بقلم فاطمة شعراوي - مصر
فى وقت من الأوقات وتحديدا فى زمن الفن الجميل، كان الفنان عزيزا يظهر بشكل مناسب فى الأعمال الفنية وكان المشاهدون يشعرون باشتياق إليه بسبب قلة ظهوره فى البرامج والإعلانات والاكتفاء بالعمل الفنى ذى القيمة الذى يتواجد به الفنان مع جمهوره.الآن اختلف الوضع كثيرا ليصبح معظم الفنانين سلعة يستخدمها المعلنون فى إعلاناتهم بشتى الطرق فيظهر الفنان مرات عديدة فى الساعة الواحدة وبشكل سخيف وغريب وأحيانا بما لا يليق به وبقدره ومكانته لدى جمهوره الذى يحبه، والغريب أن بعض الفنانين ممن يتوغلون فى الظهور بالإعلانات، هم أيضًا لديهم أعمال فنية تليفزيونية وإذاعية.
مهما كان المقابل المجزى ماديا فإن القيمة الحقيقية هى أن يظل الفنان عزيزا ومتواجدا بشكل مناسب حتى لا يفقد بريقه.
الإعلانات لم تفسد متعة المشاهدة فقط ولكنها أيضا أفقدت النجوم بريقهم، وكنت أتمنى أن يستطيع الفنان ترشيد وجوده على الشاشات حتى لا يمل منه جمهوره، فما يحدث الآن ومنذ بدء أيام شهر رمضان الكريم من ظهور مكثف لفنانين نحبهم ونحترمهم بإعلانات يستمر عرضها على مدار اليوم وفى الساعة الواحدة عشرات المرات فهو يدعو إلى الملل والسأم بل والزهق.
أزمة الإعلانات لم تعد فقط بسبب طول مدتها وتغولها على الدراما وتشتيت ذهن المشاهد وعدم تركيزه فى العمل الدرامى، ولكنها انسحبت لتواجد الفنانين بشكل مفرط؛ مما ينسينا أحيانا هل الفنان فى مشهد بعمله الدرامى أم فى إعلان عن سلعة ما. بعد أن كان شهر رمضان الكريم هو أهم مواسم الدراما التليفزيونية، أصبح الآن أهم مواسم الإعلانات، وأصبحت الدراما مجرد فواصل بين الإعلانات التى طالت مدتها بشكل مستفز بعيدا عن أى قوانين وضوابط تحكم الإعلان.منذ أيام خرج المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ببيان يؤكد ضرورة التزام القنوات بضبط فترات الإعلانات التى تذاع أثناء عرض المسلسلات والتوقف عن الإسراف والتطويل الذى يفسد حق الجمهور فى المشاهدة والاستمتاع بالأعمال الدرامية، وحذر المجلس فى بيانه القنوات وأكد أنه سيتدخل لحماية المشاهدين، وهو أمر محمود من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
ونتمنى استكمال دوره فى هذا الاتجاه حماية لحقوق المشاهدين وعدم هروبهم من أمام شاشات التليفزيون، فما يحدث يعد قتلا للتليفزيون وللقنوات التليفزيونية التى هرب منها المشاهدون كبارا وصغارا إلى المنصات الدرامية وأدوات أخرى تعوضهم عن الشاشات التى أصبحت مصدرا للاستفزاز وحرق الدم وعدم احترام المشاهدين والاستهتار بهم.