بسم الله، الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:فهذه سلسلة مقالات متنوعة تحت عنوان (قيد الخاطر)، أدون تحتها ما يعن لي من ترجمة لفكرة، أو إنشاء لخاطرة، أو تعقيب أو استدراك، أو غير ذلك مما يجول ويصول في الخاطر. وأسأل الله التوفيق والإعانة للجميع، وهذا أوان البدء.
١- غياب السياق الفعلي للأحداث؛ هو من أسباب الخطأ في الحكم عليها، ويا سعادة من احترز من الحكم على شيء لم يحط به خبرا، ويا شقاء من أطلق لسانه حاكما على كل شيء، وفي كل شيء، وهل يصنع ذلك إلا مجنون؟!
وما أكثر ما رأيت من هذا الصنف، ومعالجة الدنيا ومخالطة الناس تربي.
٢- أكثر بني الإنسان جبل على المكاثرة والتكثر، ولكل عصر سماته، حتى أصبحنا في عصر تسفه الأصاغر فيه الأكابر، وتعلو النواقص فيه على الفواضل، وكل يقول:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا..!
وإذا فحصت؛ لم تكد تجد راحلة، رجلا أو نصف رجل!
لم أكد أحفل بسوى رجل فعول غير متكثر، صدوق غير مكترث.
٣- كيف تنجو؟
بالصدق، وأن تعلم أنك في عصر خطاف ميال، فهنا بلاء الرجال، ولا ثبات إلا بالصدق، فلا غلو ولا انحلال، وأن الأقلين هم المكثرون يوم القيامة، فلا تستكثر من الدنيا على حساب الدين، وأن يكون الدين عندك أغلى من كل شيء، فتتمسك بالوحين، فتحيا حميدا، وتموت شهيدا.
٤- قلت لنفسي:
أرأيتي ما آلت إليه الأمور، مذاهب وفرق وطوائف، نحل وملل، أحزاب وجماعات وشيع، غلو وجفاء، شهوات وشبهات، فتن كقطع الليل المظلم، وهذه من سنن الله (التبديل والتصريف)، يبدل الأقوام كما يبدل الأعوام، لكن التمكين لعصبة الإيمان، وأهل القرآن، وانتظار الفرج عبادة.
٥- قلت لنفسي:
ما أسعدك لو نجوتي بإحسان، وعملتي بإتقان، وأرضيتي الرحمان.
وما أشقاك وأبعدك عن الهناء والصفاء والجنان لو أبيتي إلا أن تذلي بالحرمان، وتشقي بالقرءان، وتهتدي بالشيطان!
٦- أثبتت الأحداث، ودلل الواقع على برهان قرآني ساطع، ألا وهو (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) وهو (وما يعقلها إلا العالمون)، فالعقل كسائر الجوارح، لا يجوز مده إلى غير مداه، فينتهي به صاحبه إلى العطب ولا بد؛ بل يقاد بالشريعة، واستشارة ذوي العقول الرجيحة، والتريث خاصة في الملمات.
ولقد سمعت ورأيت – كما تسمعون وترون – أناسا حملوا عقولهم ما لم تحتمل، فأدخلوا أنوفهم فيما لا مدخل لهم فيه، ولا رتبة لهم تستوجب دخولهم فيه، ولا خصيصة فضل تقودهم لما هم خارجون عن التكليف به، فراموا شططا، وألقت بهم عقولهم في أودية من العطب ما تلفت بهم حياتهم، وكانوا قبل مشعل حياة!
إنني أرى أن من أوجب الواجبات وآكدها – خاصة في هذا الزمان المتقلب بقوة وكثرة -:أن يربى النشأ على العقل والعاطفة معا، فإذا استقل بالعقل؛ جف وجدانه، وإذا استفرد بالعاطفة؛ قل ذكاؤه “و العواطف عواصف”.
وأن ينشؤوا على العقيدة السنية السلفية الصافية، وحب الوطن ورجالاته المخلصين،وأن تنفخ فيهم روح الإباء والرجولية، والمعاني العالية الإسلامية، والاعتزاز بالعربية، وأن يدربوا على البحث العلمي، والقراءة الجادة والموسوعية، وأن يحفزوا للعمل الصالح الطيب المثمر، وأن يختار لهم من الأصدقاء ما يصدق عليه اسم الصديق، ويكون حقيقا بما نشؤوا عليه.
للتواصل مع الكاتب @Amhtr1414
Abdurrahmanalaufi@gmail.com