدانة وتحميل أنفسهم مالا تطيق وتحمّل حقوق وجمائل الآخرين ، وقد يكون للميّت أبناء قُصّر هُم أحقّ بها ، أو دُيون عليه وهو أولى أن تُقضى بهذه المبالغ ديونه ليرتاح في قبره.
إنّ مثل هذه الأعمال تندرج لعَمْرِي في قائمة السَفَه وعدم الحكمة واللّاعقلانية في تصريف الأمور قد نجد عُذرًا على مَضَض في استئجار الكراسي أيام العزاء واستقبال المُعزّين خارج البيوت بسبب ضيق الدُّور والمساكن ولا تتسع لاستقبال المُعزّين من الرجال والنساء ، ولكن الذي لا نجد له عُذرًا إطلاقًا هو إعداد الولائم وإقامة موائد العَشّاء للمُعزّين للرجال والنساء أيام العزاء الثلاثة ، فهذه عادة ليست في شريعتنا وغير مرغوبة عند الناس رجالاً ونساءً فهي تستنزف المال والجُهد وتُسبّب التعب والعَناء.
فقد ورد في الحديث ما رواه ابو داوود في سننه عن عبدالله بن جعفر رضي الله عنهما قال : لمّا جاء نعي جعفر قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ( اصنعوا لآل جعفر طعامًا فإنّهم قد أتاهم أمر شغلهم ).
فقد اقتصر على أنّه يُستحب من أقارب أو جيران أهل الميّت أن يصنعوا لهم طعاما ويبعثونه إليهم أيام المُصيبة فقد جاءهم ما يُشغلهم فهذا لا حرج فيه.
لماذا لا نتّفق جميعًا في الغاء هذه العادة التي يتكدّر ويستاء منها الكثير ، ونكتفي بإقامة مراسم العزاء على درجة كبيرة من البساطة وعدم التكلّف ويكون وقت العزاء كما هو معتاد لدينا من بعد صلاة المغرب حتى آذان العشاء مُقتصرًا على القهوة والماء فقط ، بعدها ينصرف الجميع دون طعام ولا عَشَاء ولا إهدار مال ولا عَنَاء.
وإنّي على يقين أنّ هذا ما يتمنّاه وينشده العقلاء من الناس وكثير من عامتهم رجالاً ونساءً.
رحم الله أمواتنا وأمواتكم وغفر الله لنا ولكم ولجميع اخواننا المسلمين الأحياء منهم والميتين.
للتواصل مع الكاتب ٠٥٠٥٣٠١٧١٢