
الكفاح نيوز – عبدالله التهامي – المدينة المنورة
المسرح أبو الفنون وقالوا عنه العديد من المقولات الخالدة ومن أبرزها (أعطني مسرحاً أعطيك شعباً مثقفاً ) لأنه جزء لا يتجزأ من ضمير الأمة ، وكياناً ماثلاًً ينبض بحياة المجتمع وثقافته.
المسرح هي ظاهرة فنية قائمة في أساسها على لقاء واعٍ ومقصود بين الممثل والمشاهد، يكون في مكان وزمان محددين، ويهدف هذا اللقاء إلى تجسيد نص أدبي ما من قبل الممثل للمشاهد، مستخدماً التعابير اللغوية أو الجسدية معاً بهدف تحقيق متعة فكرية وجمالية.
إلتقت (صحيفة الكفاح نيوز) مع بعض المخرجين والممثلين المسرحيين بالمدينة المنورة وكان هذا الحوار في مجالهم المسرحي وعن غياب المسرح.
ذكر الممثل والمخرج المسرحي ماجد الحيدري أن في الماضي تعلمنا منذ الصغر في المراحل الإبتدائية والمتوسطة والثانوي ووقفنا على خشبة المسرح وشاركنا بعدة مسرحيات أمام جمهور كبير في الأعياد وبعض المناسبات، ولكن للأسف بدأ غياب المسرح في بعض الجمعيات الثقافية والمدراس والمراكز الصيفية (مراكز الأحياء) مما أدى إلى حرمان الموهوبين من التعبير عن الطاقة الكامنة لديهم واكتشاف ذواتهم وتنمية خيالهم ومواهبهم، علماً أن إشتراك الموهوبين بالمسرحيات تحفز المهارات اللغوية وتعزز شخصياتهم، حيث أن المسرح ليست مجرد متعة لسد الفراغ بل هي عكس ذلك تماماً، وأن الأشتراك والصعود فوق خشبة المسرح لها تأثيراً نفسياً وسلوكياً.
وأضاف الحيدري أن غياب الجهة الراعية سبب في قلة الدعم وتضاؤل النشاط المسرحي وهذا سبباً مهماً وجوهرياً، وغياب المبادرات واللقاءات في هذا الجانب.
كما ذكر مهندس الصوت المسرحي والسينمائي حسن التهامي بقوله أنا مهندس صوت مسرحي وأفلام سينمائية لي العديد من المشاركات في عدة أنشطة ومسرحيات وأفلام مهرجانات سينمائية ولكن في الحقيقة غياب المسرح أدى إلى توجه الموهوبين في المسرح من الكبار والأطفال وغيرهم إلى فراغ فليس هناك أنشطة أو لجان أو مسارح مجهزة تحتوي هؤلاء وتقوم بالتدريب وصقل المهارات للموهوبين وتطوير قدراتهم على التعبير عن المشاعر مثل الغضب والفرح والخوف والحزن فذلك ليس سهلاً نعم ليس سهلاً فمن خلال المسرحيات يكون الممثلين المتدربين قادرين على التعبير عن أنفسهم وتوجيه مشاعرهم وفهمها، وبالنسبة للفنانون فقد أكدوا مجدداً غياب الدعم الذي أدخل النشاط المسرحي والسينمائي في نوم عميق .
وذكر الكاتب والمخرج زيد هرموش لقد شاهدت عبر الوسائل الإعلامية الكثير من مسرحيات الأطفال وما حققوه من نجاحات فأين دور الجمعيات عن مسرح الأطفال وأين دور الأنشطة المدرسية في المسرح، فمسرح الأطفال يعد واحداً من الوسائل التربوية والتعليمية التي تسهم في تنمية الطفل تنمية عقلية وفكرية واجتماعية ونفسية وعلمية ولغوية وجسمية، وأعتبره فن درامي موجه للأطفال حيث يحمل منظومة من القيم التربوية والأخلاقية والتعليمية والنفسية على نحو نابض بالحياة من خلال شخصيات متحركة على المسرح، مما يجعله وسيلة مهمة من وسائل تربية الطفل وتنمية شخصيته، فالأنشطة المسرحية تطور لغة الجسد وتعتبر من الوسائل الفاعلة التي تعتمد عليها التربية الحديثة في تنمية المتعلمين روحياً وجسدياً ونفسياً وذهنياً كونها تعمل على ترفيه وتسلية المتعلمين وجعلهم يعبرون عن مكنونات صدورهم، بالإضافة إلى مساعدتهم على اكتشاف قدراتهم الإبداعية والجسدية والعمل على تنميتها وتنمية الخيال ومهارات التفكير لديهم وتطوير قدراتهم على الارتجال، وكلها جوانب تنعكس إيجابا على المردود المتوقع على الصعيدين التربوي والتعليمي.
وأضاف المخرج زيد هرموش أن المهنية هي أحد أسباب تراجع المسرح المدرسي وأزمته، شأن باقي المواد التعليمية فليس هناك كوادر فنية أو متخصصين في المسرح داخل المدارس، فالمشكلة ليست متعلقة بالمسرح فقط ولكنها مشكلة مهنية مشيرا إلي انه لابد من وجود مهنيين في المسرح التعليمي والاهتمام والارتقاء بثقافة الجمهور.
ذكر الكاتب والمخرج المسرحي عبدالله الهوساوي إلى ضرورة اعتماد المسرحيات القصيرة لتعليم الأطفال وتوظيف المدارس للأقصوصة والحكايات الرمزية ذات العبر فذلك سوف يساعد الأطفال على تنمية قدراتهم اللغوية وتعزيز الذاكرة والتركيز والانتباه و اعتماد المسرحيات القصيرة لتعليم الأطفال حتى يتحول المسرح إلى مادة قائمة بذاتها يتعامل في حصصها الأطفال مع المشاكل اليومية التي قد تعترضهم بطريقة لا تجعلهم يشعرون أنهم لا يتعلمون فقط بل يستوعبون تلك المعرفة، ويعد ذلك حسب الخبراء من أساليب التعليم النشط وغير المباشر الذي له تأثير إيجابي على الأطفال أكثر من التعليم العادي.
وأشارالمخرج الهوساوي بقوله حين يوجد مشروع مسرحي متكامل وكيانات حاضنة تستوعب الطاقات وتوظفها سنجد الطريق نحو مسرح متجدد وفاعل وأضاف إلى غياب الحب والتعاون والألفة بين المخرجين والممثلين وتعدد الفرق المسرحية وأعداء النجاح وليس فقط في مجال الإخراج أو التمثيل بل في كافة الأعمال والمجالات الإعلامية في المدينة المنورة.
ويرى الممثل المسرحي وممثل الأفلام القصيرة علي القرعاني أن استخدام المسرح في تعليم الأطفال سيساعدهم على نطق الكلمات بوضوح واستخدام لغة سليمة وهو يطور أيضاً لغة الجسد التي تساعد الطفل على التعبير بجسده عما لا يستطيع قوله بالكلمات كما أن المشاركة في مسرحية سواء من خلال التمثيل فيها أو مشاهدتها يمكن أن تجعل الحكاية أقرب إلى المتلقي كما يمكن للمسرح تعزيز الذاكرة والتركيز والانتباه حيث أن للمسرحية سيناريو معينا ويجب على كل الممثلين حفظ الحوارات الخاصة بأدوارهم ويساعد ذلك الأطفال الموهوبين على أن يكونوا قادرين على تذكر الجمل، والتركيز أثناء المسرحية لمعرفة متى يتعين عليهم التدخل.
ومن جهة أخرى ذكر الفنان والمخرج المسرحي عارف مهدي الذي يعمل معلماً في إحدى المدارس الأهلية بقوله يعتبر المسرح المدرسي من النشاط التربوي في المدارس ابتداء من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية ، فهو ممارسة من أجل تعليم الفن والتمثيل من حيث تقنياته وأهدافه والوظائف التي يؤديها ، ويعتبره البعض بمثابة مادة دراسية، مثلها مثل باقي المواد الدراسية، تخضع للتعليم وللتدريس، فهو نشاط مهم وأداة فعالة في مجال التربية والتعليم لما له من أثر فعال في مخاطبة عقول الناشئة ووجدانهم، ولما يعطي للعملية التعليمية والتربوية من أبعاد ورسائل قد لا يتمكّن المعلم من تقديمها داخل الغرف الضيقة، بالإضافة إلى بعده التنشيطي، أي عندما يصبح المسرح بمثابة مهنة يتلقاها التلاميذ في المؤسسة للترويج عن أنفسهم والتعبير عن قدراتهم الفنية في بعض المناسبات وخاصة المدرسية منها، ويبين مدى قدرة الفرد على الاندماج في الجماعة من خلال حدث أو موقف درامي يؤديه أو يؤدى له ويحاول أن يستوعب مضامينه سواء عندما يؤديه في التمثيل أو في الحياة العامة والخلفيات الثقافية والرقي المجتمعي، بالإضافة إلى الشخصيات بكل أبعادها والوعي وفهم الخطاب المسرحي الذي يؤدى أمامنا سواء كان خطابا لفظياً أو غير لفظي ، فالمسرح المدرسي يتميز بالشمولية وليس ضرورياً أن نتحدث عن المسرح المدرسي في ارتباطه بالمكان، لأن هذه الضرورة تفرض علينا طبيعة الاشتغال الذي نقصده من وراء توظيفنا للمسرح داخل المؤسسة المدرسية.