د. شيماء سراج عمارة
الصناعة والصادرات.. طريق واحد
للمصطلحات التنموية أوجه متعددة، تستهدف فى مجملها الارتقاء بالتنمية الاقتصادية للدولة، لتتنوع تلك المصطلحات وفقًا للمهام المطلوب إنجازها والعمل عليها، لتركز فى معظم الأوقات على تنمية الصادرات، وفى بعض الأحيان تتجه نحو تنمية الصناعات.
ويرجع الهدف الرئيسى من تنمية وزيادة الصادرات إلى الرغبة فى زيادة المتحصلات من النقد الأجنبى الواردة إلى الدولة كحصيلة من تلك الصادرات إلى الخارج، فتوافر النقد الأجنبى لدى الدولة يشكل عنصر قوة تجاه التعامل مع العالم الخارجى، فكلما ارتفعت قيمة الاحتياطى من النقد الأجنبى لدى الدولة تحسن وضعها فى إمكانية التعامل الخارجى، من خلال تزايد قدرتها على الوفاء باحتياجاتها الاستيرادية أو حاجات مواطنيها من النقد الأجنبى فى حالة السفر خارج البلاد لتلبية متطلباتهم المادية بالخارج، التى قد تكون بأهداف متنوعة مثل الترفيه أو العلاج أو التعليم.
وبالنظر إلى حصيلة الصادرات المصرية نجد أنها تأتى فى إطار 25 مليار دولار سنويًا إذا ما ركزنا على الصادرات السلعية غير البترولية، وإذا ما اهتممنا بمعرفة السلع التى نقوم بتصديرها لنحصل على هذا الرقم كحصيلة صادرات، سنجد أن نحو 70 % من صادراتنا تتركز فى سلع أولية الصنع أى مواد خام، أو سلع ذات مراحل تصنيعية غير مكتملة، لتتركز صادراتنا من المنتجات النهائية فى نحو 30% فقط من إجمالى صادراتنا، وتلك النسبة هى نسبة عكسية مع الواردات، بمعنى أن 70 % من وارداتنا تتركز فى المنتجات نهائية الصنع، فى حين يتركز استيراد ما يقترب من 30 % من إجمالى وارداتنا فى المواد الخام التى تدخل ضمن مراحل الإنتاج المختلفة.
لذا نجد أن وارداتنا تميل إلى الجانب الاستهلاكى كما أن صادراتنا لا تتمتع بدرجة كبيرة بزيادة القيمة المضافة أى مراحل الإنتاج المكتملة، وهو الأمر الذى ينعكس على عدم استيعاب العديد من فرص العمل التى كان يمكن أن يتم توفيرها فى حال زيادة مراحل الإنتاج الداخلية قبل التصدير، ليحتاج الأمر إلى رؤية شاملة، وإعادة هيكلة لكل الأطر المعنية بالاستيراد والتصدير والقطاعات الصناعية المختلفة.
وهو ما فطنت إليه الدولة المصرية، لينطلق برنامج الإصلاح الهيكلى، ليبدأ باستهداف عدد من القطاعات، ليتم الإعلان عن إعادة هيكلتها بصورة كاملة، وبما يخدم التوجهات الصناعية والتصديرية، لتستهدف الدولة من خلال التوجهات الإصلاحية الهيكلية العمل على توفير المزيد من فرص العمل، من خلال التركيز على التصنيع المحلى، والذى بدوره سيسهم فى زيادة مراحل الإنتاج لمختلف السلع المنتجة والمصدرة، وهو الأمر الذى سيوفر بدوره المزيد من فرص العمل، كما ستعمل الدولة على استغلال ما هو متوافر لديها من مواد خام، بالتوجه إلى زيادة مراحله التصنيعية بدلًا من تصديره فى صورته الأولية، وهو الأمر الذى سينعكس بالضرورة على متحصلاتنا من النقد الأجنبى لترتفع، وتعزز من مصادر قوتنا فى مواجهة العالم الخارجى، وبزيادة الإنتاج والقدرات التصديرية للسلع نهائية الصنع، سينعكس الأمر حتمًا على قوة العملة المحلية، والتى ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقوة الاقتصاد، فكلما ازدادت قوة الاقتصاد الداخلى، كلما انعكس مردوده على العملة المحلية للدولة.
لتبدأ الدولة المصرية عهدًا جديدًا من التوجهات الإصلاحية التى تعمل فى إطارها على توحيد الجهود التنموية، لتسير فى اتجاه واحد بعدما تفرقت توجهاتها بين طرقات التنمية المختلفة، ما بين تنمية الصادرات فترة من الزمن، واستهداف تنمية الصناعة فترة أخرى، ليحين الوقت ويأذن باستهداف كل من الصناعة والصادرات معًا، ليتحدا صوب طريق واحد، يستهدف تحقيق التنمية الاقتصادية للدولة المصرية، ومن ثم الانعكاس على جودة حياة المواطن المنشودة، بتوفير المزيد من فرص العمل اللائق والدخل المتوازن مع متطلبات الحياة، وبما ينعكس على تحقيق أهداف ورؤية مصر 2030 التى تستهدف الوصول إلى التنمية الشاملة والمتوازنة.