أتحدّث اليوم عن رجُل فاضل كريم ، عالم جليل ، ضليع في علم المواريث هو : الشيخ علي أحمد أسعد كماخي رحمه الله شخصيّة مرموقة مُهذّبة مؤدّبة كانت ومازالت معروفة في أوساط مدينة الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام.
والشيخ علي : أحد رجال المدينة الذين يغلُب عليهم مُجتمعًا وقار العُلماء ، وصمت الحُكماء ، وحكمة النُبلاء ، ورويّة ورزانة العُقلاء.
كيف لا يكون كذلك ؟ وقد نشأ وتربّى في بيت تعمُرُه نفحات الإيمان ، وتسطع في جنباته أنوار القرآن ، ويُشار له بالبنان.
ورث العلم والبيان وحفظ الحديث والقرآن عن والده القاضي وإمام الحرمين الشريفين فضيلة الشيخ أحمد أسعد عارف كماخي الذي ينحدر نسبه إلى السادة الأشراف الهاشميين … والذي أكمل دراسته لعلوم الشريعة على يد كوكبة من علماء المسجد النبوي الشريف وحصل منهم على إجازات في رواية الحديث وتدريس الفقه وأصوله.
وعُيّن قاضيا في محكمة المدينة وإماما وخطيبًا في المسجد النبوي ، ثم نقل إلى جدة قاضياً ، وبعدها نقل إلى مكة قاضيًا في محاكمها الشرعية ، وخطيبا وإمامًا في المسجد الحرام لذلك أُطلق عليه إمام الحرمين .
وعندما أنشئت مديرية المعارف في أوائل العهد السعودي الزاهر عُيّن الشيخ أحمد كماخي مديرًا للمعارف بالمدينة المنورة مكث فيها فترة قصيرة.
هذه لمحة سريعة عن والد ضيف حلقتنا ، أردنا من خلالها توضيح البيت الذي تربّى ونشأ فيه نُعرّج الآن ونستعرض حياة ضيف حلقة اليوم الشيخ علي أحمد كماخي.
وُلد في المدينة عام ١٣٣٢هـ وتربّى في رحاب هذه المدينة المُباركة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، وحفظ القرآن الكريم وهو في سن الثانية عشر من عمره.
درس علوم الدين على يد الشيخ أحمد بساطي رحمه الله ، وقرأ القرآن على شيخ القُرّاء بالمسجد النبوي الشريف آنذاك فضيلة الشيخ الجليل حسن الشاعر رحمه الله وأجازه فيه.
وتعلّم ودرس الشيخ علي علم الفرائض ( علم المواريث ) وتعمّق في هذه العلوم حتى أصبح أحد المراجع الخمسة المُعتمدين في المدينة.
وعُرضت على الشيخ علي مناصب رسمية عدة ، منها عضو في هيئة كبار العلماء ، وعضو في هيئة التمييز ، وإمامة المسجد النبوي الشريف إلاّ أنّه اعتذر عنها زُهدا فيها.
عمل رحمه الله في المحكمة المستعجلة بالمدينة حتى وافاه الأجل عام ١٣٩٧هـ وهو على رأس العمل والشيخ علي هو والد سعادة الدكتور الفاضل خالد بن علي كماخي عميد كلية التربية بالمدينة الأسبق رحمه الله.
وكذلك جَدْ سعادة الدكتور الخلُوق المؤدّب منير صدقة خاشقجي رحمه الله عميد كلية التربية بالمدينة الأسبق جَدَّهُ لأمّه.
وكلاهما من القيادات التربوية التي تركت بصمة مشرّفة في التعليم الجامعي بالمدينة – أمّا الحديث عن الجانب الإنساني والأخلاقي للشيخ علي يقودنا إلى منحى ومنعطف يفرض علينا الوقوف عنده للنظر إليه والتمعّن فيه ، فهذا الرجل ما يُذكر في حلقة أو مجلس إلاّ تُذكر محاسنه ويُرحّم عليه فقد كان رحمه الله يتمتّع بسجايا وخصال تجعل من كان يعرفه ويقترب منه يحترمه ويُقدّره ويُبجّله.
كان ذو أخلاق عالية وأدب جم وعلم غزير وتواضع رفيع مُحبًّا لفعل الخيرات والمحافظة على الصلوات والعطف على الفقراء والمساكين والأيتام.
عرفتُه شخصيًا وأنا في مقتبل العُمر وتشرّفت بمقابلته بحكم العلاقة والصداقة الحميمة التي كانت تربط بين العائلتين .. كما كنت ألمحه في مجلس الشيخ الجليل عبدالحميد عباس رحمه الله في مزرعته العباسيّة وكان الشيخ علي من جُلساء ذلك المجلس المُبارك الذي كان يرتاده العديد من أصحاب الفضيلة العلماء والمعالي والسعادة وجمع من أهل المدينة الفُضلاء.
وكنت كُلّما أراه أزداد إعجابًا بوقاره وهدوئه وَسَمْتِه وصمته ورفعة أخلاقه وكانت هيبة العلماء تتجلّى فيه رحم الله السيّد علي كماخي وجزاه الله خيرًا عن كل ما قدّم من إحسان وحسنات وأعمال الخير وجعلها في ميزان حسناته يوم القيامة.
وإلى اللقاء في حلقة جديدة بإذن الله تعالى مع قامة رفيعة وشخصية جديدة من أبناء مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
والله المستعان ،،
للتواصل مع الكاتب ٠٥٠٥٣٠١٧١٢
الشيخ علي كماخي – يرحمه الله