الشكر سرّ الابداع – ثقافة مهملة
أن مجتمعنا اليوم وللأسف يفتقر لثقافة الشكر وهي كلمة صغيرة ولكن لها أثر كبير في نفس من قدم لك خدمة أو هديه أو صنع لك معروفاً فكثير من الناس لا يمارسونها لأنهم لم يعتادوا عليها مطلقاً بالرغم من علمهم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم :
( من لا يشكر الناس لا يشكر الله تعالى )
و بقوله تعالى (لئن شكرتم لازيدنكم) وبالرغم من إيمان الجميع أنها تقوي الروابط بين الناس وتنشر المحبة والإحترام بينهم وتستمر مسيرة العطاء.
فالشكر ثقافة تنم عن الرقي والتربية الأصيلة وثقافة رد الجميل والإحترام والتقدير فلابد أن ندرس هذه الثقافة في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا ونعلمها لأبنائنا الصغار في بيوتنا وايضاً ًالكبار الذين لم ينشأوا عليها وجعلها ثقافة مجتمعيه لهدف التواصل الإنساني فهي تربية وإيمان بإحترام عطاء الآخرين لنساهم في خلق جيل جميل شاكر للناس وربه، ولا أبالغ إن قلت أن هناك علاقات لم تستمر وبيوتا يسكنها الملل والاكتئاب، وأن هناك أناساً وصل بهم شعورهم بالإحباط إلى تخليهم عن العطاء والعمل أو الإنجاز!، على اختلاف مسئولياتهم قد يشعرون أن لا قيمة لوجودهم ولا حتى لعملهم وبما يقدمونه للأخرين.
فعلى سبيل المثال الزوجة التي لا تشعر ولا تلمس أي نوع من التقدير في منزلها سواءً من زوجها أو أبناءها، وهناك أيضاً الزوج الذي ينتظر كلمة شكر من زوجته أو أبناءه بعد يوم شاق من العمل والتعب، كذلك الموظف الذي لا يحظى بعبارة شكر وتقدير من مديره على ما يبذله في مجال عمله، والأبناء الذين لا يقدرون والديهم بما يقدمونه لهم من تضحيات وأموال وما يبذلونه من جهود تجاههم، والصديق المخلص الذي يبذل جهوداً ويقف مع أصدقاءه في أزماتهم وتقديم يد العون لهم دون أن يسمع كلمة شكراً أو دعوة جميله تسر خاطره كل هؤلاء جميعاً امثلة وصور تتكرر يومياً في مجتمعنا ومع العديد من الاشخاص على اختلاف وظائفهم ومواقعهم الا أنهم يعانون من عدم التقدير والشكر.
أن سلوك الشكر والتقدير وكلماته على الرغم من بساطتها الا أن لها عظيم الأثر وطيب الوقع في النفس البشرية وقد يغيب عن ذهننا انها الحل الأمثل لكثير من مشاكلنا اليومية وأنها تخفف من الضغط النفسي الذي يعكر صفو الذهن وصفو الحياة.
و للأسف قد يعتقد البعض أنه لا داعي لكلمة شكراً ولعبارة ثناء لمن صنع لهم معروفا أو قدم لهم شيئاً جميلاً لأن ما نفعله يومياً من واجباتنا اليومية يرونه فرض وواجب ولكن اثبتت التجارب التي قام بها العلماء بأن للشكر تأثيراً محفزاً لطاقة الدماغ الإيجابية مما يساعد الشخص على الابداع والانجاز فالشخص الذي يشكر الاخرين هو الذي يشعر بقيمة ما يقدمونه له وبحبهم له فمن الجميل أن يدرك الفرد أنه كما يعطي ويكرم الاخرين لابد أن( يُعطى) ولو كلمة شكراً وهذا يدل على الاهتمام فالشخص المشكور يشعر بقيمة ما قدمه لهم، وهذا ما يشجعه لتقديم الافضل مرات ومرات لان كلمة وثقافة الشكر وسلوكه حافز للأشخاص على اختلاف اعمارهم وهذا ما اثبته الخبراء من أهمية الشكر في حياة الشخص الناجح فالشكر يقدم لنا المزيد من الدّعم والعطاء والشكر طريق سهل للإبداع للشكر تأثير مذهل في حياة معظم المبدعين، فالإمتنان والشكر للآخرين هو أسهل الطرق للنجاح، والشكر طريقة قوية ومؤثرة حتى عندما يقدم لك أحد معروفاً صغيراً فإنك عندما تشكره تشعر بقوة في داخلك تحفزك للقيام بالمزيد من الأعمال الخيرة.
وفي دراسة حديثة تبين أن الامتنان والشكر يؤدي إلى السعادة وتقليل الاكتئاب وزيادة المناعة ضد الأمراض! لقد قام العلماء بتجارب كثيرة لدراسة تأثير الشكر على الدماغ ونظام المناعة والعمليات الدقيقة في العقل الباطن، ووجدوا أن للشكر تأثيراً محفزاً لطاقة الدماغ الإيجابية، مما يساعد الإنسان على مزيد من الإبداع وإنجاز الأعمال الجديدة، كما تؤكد بعض الدراسات أن الامتنان للآخرين وممارسة الشكر والإحساس الدائم بفضل الله تعالى يزيد من قدرة النظام المناعي للجسم!
يقوم الدكتور Robert Emmon وفريق البحث في جامعة كاليفورنيا بدراسة الفوائد الصحية للشكر، وقد وجد بنتيجة تجاربه على الطلاب أن الشكر يؤدي إلى السعادة وإلى استقرار الحالة العاطفية وإلى صحة نفسية وجسدية أفضل، فالطلاب الذين يمارسون الشكر كانوا أكثر تفاؤلاً وأكثر تمتعاً بالحياة ومناعتهم أفضل ضد الأمراض. وحتى إن مستوى النوم لديهم أفضل!
الشكر لعلاج المشاكل اليومية
يؤكد الباحثون في علم النفس أن الشكر له قوة هائلة في علاج المشاكل، لأن قدرتك على مواجهة الصعاب وحل المشاكل المستعصية تتعلق بمدى امتنانك وشكرك للآخرين على ما يقدمونه لك، ولذلك فإن المشاعر السلبية تقف حاجزاً بينك وبين النجاح، لأنها مثل الجدار الذي يحجب عنك الرؤيا الصادقة، ويجعلك تتقاعس على أداء أي عمل ناجح.
عندما تمارس عادة “الشكر” لمن يؤدي إليك معروفاً فإنك تعطي دفعة قوية من الطاقة لدماغك ليقوم بتقديم المزيد من الأعمال النافعة، لأن الدماغ مصمم ليقارن ويقلّد ويقتدي بالآخرين وبمن تثق بهم. ولذلك تحفز لديك القدرة على جذب الشكر لك من قبل الآخرين، وأسهل طريقة لتحقيق ذلك أن تقدم عملاً نافعاً لهم.
فن ممارسة الشكر
الاختصاصي “لي برو” مؤسس شركة تفعيل الطاقة لإحراز الثروة، ينصح بأن تمارس الشكر والامتنان باستمرار بل أن تقنع نفسك بذلك من خلال الكلام، أي لا يكفي الاعتقاد أو الامتنان إنما يجب أن تقول وتكتب ذلك على ورقة مثلاً: إنني سعيد جداً … لأنني أشكر الناس على معروفهم… وهذا الشكر سيقدم لي النجاح والإبداع.
ويقول هذا الخبير المتخصص بجمع الثروات اجعل الشكر عادة تمارسها كل صباح، أن تبدأ بشكر الله، ثم تشكر الناس خلال ممارسة أعمالك اليومية لكل عمل أو معروف يقدّم لك وخلال أيام قليلة ستشعر بقوة غريبة وجديدة من نوعها تسهل طريقة النجاح لك.
أما ما يخص الاشخاص الذين لا يتقنون فن الشكر والامتنان هم أشخاص تسيطر على حياتهم وعقولهم افكار سلبية لهذا لا يدركون قيمة ما يحدث حولهم من أمور إيجابيه فهم أسيرون لكل ما يحدث معهم من سلبيات.
وعدم تقديم الشكر يدل على الإنكار ويوصف بانه شخص ناكر للمعروف شاء أم أبى وهذا شخص لن يشعر بالسعادة لأنه لا يدرك قيمة ما يقدم له من خدمات معنوية أماديه فلابد أن نسعى لنشر ثقافة الشكر ونوجدها بين أفراد الأسرة أولاً كي تصبح (ثقافة أسرية) ثم ننشرها في المجتمع (ثقافة مجتمعية) وذلك بممارسة فن الشكر في المنزل وتعليمه لأفراد الأسرة إذا شعرنا بإهمالهم، هذا الجانب من خلال الأبوين ويكونوا قدوة صالحة في أقوالهم وسلوكياتهم وليس شرطاً أن يكون الشكر مادياً فتكفي كلمة جميلة أو ابتسامة صادقة كفيلة بتكرر هذا السلوك وذلك لما فيه من الاستحسان وما نعلمه لأبنائنا في الصغر سيكون أثره عظيماً في الكبر ونبدأ بشكر الله أولاً وأبداً على نعمه الجسيمة فبالشكر تدوم النعم وتدوم المحبة والعطاء بلا حدود.
للتواصل مع الكاتبة
hanan.hasan.k@hotmail.com