يعرف المرء بجليسه ومن يقارن ويتخذه خليلا ونديما وصديقا ، فإن عرف عمن يجالسه الصلاح والاستقامة والتقوى تأثر به وسلك مسلكه وفعل أفعاله واستفاد منه ، وإن كان غير ذلك فإن سيؤثر فيه كذلك لكن تأثيره سيكون سلبيا مما يؤثر على مسيرة حياته . وقديما قيل : الصاحب ساحب.
وقيل : عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه – فكل قرين بالمقارن يقتدي.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال : (مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والسَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ: إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمَّا أنْ تَبْتاعَ منه، وإمَّا أنْ تَجِدَ منه رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ: إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً ) رواه البخاري.
ومن أعظم الصحبة أن تكون الصحبة محبة لله عز وجل ، فإن هذه العلاقة فيها من الأجر العظيم والخير العميم والصلاح الكثير . فالمتحابين في الله على منابر من نور عن يمين الرحمن ، كما روي ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ المتحابُّونَ في جلالي لَهُم مَنابرُ مِن نورٍ يغبطُهُمُ النَّبيُّونَ والشُّهداءُ ) رواه الترمذي . وقال تعالى : ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) الزخرف /67 ، وإن من لوازم الصحبة أن يصدق كل واحد منهم الآخر وأن تكون الصحبة منضبطة بضوابط الشريعة مبناها وأساسها مخافة الله عز وجل . وأن تقوم على تقوى الله عز وجل بكل ما تستوجبه التقوى من متطلبات : إن ضل أرشده ، وإن احتاج ساعده ، وإن تعثر أقاله وسانده ، وكلا القدمين يحمل بعضهما الآخر. فالصداقة الحقيقية هي أن ترى نفسك في صديقك ، تحب له ما تحب لنفسك ، فلا تتركه في ضلالة ، ولا تساعده في معصية ، ولا تسهل له سبل الغواية ، وتكون له حصنا حصينا من الشيطان وأعوانه من شياطين الإنس.
من أعظم السلامة للمجتمع الصحبة الأخيار فإن بهم تعمر الديار.
للتواصل مع الكاتب Fh.ks.1@hotmail.com