
روى الحاكم في المستدرك من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب من شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل ، وعزه استغناؤه عن الناس ) . فالرحيل لابد منه ، والفراق حاصل لامحالة لك ولغيرك ، وهذه سنة الله في الحياة . فإما أن ترحل قبل من تحب أو هو يرحل عنكز.
قال الشاعر : كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( أُرْسِلَ مَلَكُ المَوْتِ إلى مُوسَى عليهما السَّلَامُ، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَرَجَعَ إلى رَبِّهِ، فَقَالَ: أرْسَلْتَنِي إلى عَبْدٍ لا يُرِيدُ المَوْتَ، فَرَدَّ اللَّهُ عليه عَيْنَهُ وقَالَ: ارْجِعْ، فَقُلْ له: يَضَعُ يَدَهُ علَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بكُلِّ ما غَطَّتْ به يَدُهُ بكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ، قَالَ: أيْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ المَوْتُ، قَالَ: فَالْآنَ، … )لأن الموت حق والرحيل عن هذه الدنيا حق كتبه الله تعالى على كل نفس ، قال تعالى ( كل نفس ذائقة الموت ) 185/ آل عمران . ويبقى السؤال الأهم : ماذا أعددنا للرحيل ؟ وهل نحن على استعداد لمفارقة الدنيا ؟ هل حرصنا على صحائف بيضاء نقية عامرة بالحسنات ؟ هل حرصنا على السلامة من أعراض الناس ودمائهم وأموالهم ؟ هل حرصنا على أن نفارق ونرحل وقد تركنا الأثر الطيب والسمعة الحسنة التي تجعل الناس يترحمون علينا ويذكروننا بالخير ويدعون لنا ؟
فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثان.
الرحيل صعب والفراق أصعب ، والحساب والجزاء أصعب منهما ، فكل مجزي بعمله ، وكل محاسب على أفعاله . فليحرص كل منا على ألا يرحل إلا وقد تحلل من التبعات وأهمها ما كان بينه وبين الناس فإنه الأمر الأصعب يوم القيامة ، حيث السداد من الحسنات التي لديك أومن السيئات التي لديهم تطرح عليك فتحمل حملا فوق حمل ووزرا فوق وزر . فاللهم سلم.
و يارب سلامة وحسن ختام.
للتواصل مع الكاتب Fh.ks.1@hotmail.com