
أنا من المؤمنين دائماً بأن العلاقات السعودية المصرية علاقات تاريخية واستراتيجية ضاربة في أعماق التاريخ، وأنهما يمثلان -بحق- جناحي الأمة العربية وصمام الأمان لها، ودليل ذلك تلك العلاقات الأكثر قوة ومتانة وازدهاراً خلال السنوات الأخيرة بين البلدين الشقيقين برعاية قيادتهما الرشيدة .. خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، وفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
هذا عن الشأن العام، وأما الشأن الخاص فقد ارتبطت – وغيري الكتير- بمصر من خلال كتابها وأدبائها وفنونها، كالعقاد ونجيب محفوظ وأم كلثوم، فضلاً عن علمائها الأجلاء كالشيخ الجليل محمد متولي الشعراوي وشيوخ الأزهر الشريف، إضافةً إلى مساجد آل البيت المنتشرة في أرجاء مصر المحروسة كالحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة، وغيرها.
وقد دفعني حبي الشديد لمصر .. الأرض والحضارة والناس.. إلى زيارتها مراراً وتكراراً، بل والإقامة فيها لفترات ليست قليلة خلال العام الواحد، وهو ما جعلني أمتلك شقة بالقاهرة جعلتني أشعر بأنني في بلدي الثاني.
والأمر اللافت لي بمصر المحروسة هو بساطة الناس وبشاشتهم حيال زوارها، ولا سيما إذا عرفوا أنني سعودي ومن مكة المكرمة حيث المسجد الحرام، فالمصريون بطبيعتهم متعلقون بالحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث تهفو قلوبهم دائماً إلى زيارة البيت العتيق، ومسجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة نتيجة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، إلا أن الناس في مصر ما زالوا متماسكين، بشوشين، متطلعين إلى انفراج الأزمة، مستمسكين بالصبر والثقة في فرج الله.
وفي مصر مظاهر شتى تدعو إلى الغبطة والسعادة، فيكفي زيارة لمسجد من مساجد آل البيت، ومدى الاحتفاء بها. كما لا أنسى هذا التمازج العبقري بين مسلمي ومسيحيي مصر، إذ يصعب أن تفرق بين هذا وذاك، فالطباع واحدة والبشاشة ظاهرة، والمسجد والكنيسة متجاوران لا يفصلهما إلا بضعة أمتار.. وتلك عبقرية يصعب تواجدها إلا في مصر، وهو ما يذكرني بمقولة اللورد “كرومر” المعتمد البريطاني في مصر في بدايات القرن العشرين إبان الإحتلال الإنجليزي حين قال أنه لا يستطيع أحد التفريق بين المسلم والمسيحي بمصر إلا حين يذهب الأول إلى المسجد، ويذهب الثاني إلى الكنيسة.
وفي القاهرة العامرة، أجد أن الفنادق والمطاعم والكافيهات – والنيل العظيم- لها سحر خاص وعامل جذب أكبر لكل زوارها، إضافةً إلى السواحل الجميلة، لا سيما الساحل الشمالي الذي استمتعت به كثيراً هذا الصيف، وكم أثلج صدري أن تزيد حركة السياحة في مصر في النصف الول من العام الجاري 2022م بنسبة تخطت (85%) حيث زار المحروسة نحو (4.9) ملايين سائح مقارنة بنحو (2.6) ملايين خلال نفس الفترة بالعام الماضي 2021م.
ووسط هذه المتعة بالتواجد على أرض المحروسة، إلا أن ظاهرة التكاتك أزعجتني كثيراً، إذ تمثل خطورة شديدة على الطرق بسبب ممارسات بعض سائقيها الغير منضبطة، ويقودني هذا إلى ذلك العمل المتقن والعبقري في مجال الطرق والكباري التي حولت القاهرة من أقصى درجات الزحام إلى أعلى درجات التيسير والسهولة.
وأخيراً.. حفظ الله مصر وشقيقتها المملكة العربية السعودية، فهو نعم المولى ونعم النصير.
للتواصل مع الكاتب khalid.alawii@hotmail.com