
لعب “العُمَدة” قديماً أدوارًا مهمّة على الصعيد العملي والإجتماعي وارتبط اسم العُمدة بالحارات والأحياء في المدن وأُطلق عليه ( عُمدة الحارة ) وكان له دور فاعل فهو يُمثّل الأب الروحي لأبناء الحارة ، لم تكن وظيفته تنحصر فقط في المحافظة على أمن واستقرار الحارة وتعريف الأشخاص وتحضير المطلوبين للجهات الرسمية وغيرها من المهام الرسمية ، بل تجاوزت الكثير من المهام الإجتماعية والإنسانية لأبناء وبنات حارته كانت تُقضى على يديه كثير من حاجات وقضايا أهل الحارة وتُحَل من خلاله وبحكمته ومكانته عندهم كثير من الخلافات والمشكلات الإجتماعية ومن أهمها فضّ النزاع وإصلاح ذات البين.
كان العُمدة عطوفًا على أبناء حارته يسأل عن غائبهم ويتفقّد أحوال فقرائهم ويزور مرضاهم ويعطف على صغارهم صدقًا كان عُمدة الحارة له مكانة وتقديرا لدى سكان الحارة يعرفهم فردًا فردًا وبيتًا بيتًا بحكم البيوت متقاربة ومتجاورة ومتلاصقة ومِن السهولة بمكان حصرها ومعرفة أصحابها.
أمّا اليوم وفي ظل اتساع المدن والأحياء السكنية والتوسع العمراني الكبير الذي تشهده مدن بلادنا العزيزة وازدياد عدد السكان أضعاف الأعداد السابقة ناهيك عن التطور الهائل والكبير الذي تشهده بلادنا العزيزة بفضل الله تعالى ثم بحكمة قيادتها أصبحت تسابق الزمن في التطور والتقدم العمراني والاقتصادي والتقني والاجتماعي بل تجاوزت دولا كانت تسبقها في هذه المجالات المتطورة.
و من منظور هذا الواقع الجديد أصبح دور العُمدة وعمله يختلف عمّا كان عليه سابقاً في ظل التقدم العلمي و التنموي وتطور الأساليب و الأنظمة الإلكترونية إلا أنه مازالت بعض أعمال العُمَد قائمة على وضعها القديم في الوقت الذي مازالت هناك أمور وإجراءات رسمية تختص بالمواطن تتطلب الرجوع للعُمدة مثل شهادات التعريف بالشخص ، وإجراءات نقل الميّت الذي يُتوفّى خارج المدينة و يتطلب الأمر التعريف به وبسكنه حتى يتم إصدار تصريح نقله إلى المدينة فيضطر المواطن عند احتياجه البحث عنه ، ومع اتساع رقعة الأحياء لا يعرف المواطن مَن هو عُمدة حيّه وحارته ، أضف إلى أنّ العمدة لا يتواجد على مدار الساعة في مكتبه في مركز الشرطة فيجد المرء صعوبة في الوصول إليه شخصيًا أو من خلال الجوّال لاسيّما في أوقات غير الدوام الرسمي وفي إجازات نهاية الأسبوع فتتعطّل أُمورًا من الصعب تأخيرها.
السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يتم إعادة تأهيل وظائف وأعمال السادة عُمَد الحارات وجعل عملهم والتعامل معهم وتنفيذ الإجراءات عن طريق وسائل منظومة الخدمات الاليكترونية واستبدال الإجراءات اليدوية والمراجعات الشخصية بمنظومة الخدمات الاليكترونية أسوة بالخدمات الحكومية الأخرى والتي أثبتت المملكة ولله الحمد تطوّرها الكبير في هذا المجال يجعلنا نفخر دائماً به.
كما يُمكن تخفيفًا على المواطن في حالة عدم تواجد العُمدة في مكتبه بمركز الشرطة في غير أوقات الدوام وفي إجازة نهاية الأسبوع تُسند مهامه إلى مركز الشرطة يقوم بها بحكم العمل فيه على مدار الساعة.
والله وليّ التوفيق ،،،،
للتواصل مع الكاتب ٠٥٠٥٣٠١٧١٢