
لم تحظى المرأة الأندلسية بما فيها حقها من التعريف والتنويه ففي مجمل الحكايات و الروايات لم تكن الا تلك المرأة ذات الحسن والجمال، الطروب اللعوب، صاحبة الفتنة والدلال كما صورها المستشرقون ورسمها الغربيون و استنكرها بعض النقاد و المؤرخين المسلمين.
لقد كانت اكثر من اداة للمتعة او وسيلة للغواية.. كانت المفكرة و الفقيهة و السياسية والمثقفة الشاملة في الفن وجميع دروب الادب اما في مجال تدبير الحياة الإجتماعية والأسرة فحدث ولا حرج. فمائدة الطعام التي تستنزف عادة جل ميزانية الأسرة، المرأة الأندلسية احسنت تدبيرها باشهى الأكلات واقلها تكلفة واهمها ” البقية ” او كما يسميها الإسبان ” باهيا او با يلا ” وهو تحريف لكلمة ” بقية ” وهي من أشهر الأكلات عالميا ويختص بها الإسبان في منطقة الأندلس جنوب اسبانيا كما تعرف بشمال المغرب.
وهي عبارة عن طبق من الأرز بفواكه البحر وقطع اللحم او الدجاج وبعض الخضروات … قد تبدو المكونات مكلفة لا نها من اللحوم والاسماك لكن عندما نعرف ان تلك اللحوم هي من بقايا او سقائط الدواجن التي تحتفظ بها ربة البيت و كذلك مقادير قليلة من انواع من السمك تستبقيها من كل وجبة سمك خلال الأسبوع كما بعض الخضروات كالبازلاء و الجزر.. عندما نعرف هذا سوف نعرف سر الاكلة و مدى جمالها و انخفاض تكلفتها.
و تقدم عادة آخر يوم في الأسبوع ومازالت كذلك الى الآن عند الإسبان . يتخلصون بها من بواقي المأكولات استعدادا للأسبوع الجديد حيث يتسوقون مواد جديدة كن خضروات ولحوم . وهي اهم طبق يشتهرون به عالميا.
يقول المثل المغربي ( مشى الزين و بقاو حروفه ) يعني ذهب الجمال و بقيت آثاره ، وهذا المثل ينطبق على الفردوس المفقود ، الأندلس ، فان كنا قد خسرناها و ذهبت بجمالها و روعتها.. فان آثارها مازالت حاضرة بالوجدان و بعادات لن تنقطع و ” بقية ” من أشهى الأطعمة.
للتواصل مع الكاتبة argana_63@live.fr