![د. عبدالرحيم الحدادي د. عبدالرحيم الحدادي](http://alkifahnews.com/wp-content/uploads/2021/04/0log.png)
الكفاح نيوز – بقلم نزهة الإدريسي المملكة المغربية .
الجسور هي الممرات التي تبنى فوق المناطق الوعرة كالمنخفضات او المسطحات المائية لتسهيل حركة الناس بينها او عبرها ليتم التواصل وتبادل المنافع بينهم وتكون اما داخلية او خارجية كوسيلة للربط بين الدولة و جيرانها او الربط بين القارات . وقد زادت أهميتها بمرور السنين وتطور الحياة والعلاقات الدولية و هذه الأخيرة أصبحت تلعب الدور الأكبر في مد هذه الجسور أو عرقلتها لما تمهد له من وضع افضل للدولة جغرافيا و سياسيا .
وقد تسابقت الدول و ماتزال على التفنن في بناء الجسور و تسخير إمكانيات هائلة من أجل انشاءها و إخراجها في اجمل صورة و متانة نظرا لما لها من منافع على كل الاصعدة : اقتصاديا وانسانيا وسياحيا و سياسيا و استراتيجيا . وتكمن أهميتها كذلك في التأريخ لمواقف سياسية رائدة او لتمتين عرى الاخوة والصداقة بين الدول او بين الشعوب ومن أشهر هذه الجسور : جسر السلام الأمريكي، جسر الصداقة الطاجيكية الأفغانية، جسر الملك عبد الله في فلسطين ، جسر الملك فهد ، جسر قطر والإمارات.
وهناك انواع أخرى من الجسور ذات الأهمية التاريخية و السياحية التي يتقاطر عليها اعداد هائلة من السياح والتي تذر على اوطانها مكاسب جمة مثل : جسر البوابة الذهبية ” غولدن غيت ” بسان فرانسيسكو، ” جسر البرج ” في لندن بريطانيا ، جسر” ميلو فيادوكت ” بفرنسا ، جسر ” سووكوي ” بالصين جسر ” ريالتو ” بالبندقية إيطاليا – وقد لعبت كل هذه الجسور ادوارا مهمة في تاريخ هذه الشعوب من حيث فك العزلة و الانتعاش الاقتصادي وجلب الزوار والسائحين و تمكينها من أخذ أدوار مهمة في الصراعات والقضايا السياسية الدولية .
وهناك جسور تربط بين الدول او القارات عبر اختراق التضاريس الوعرة او فوق المسطحات المائية ولهذه الجسور أهمية استراتيجية و سياسية خاصة اذ يمكن ان تتطلب توافقات دولية او على الاقل بين دولتي طرفي الجسر، هذا زيادة على تكلفتها الباهضة التي تتطلب مساهمات دولية احيانا و امد طويل في الإنجاز. ومن هذه الجسور التي تهم ربط القارات ، مشروع الربط القار بين المغرب افريقيا و أسبانيا اوروبيا والذي لم يعرف النور لحد الآن لأسباب تعود للجانب الاسباني ومن خلفه الأوروبي تتعلق بمدى فوائده وعائداته عليهم من مختلف الجوانب. كما مشروع الربط القار بين أفريقيا من جهة عبر جيبوتي ، و آسيا عبر اليمن فوق مضيق باب المندب هذا الجسر الذي تطوع احد رجال الأعمال البارزين من العرب للإيفاء بتكلفته الباهضة يخضع هو الآخر لمساومات سياسية معقدة خاصة وأنه في منطقة حيوية جدا لا تمتلك فيها كلا من جيبوتي و اليمن حق القرار .
جسر الملك سلمان الذي سيربط بإذن الله الأراضي المصرية بالأراضي السعودية ومن ثم قارة آسيا بقارة أفريقيا سوف يفوق كل الجسور أهمية من جميع النواحي: الاقتصادية، و الاجتماعية، و السياحية والسياسية.. على المدى القريب والبعيد، بل ويمكن ان يؤثر على التحالفات الدولية أيضا .
فالجسر من حيث الموقع هو بين دولتين عريقتين لهما وزنهما في المعادلات الدولية، تمتلكان كثل بشرية و كفاءات لا يستهان بها وتسهيل التواصل بينهما عبر الجسر سيسهل كثيرا تبادل و تكامل المصالح الاقتصادية، كما سيعزز عملية الجذب السياحي و الاستثمارات الدولية لكلا البلدين ( السعودية و مصر ) وخلفهما بلدان القارتين آسيا وافريقيا الغنيتين بالكفاءات العلمية مثل الصين واليابان، و الثروات الطبيعية المنتشرة في اغلب الدول الأفريقية ( الذهب والمعادن و الغاز الطبيعي والفوسفاط والذي تمتلك افريقيا اول احتياطي منه في العالم بالمغرب) وهذا الى جانب ما تمتلكه كلا من مصر والسعودية رائدتي المشروع من ثروات طبيعية و كفاءات علمية.. و حضارة إنسانية و روحية عميقة وعريقة ( العربية الإسلامية ، والمصرية الفرعونية)
اذن فهذا المشروع الرائد ” جسر الملك سلمان ” سيكون بإذن الله نقلة نوعية ليس فقط للبلدين، بل للقارتين الآسيوية و الإفريقية والعالم أجمع لأنه سيحطم موانع جغرافية تعرقل وتصعب حركة التنقل بين الشعوب ويمد جسرا للتواصل بينها وايفاء حقها في تبادل المنافع و بناء الحضارة الإنسانية الجامعة كما هو اصل الوجود وغاية خلق الله في أرضه .وهذا هو أرقى ما تصبو إليه الإنسانية اليوم التي ضاقت بالسدود والحدود و تكبيل الحريات في حق الحياة و صناعة الحضارات .
وفقكم ألله في بناء جسور المحبة والإخاء و الإنسانية ، والرقي بالعالم لما هو أفضل.
للتواصل مع الكاتبة argana_63@live.fr